ما الذي يمكن به تأويل الكلام الذي أطلقه الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة، محمد عبو، بنشرة الأخبار التلفزية الرئيسية بالقناة الأولى ليلة الإثنين الماضي، حين أعلن عن قرار الحكومة تعميم الاقتطاع بالنسبة للمضربين عن العمل في جميع القطاعات العمومية والجماعات المحلية، والذي قال فيه بالحرف: «إن الحكومة لجأت إلى اتخاذ هذا القرار، دفاعا عن حق المواطنين في الاستفادة من التمدرس والتطبيب وقضاء جميع مصالحهم»؟!.. ذلك أن تصريحا من هذا النوع لم يسبق قط أن أطلقه مسؤول حكومي أمام حركة إضراب لنقابات مسؤولة ببلادنا، لأن فيه منطقا للتخوين لا يمكن التجاوز عنه. لأن النقاش القانوني والسياسي والحقوقي، الذي يثيره حق الإضراب، الذي يضمنه الدستور كحق مشروع للشغيلة المغربية للدفاع عن حقوقها وحماية مكتسباتها، لم يحدث قط أن سمح مسؤول سياسي وحكومي، بأن يعطيه هذا البعد الذي سمح السيد محمد عبو لنفسه بإعطائه إياه. فهو تأويل تصعيدي خطير، من الناحية السياسية والقانونية، يذهب في اتجاه تحميل النقابات ( وهي تمارس حقها الدستوري في الدفاع عن حقوق العمال والموظفين والأجراء ) مسؤولية تعطيل مصالح المغاربة في التمدرس والتطبيب وقضاء جميع المصالح، والحال أن النقابات تعتبر أن من يعطل تلك المصالح هي الحكومة من خلال رفضها لحوار مسؤول ومنتج وفعال، وليس مجرد لقاءات أمام كاميرات التلفزيون، لتسجيل المطالب. وإذا كان مبدأ الاقتطاع المعمول به في العديد من الدول، موضوع نقاش نقابي وحقوقي، فإن ما يثير الإستغراب حقا، هو الإجتهاد الذي سمح الوزير عبو بإعطائه للإضراب الوطني الذي دعت إليه المركزيات النقابية المغربية وضمنها الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أمس الثلاثاء، مما يفتح الباب للتساؤل: هل هو اجتهاد شخصي للوزير أم أنه تأويل جديد ، وغير مسبوق من نوعه، للحكومة؟ وفي حال كان الأمر مرتبطا بموقف حكومي، فإنه يترجم تصعيدا ستكون له تبعاته بالنسبة للجسم النقابي والحقوقي بالمغرب لأن النقاش سيذهب في اتجاه تخوين كل حركة للإضراب، تمارس من خلالها المركزيات حقها في الدفاع عن المطالب الملحة للشغيلة المغربية.