شكل موسم الأمطار لهاته السنة استثناء كبيرا، كان له تأثير قوي على المغرب في عدة مستويات، ولعل الطبيعة المغربية والبيئة كانا من بين النقط التي تأثرت بشكل واضح امتدت لتشمل التنوع البيولوجي وخصوصيات الحيوانات التي تعيش أو تعبر المغرب أو تستقر فيها في بعض الفصول في انتظار هجرتها نحو مناطق التعشيش، لكن بعض الباحثين والمهتمين كشفوا عن وجود حالات استثنائية هاته السنة بالنسبة للطيور المهاجرة التي مازالت تقيم بمستنقعات المغرب، في حين أنه من المفترض هجرتها قبل أسابيع. توفر المروج المغربية الساحلية موطنا للطيور المهاجرة مثل البط الرخامي وطيور الغراء ذوات الرأس الأحمر وطيور النورس ذات السيقان الصفراء، وطيور نورس أودوين المعرضة للانقراض. وتشكل الطيور الأصلية مثل بوم المستنقعات وشحرور الصحراء ونقار الخشب، مصدر استهواء بالنسبة للعديد من مراقبي الطيور المهاجرة من الأوروبيين والمغاربة على حد سواء. كما أن المغرب يزخر بتنوع بيولوجي مهم خاصة بالنسبة للطيور بشقيها المقيم والمهاجر، وإذا كان القسم المقيم كالحسون المغربي «البارڤا»، وأبو منجل الأصلع الذي يتواجد فقط بالمغرب و ينحصر وجوده في الشواطئ الصخرية بمنطقة سوس، إضافة الى نقار الخشب وغراب الماء وغيرها. أما بالنسبة للطيور المهاجرة التي تتخذ من المغرب فضاء للعبور من افريقيا نحو أوربا في فصل الربيع، ومن أوربا إلى افريقيا في فصل الخريف، فقد انكبت دراسة أمريكية (Geglo Despres)، والتي تم إنجازها في 2003 بنواحي ابن سليمان، على التأكد من مدى تأثير التغيرات المناخية التي يعرفها العالم على مسار الطيور المهاجرة ومدة مكوثها في مناطق معينة. ولقد توصلت الدراسة إلى أن طائر أبو ملعقة، وهو من الطيور المهاجرة التي تقضي فترة الخريف والشتاء في المغرب قبل الرحيل نحو مناطق التعشيش بوسط وشرق أوربا، شوهد بإحدى البرك المائية بالقرب من الفضالات بإقليم ابن سليمان وذلك في شهر أبريل، مع العلم أنه كان من المفترض به الرحيل ابتداء من شهر فبراير. وحسب ما صرح به الباحث المغربي في علم الطيور، أو الأورنيطولوجيا، صلاح الدين أخبيب، فإن نفس الملاحظة تم تسجيلها بالنسبة لطائر النورس الأسود الرأس الذي يتردد عادة على البرك المائية في المغرب، حيث لا يزال يوجد بأعداد كبيرة، علما بأنه يقتات على الشراغيف وبعض الحشرات المائية الأخرى. وهو بدوره لم يرحل في الوقت المعهود نحو مناطق تعشيشه في غرب وشرق أوربا وفي المناطق الإسكندنافية وسيبيريا. الأمر الذي يرجح الفرضية التي قامت الدراسة على أساسها، حيث أضحى من الجلي أن ظاهرة الاحتباس الحراري أصبح لها تأثير على مدة مكوث الطيور المهاجرة في مناطق بعينها وبالتالي تأثير على التوازن البيئي في الفضاءات الطبيعية على اعتبار أن مكوث أسراب كبيرة من الطيور المهاجرة في منطقة يعني بالضرورة وفرة قوتها من الحشرات والديدان، وغيابها عن مناطق أخرى يعني غياب عامل التوازن المذكور، وهو ما يستدعي إنجاز دراسات موازية تسلط الضوء على تداعيات هذا الاضطراب في حركة أسراب الطيور المهاجرة، وتأثيرها على المجالين النباتي والحيواني.