ما الذي يجري بين المغرب واسبانيا ؟ هل القضايا التي طفت على السطح في الاسابيع الاخيرة ابتداء من الحرب التي اعلنها مزارعو الاندلس على المنتجات الفلاحية المغربية الى طرد اربع مبشرات اسبانيات اتهمهن المغرب بممارسة التنصير مرورا بطرد مدير المخابرات الاسبانية في الناضور وتسريب تقرير البرلمان الأوروبي حول الصحراء....هل تعتبر مجرد حوادث طريق عادية تعترض العلاقات الثنائية بين بلدين جارين يحكمهما ارث تاريخي ومصالح مشتركة ،أم مؤشرات على أزمة جديدة قادمة ؟ قضايا عديدة من هذا القبيل ، تسارعت إلى العلن بشكل غير مسبوق ، في وقت تصر الدوائر الرسمية ، سواء في الرباط أو مدريد ، على أن العلاقات بين البلدين ممتازة ، ولم تتأثر بكل هذه الحوادث ، على الأقل لحدود الآن ، مما يطرح العديد من الأسئلة ، حول الجهات التي تعمل على الدفع بالبلدين إلى التصادم مجددا ، ومدى مقدرة مسؤولي الرباطومدريد على التحكم في مسار هذه التطورات ، وهو ما يؤكد مرة أخرى ، أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا ، ستبقى كما كانت في الماضي ، كتابا مفتوحا .....على كل الاحتمالات . في هذا الملف جرد لمختلف القضايا التي طفت على السطح بين البلدين . حرب على المنتوجات الفلاحية المغربية أم على المغرب ؟ صعداللوبي الفلاحي الاسباني في الأسابيع الأخيرة من لهجته اتجاه المغرب ، معتبرا أنه يقوم بإغراق الأسواق الأوروبية بمنتجاته الفلاحية وعلى رأسها الطماطم ، وأنه يتجاوز الحصص التي تسمح بها اتفاقية الشراكة المغربية الأوروبية وبسعر أرخص . كما هاجم هذا اللوبي المقاولات الاسبانية والفرنسية التي تعمل في المغرب بهذا المجال متهما إياها بعدم مراعاة مصالح المزارعين الاسبان، وخصوصا بألميرية ومورسيا في إقليم الأندلس ، دون أن يستثني الحكومة الاسبانية التي اتهمها بمهادنة المغرب على حساب المزارعين الاسبان . وفي الوقت الذي تجري بين المغرب والاتحاد الأوروبي مفاوضات تهدف إلى تحيين الاتفاقية التجارية بين الطرفين حتى تستجيب للوضع المتقدم الذي منحه الاتحاد الأوروبي لبلادنا ، وضع هذا اللوبي كهدف له ، عرقلة هذه المفاوضات معتبرا أن من شأنها أن تضر بمصالحه ، خصوصا أنه يتوقع أن تسمح للمغرب بتصدير كميات أكبر مما هو مسموح له به حاليا وبأسعار غير قابلة للمنافسة ، مهددا بحرب جديدة ضد كافة المنتجات الفلاحية المغربية ، بما في ذلك اعتراضها بالموانئ ، قبل وصولها إلى المستهلك ، كما حدث في مناسبات سابقة . ورغم أن المغرب نفى أن يكون قد أخل ببنود الاتفاقية التجارية الحالية وتشديده على أنه يحترم الحصص المتفق على تصديرها ، إلا أن مختلف المؤشرات تؤكد على قرب نشوب « حرب فلاحية » جديدة تستهدف الصادرات المغربية ، بقيادة اللوبي الفلاحي الاسباني الذي يضغط بقوة على حكومة ثاباطيرو لتستعمل « الفيتو» ضد الاتفاقية التجارية التي يتم التفاوض بشأنها طبقا للقرار الذي بموجبه تم منح المغرب وضعا متقدما في شراكته مع الاتحاد الأوروبي. بل هناك من استغل هذه القضية لشن هجوم شرس على المغرب ومؤسساته مما يؤشر على أن الأمر يتعدى مجرد خلاف على كميات الطماطم التي يصدرها المغرب الى الاتحاد الأوروبي. التسلح...تعاون وحذر منذ طي صفحة النزاع بين البلدين بشأن جزيرة ليلى المغربية ، التي كادت أن تتحول إلى مواجهة مسلحة ، سعت مدريدوالرباط إلى تجنب أي نزاع مماثل ، والالتزام بحل أي خلاف بالطرق الدبلوماسية ، كما حدث خلال زيارة العاهل الاسباني لسبتة ومليلية المحتلتين ، حيث رد المغرب على ذلك باستدعاء سفيره في مدريد لعدة أشهر . ومن المعلوم أن هناك تعاونا عسكريا قائما بين البلدين منذ عدة سنوات ، ويتجلى ذلك في المناورات العسكرية المشتركة التي تجرى سنويا ، كما أن المغرب يعتبر أحد أهم زبائن إسبانيا في مجال التسلح ، وأخر الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين ، تلك التي تمت في 2007 بقيمة 200 مليون أورو. غير أن ذلك لم يمنع من حالة التوجس القائمة بين الطرفين ، وهو وضع يعتبره العديد من المتتبعين عاديا بالنظر إلى الجوار والمخلفات التاريخية والملفات العالقة بين الطرفين ، وعلى رأسها سبتة ومليلية المحتلتين . فقبل أربعة أشهر أعلن في إسبانيا عن تمكين الحرس المدني الإسباني من واحدة من أحدث طائرات الاستطلاع التي ستخصص لمراقبة السواحل المغربية بالاضافة إلى موريطانيا السينغال والرأس الأخضر ، وذلك انطلاقا من جزر الكاناري ، وذكرت مصادر رسمية إسبانية أن الطائرة المتوفرة على معدات تكنولوجية جد متطورة ستتكلف بمراقبة نشاط مافيا الهجرة السرية وتهريب المخدرات. غير أن اقتصار عمليات المراقبة المتطورة التي تسمح بها هذه الطائرة على محاربة الهجرة السرية وتهريب المخدرات ، سؤال يطرح نفسه بشدة ، خصوصا أن مشاركة وزارة الدفاع في المشروع وإشراف قيادات بالجيش الاسباني عليه يوسع من دائرة هذه المراقبة ليشمل ربما مجالات أخرى تتعلق بالأمن الداخلي للدول المستهدفة . ولا يقتصر الأمر على ذلك ، ففي نونبر الماضي ، أكدت مصادر اعلامية اسبانية أن المخابرات الاسبانية تتابع عن كثب تسليح الجيش المغربي ، واضعة نصب أعينها احتمال قيام مواجهة مسلحة بين البلدين مستقبلا وذلك على إثر اقتناء المغرب لفرقاطة « فريم » التي تعتبر من أحدث ما أنتجته الصناعة الحربية الفرنسية ، وينضاف إلى ذلك قرار وزيرة الدفاع الاسبانية ، كارمي شاكون ، بإرسال 350 من الجنود والضباط إلى سبتة ومليلية، لينضافوا إلى حوالي ثلاثة آلاف من العسكريين المتواجدين في المدينتين المغربيتين المحتلتين ، معلنة أن هذا القرار ترجمة لالتزام حكومتها بمستقبل المدينتين المحتلتين وردا على الانباء التي تم تداولها قبل عدة أشهر حول عزم حكومة ثاباطيرو تخفيض عدد الجنود والضباط في سبتة ومليلية كمقدمة لاتفاق سري مع الرباط لتصفية الاستعمار الاسباني للمدينتين المغربيتين. تسريب لمصلحة من ؟ في يناير الماضي ، قام وفد من البرلمان الأوروبي ، يضم نوابا من إسبانيا ، بزيارة إلى الأقاليم الصحراوية وتندوف للوقوف على حقيقة الأوضاع هناك ، حيث أجرى اتصالات مع مختلف المسؤولين والفعاليات ، على أن يعد تقريرا حول زيارته . غير أنه في منتصف مارس ، وقبل أن يتم إقرار المسودة النهائية للتقرير ، نشرت صحيفة « إيل باييس» التقرير قبل اقراره النهائي ، وقراءة لمراسلها في المغرب حول الموضوع . وقد ظهر جليا أن تسريب المسودة الأولى من التقرير تم من خلال النواب الاسبان ، وهو ما أثار حفيظة الرباط ، التي اعتبرت ذلك عملا غير أخلاقي يستهدف الإساءة إلى المغرب ، مستغربة أن يأتي هذا التصرف من جهات إسبانية في الوقت الذي تتخذ مدريد موقفا إيجابيا من تطورات النزاع المفتعل حول الصحراء . رئيس الوفد ، وهو من قبرص أدان بدوره نشر المسودة الأولى من التقرير ، قبل تعديله واعتماده رسميا. وتنضاف هذه الواقعة ، إلى العديد من المواقف التي تتخذها جهات إسبانية ضد المغرب بشكل مجاني ، خصوصا عندما يتعلق الموضوع بالنزاع المفتعل حول الصحراء ، بما في ذلك فتح مختلف القنوات الإعلامية أمام الانفصاليين وعدم منح نفس المساحة للمغرب ورأيه حول الموضوع . المخابرات مع مطلع هذا الشهر طفت على السطح قضية مدير المخابرات الاسبانية في الناضور ، الذي اعتبر المغرب أنه شخص غير مرغوب فيه ، وهو ما يعني ضرورة مغادرته التراب الوطني فورا . وحسب وسائل الإعلام الإسبانية ، فإن جهاز المخابرات بالجار الشمالي ، طلب من عميله بالناضور مغادرة المغر ب بدون تأخير ، مضيفة أن هذا القرار جاء امتثالا لطلب من الرباط ، وأنه في انتظار استكمال إجراءات المغادرة ، عليه أن يكف عن أي نشاط استخباراتي، مبررة ذلك بأن المغاربة لا يستطيعون تحمل وجوده أكثر، رغم أن هذا الأخير حاول تمديد فترة تواجده بالمغرب لمدة ثلاثة أشهر حتى يتمكن أبناؤه من إتمام دراستهم . وحسب بعض وسائل الإعلام في الجار الشمالي ، فإن طرد العميل الاسباني قد تكون له علاقة بحملة الاعتقالات التي طالت العديد من مهربي الحشيش في الشمال المغربي ، والناظور بالخصوص ، وما أعقب ذلك من اعتقال ناشط حقوقي بالمنطقة واتهامه بتلقي أموال من الخارج ، غير أن المخابرات الاسبانية ، حسب نفس المصادر ، نفت أن تكون قد مولت أية جهة مغربية على علاقة بهذا الملف . وقد شكل هذا الحدث مادة دسمة لعدد من وسائل الإعلام الإسبانية ، التي اتهمت المغرب باستهداف إسبانيا بمبرر ودون مبرر ، كما أنه أثار الانتباه لملف آخر ، ظل الشذ والجذب حوله بعيدا عن وسائل الإعلام ، ويتعلق الأمر بالنشاط المخابراتي. فالمغرب يعتبر من أهم الدول التي تنشط بها الاستخبارات الاسبانية ، وغالبا ما يتم ذلك تحت غطاء دبلوماسي ، حيث يكونون ملحقين سواء بالسفارة الاسبانية بالرباط أو بالقنصليات الست في المغرب ، رغم أنهم معروفون ومراقبون عن كثب من طرف نظرائهم المغاربة . وتبرر مصادر إسبانية التواجد المكثف لمخابرات الجار الشمالي في المغرب ، بالأهمية التي يمثلها على مختلف الأصعدة بالإضافة إلى مراقبة نشاطات الجماعات الأصولية المغربية وامتداداتها داخل إسبانيا . كما أن المخابرات المغربية تنشط بشكل كبير في إسبانيا ، بالنظر إلى طبيعة العلاقات بين الطرفين ، ووجود جالية مغربية مهمة مع ما ارتبط ذلك بتنامي خلايا الارهابيين الذين ينشطون بين الضفتين، فعدد من المتهمين في تفجيرات 16 ماي ، والرؤوس المدبرة على خصوصا ، تم استقطابهم وتكوينهم فوق التراب الاسباني ، دون أن ننسى أن أغلبية المتهمين بتفجيرات مدريد مغاربة . وإذا كان تحدى الخلايا الارهابية ، فرض على مخابرات البلدين تكثيف التعاون لمواجهة هذا التهديد المشترك ، إلا أن ذلك لم يمنع من » مواجهات« تطفو على السطح بين الفينة والأخرى . قضية رفاييل مارشانتي مازالت تفاعلات القرار الذي اتخدته وزارة الاتصال عدم تجديد اعتماد المصور الصحافي الاسباني رفاييل مارشانتي مستمرة ، حيث تسعى جهات إسبانية إلى نقل القضية إلى المستوى الدبلوماسي ومساءلة العلاقات الامغربية الاسبانية خصوصا في هذه الأيام . ومعلوم أن مارشانتي يعمل كمصور لدى وكالة رويترز للأنباء ، وهي بريطانية ، وقد عللت وزارة الاتصال قرارها بسبب «تصرفه كخصم سياسي تحت مظلة الامتياز الصحافي»، إضافة إلى أنه لا يعمل حصرياً لحساب الوكالة المذكورة، وإنما لحساب مؤسسات صحافية أخرى ، دون إخبار الوزارة بذلك» وجددت وزارة الاتصال استعدادها لاعتماد ترشيح جديد تقترحه وكالة «رويترز» للعمل بالمغرب، طبقاً للمقتضيات القانونية والتنظيمية التي يتم وفقها اعتماد أكثر من مائة صحافي أجنبي بالمغرب، يمارسون مهامهم بكل حرية، حسب بيان للوزارة. وفي محاولة منه لخلق أزمة ديبلوماسية بين بلاده والمغرب ، حاول مارتشانتي كما صرح بذلك الاتصال أكثر من مرة بالسفارة الاسبانية في الرباط لحملها على اتخاذ موقف حاسم من «رفض منحه بطاقة الاعتماد»، زاعما أن القرار المغربي يكتسي صبغة سياسية. لكن السفارة- حسب روايته- لم تحرك ساكنا . وقد جعلت العديد من وسائل الإعلام الإسبانية من قضية مارشانتي مناسبة للهجوم على المغرب ، وفتح ملفات لا علاقة لها بالموضوع مثل القرار الذي اتخدته السلطات المغربية القاضي بإبعاد خمسة مبشرين خارج التراب الوطني, كانوا قد قدموا من الخارج ، بينهم أربعة إسبانيات ، حيث أفاد بلاغ لوزارة الداخلية أنه تم إيقاف هؤلاء الأشخاص خلال عقدهم اجتماعا للتبشير كان يحضره مواطنون مغاربة ، مضيفا أنه تم حجز العديد من الوسائل الدعائية التبشيرية بمكان انعقاد الاجتماع من ضمنها كتب وأشرطة فيديو باللغة العربية، وأدوات طقوسية أخرى. المغرب يرفض استهداف مهاجريه تعتبر التصريحات الرسمية الاسبانية ، أن المغرب يبذل مجهودات حقيقية للحد من تدفق المهاجرين السريين إلى الجار الشمالي ، سواء تعلق الأمر بالمهاجرين المغاربة أو القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء ، وهو ما يترجم الالتزامات التي عبر عنها المغرب للمساهمة في الحد من هذه الظاهرة . غير أن تعامل السلطات الاسبانية مع المهاجرين المغاربة المتواجدين هناك ، لم يرق دائما للرباط ، التي تطالب بضرورة احترام حقوق هؤلاء المهاجرين وكرامتهم ، سواء كانوا مقيمين بصفة قانونية أو سريين . وآخر فصول هذا المسلسل ، المذكرة التي وجهتها وزارة الداخلية الاسبانية إلى مفوضيات الشرطة بمختلف الأقاليم للقيام بحملة اعتقالات تستهدف الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية وعلى رأسهم المغاربة ، مبررة ذلك بأن ترحيل المغاربة إلى بلدهم أقل تكلفة مقارنة مع المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أمريكا اللاتينية مثلا . والمثير في هذه القرارات التي كشفتها وسائل الإعلام الإسبانية أنها حددت عددا معينا للمهاجرين السريين الذين يجب اعتقالهم كل أسبوع داخل النفوذ الترابي لكل مفوضية شرطة ، وفي حال عدم تمكنها من ذلك ، يجب على رجال الشرطة استكمال هذا العدد حتى لو تطلب الأمر البحت عنهم خارج نفوذهم الترابي . وفي هذا الإطار اشتكى العديد من المواطنين المغاربة من سوء المعاملة التي يتعرضون لها ونقلت وسائل الإعلام عن البعض منهم أنهم تعرضوا إلى التعذيب في مفوضيات الشرطة ، مما أدى إلى احتجاج السفير المغربي بمدريد عمر عزيمان ضد استهداف المهاجرين المغاربة بهذا الأسلوب المنافي للقوانين ولحقوق الانسان . وبعد أيام من ذلك سيظهر وزير الداخلية الاسباني ، ألفريدو روبالكابا أمام برلمان بلاده ليعلن أنه وجه مذكرة إلى مختلف مصالح الشرطة يمنع من خلالها اللجوء أي تحديد رقم محدد لعدد المهاجرين السريين الذين يجب اعتقالهم داخل النفوذ الترابي لكل مفوضية شرطة أو استهداف جالية بعينها . ويعيش في إسبانيا حوالي 650 ألف مهاجر مغربي في وضعية قانونية بالإضافة إلى حوالي 100 ألف مهاجر سري. الماضي الاستعماري أرخى الماضي الاستعماري الاسباني للمغرب بظلاله أيضا على التجاذبات الأخيرة بين البلدين ، وعادت الجرائم التي ارتكبت ضد سكان الريف لتحتل حيزا هاما في هذا المضمار خصوصا أن إسبانيا الرسمية تسعى جاهدة إلى تحييد هذا الملف وعدم العودة إليه ، عكس ما فعلت بعض الدول الأوروبية . وفي هذا الإطار يسعى المنتدي المغربي الإسباني للذاكرة المشتركة والمستقبل إلى تحسيس الفاعلين السياسيين بالبلدين إلى ضرورة فتح صفحة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال الحقبة الاستعمارية وذلك في إطار مقاربة متعددة الاختصاصات من أجل بناء مشترك للحقيقة والمستقبل المشترك ، وقد أثمرت جهوده ، تنظيم بعض الندوات بحضور فعاليات مغربية وإسبانية تناولت ، بالوثائق ، العديد من الحقائق التي لا تروق لصناع القرار في الجار الشمالي . ومن قبيل ذلك ضرب العديد من مناطق الريف بالسلاح الكيماوي ، وإشراك عشرات الآلاف من المغاربة ، بينهم آلاف من الأطفال القاصرين ، في الحرب الأهلية الإسبانية . وأدى هذا المجهود أيضا إلى تحرك جهات إسبانية ، مطالبة مدريد بضرورة اعترافها بمسؤليتها عن الجرائم التي ارتكبت في هذه الحقبة وتعويض الضحايا وذويهم عن الأضرار التي لحقت بهم . بدوره أعلن رئيس مجلس النواب المغربي ، مصطفى المنصوري ، أن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأسه عازم على فتح ملف ضحايا الأسلحة الكيماوية التي استعملتها قوات الاحتلال الإسباني ضد سكان منطقة الريف خلال فترة المقاومة ضد الاستعمار، موضحا في ندوة صحافية بطنجة الاسبوع الماضي أن إسبانيا مدعوة في هذا الإطار إلى حذو إيطاليا ، في اعتذارها للشعب الليبي، وحذو فرنسا في تقديمها تعويضات لضحايا تجاربها النووية. ويتوقع أن تشهد مدريد في 18 أبريل تنظيم ندوة ستتطرق إلى المعاناة التي تعرض لها عشرات الألاف من المغاربة ، ومنهم العديد من الأطفال دون الثانية عشر ، والذين زج بهم قسرا في الحرب الأهلية الإسبانية ، 1936 - 1939 ، ليتم رميهم إلى سلة المهملات بعد نهاية الحرب ، ناهيك عن الآلاف من الذين قضوا خلال المعارك التي كانوا يتقدمون خلالها صفوف مقاتلي اليمين بزعامة الجنرال فرانكو . وبالاضافة إلى إصرار مدريد على عدم فتح ملف سبتة ومليلية والجزر المحتلة ، تعتبر ملفات الماضي المشترك ، جزءا من التجاذب المستمر بين الطرفين مما يعرقل حسب مختلف المتتبعين إمكانية الرقي بالعلاقات الثنائية إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية ، ويجعلها بين الحين والآخر عرضة للاهتزاز .