ينطوي البند الخاص بوعد نتنياهو منع إيران من امتلاك سلاح نووي على تهديد واضح باللجوء للخيار العسكري لتدمير المنشآت النووية الإيرانية، إذا لم تنجح الوسائل السلمية والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها في وقف برنامجها النووي، أو- على الأقل- وقف تخصيب اليورانيوم الذي يستخدم في صناعة أسلحة نووية. وقد حكم نتنياهو- مقدماً- ببطلان هذا الشرط، حين قرر أن العقوبات الاقتصادية على إيران لم تنجح في ثنيها عن الاستمرار في برنامجها النووي، ما يعني- في نظر المراقبين- دعوة إسرائيل لشن هجمات عسكرية على المنشآت النووية، قبل أن يتمكن الإيرانيون من تصنيع سلاحهم النووي. والمعروف أن إيران قد تجاوزت خط العودة على هذا الصعيد، فلا أساليب الترهيب والترغيب التي اتبعتها الدول الأوروبية والولايات المتحدة أقنعتها بالتخلي عن برنامجها النووي، ولا العقوبات الاقتصادية الأحادية والأممية التي فرضت عليها نجحت في إقناع طهران بوقف تخصيب اليورانيوم. أضف إلى ذلك أن ما ساعد طهران على تجاوز العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها منذ قيام الثورة الإسلامية وحتى اللحظة، هو أن إنتاجها الصناعي والغذائي بات يغطي أكثر من 90% من احتياجاتها، الأمر الذي قلل من أهمية ذلك الحصار، إضافة للتقدم الكبير الذي أحرزه الإيرانيون في مجال الصناعات الحربية وبخاصة صناعة الصواريخ البلاستية مختلفة المدى. وهذا ما أقرت به إدارة أوباما حين غيَّرت من لهجتها في التعامل مع طهران، وحين تمنت على القيادة الإيرانية طي صفحة الماضي، والبدء في إقامة علاقات جديدة بين البلدين قائمة على الاحترام المتبادل بينهما. غير أن هذا التعارض الذي يحاول الإعلام الصهيوني أن يظهره بين سياسات الإسرائيليين والأمريكيين حول التعامل مع إيران بعامة وحيال البرنامج النووي الإيراني بصورة خاصة، لا يقنع أحداً من المراقبين وذلك لسببين: أولهما التقاطع الشديد في المصالح بين إسرائيل وأمريكا في المنطقة الذي يجعل من هذا التعارض أمراً غير منطقي، والثاني قناعة أمريكا والدول الأوروبية بأن الإسلام والعرب والمسلمين، يمثلون اليوم الخطر الحقيقي على الحضارة الغربية، وعلى وجود إسرائيل في المنطقة. وهنا نتساءل: ما سر الدعاية لهذا التعارض؟ .. هل هو تعارض حقيقي أم مفتعل؟ .. وهل ما تعلنه الصحافة الغربية والإسرائيلية عن أن نتنياهو مصمم على توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية- قبل أن تتمكن طهران من تصنيع سلاح نووي- يتمتع بصدقية لا يطالها الشك؟!. نعلم مقدماً أن ثمة تيارات فكرية في المنطقة لا يمكن أن تصدق ما يخلص إليه المراقب للأحداث في المنطقة من نتائج، وأخطرها أن إيران- كدولة إسلامية تتمتع بموقع جيوستراتيجي متميز وبقدرات عسكرية لا يستهان بها- أصبحت تمثل- في نظر الغرب وإسرائيل- خطراً داهما على مصالحهم في المنطقة، فضلاً عن استهداف إيران المتزايد لوجود الكيان العبري في المنطقة. لذلك فإن وعد نتنياهو بعدم السماح لإيران بتصنيع سلاح نووي مهما كان الثمن، يصبح في حكم اليقين، ما لم ينجح المجتمع الدولي في إقناع طهران بالتخلي عن طموحاتها في حيازة أسلحة نووية، أو ما لم يحدث انقلاب في طهران يطيح بالنظام الإسلامي فيها، ويقلب سياسة إيران نحو الغرب وإسرائيل رأساً على عقب. وليس من شك أن الترجمة المؤكدة لهذا الوعد، هي قيام إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية، ما لم يتم تفعيل أي من البدائل السابقة قبل توصل إيران لتصنيع قنبلة نووية. عن محيط