سيكون هذا طلبا مفاجئا للكثير من الناس، لأن هذه القناة احتلت مكانة كبيرة في السنين الأخيرة في المشهد الإعلامي العربي واستطاعت أن تكسب شعبية أيضا بما تتوفر عليه من وسائل ومراسلين وأموال... ولكن أنا كمغربي وجدت في الجزيرة قناة غريبة الأطوار، تخبرنا كثيرا وتهزأ منا كثيرا وإليكم الأسباب: أولا: موقف الجزيرة من قضية وحدتنا الترابية: تطلع علينا هذه القناة دائما بخريطة مغربية مبتورة في جنوبها وتقتص منها أقاليمنا الجنوبية التي بذل المغاربة ملوكا وشعبا وهيآت سياسية وحكومات، الغالي والنفيس لاسترجاعها و إقامة نهضة شاملة بها في مختلف الميادين. إن بتر الصحراء من خريطة المغرب هو موقف عدائي لوحدتنا الترابية لا يقل عن موقف وسائل الإعلام في الجزائر أو في أي دولة معادية لوحدة المغرب. ثانيا: برامج الجزيرة حول المغرب: إن ما يستغرب له الإنسان هو أن هذه القناة ظلت تنتج عن المغرب برامج ومراسلات تنم عن حقد غريب، فهي تستجوب أشخاصا وتتيح الكلمة لأفراد في مواضيع تنير الطائفية العرقية والمذهبية والتطرف الديني بالمغرب، إضافة إلى تغطية فيها الكذب والزور لبعض الأحداث مثل ما وقع بسيدي إفني، فكيف يمكن أن تمر خطابات تدعو الى التطرف الديني والعرقي والمذهبي تحت شعار «الرأي والرأي الآخر» أو «بلا حدود« أو «زيارة خاصة» أو... والمتتبع لبرام هذه القناة يخرج باستنتاج غريب: فلا تنمية بالمغرب ولا ديمقراطية ولا حرية صحافة ولا حقوق الإنسان، فلا حديث عن الأوراش المفتوحة في هذا البلد والنهضة التي يعرفها في مختلف الميادين بقيادة جلالة الملك و الجهود المبذولة من طرف حكومات التناوب، مثل تجهيز العالم القروي وإنشاء البنيات التحتية وتطوير القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وذلك رغم العراقيل والصعوبات التي يعانيها بلدنا. فليس في المغرب، حسب هذه القناة سوى دور الصفيح ومحاكمة السلفيين أو على حد تعبيرها «ما يسمى بالإرهاب»وكأن ما يقع على يد المتطرفين ليس إرهابا حقيقيا وإنما يتم تسميته كذلك ولا نعرف ما هو الاسم الذي تختاره هذه القناة (طبعا سيكون إرهابا إذا وقع شيء من هذا القبيل في قطر!!!). ثالثا: موقف الجزيرة من القضايا العربية: سأذكر أحداث قريبة، فمثلا في الهجوم الإسرائيلي على لبنان والحرب مع حزب الله في صيف 2006 قامت القناة بتغطية شاملة و بينت هول الدمار الذي أصاب لبنان ودافعت عن حزب الله وكانت تغطي المظاهرات التي يتم فيها سب وشتم الأنظمة العربية طولا وغرضا (إلا نظام قطر المجيدة طبعا) وكأن هولاء المتظاهرون لا يعلمون أو لأن الجزيرة لم تعلمهم أن قطر تربطها علاقة مع اسرائيل!!! وبالنسبة للمشكل الفلسطيني، نحن نحيي كل الفلسطينيين الذين يدافعون عن بلدهم، حسب اخياراتهم سوآء كانوا من حماس أو من فتح أو فصائل أخرى، ونتمنى لهم التفاهم والتآخي حتى ترفع المعاناة عن ذلك الشعب الصامد. لكن قناة الجزيرة غطت الحرب الأخيرة على غزة بتحيز غير مسبوق لحماس وبإقصاء ممنهج للسلطة الفلسطينية، ورغم انتهاء الحرب، نجد على موقع الجزيرة للانترنيت استفتاءات غريبة مثل: هل تريد أن تذهب المساعدات لإعادة اعمار غزة للسلطة أم لحماس/ وأيضا هل تساند قيام تنظيم بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية؟ يا ترى هل يمكن لاستفتاءات كهذه أن تخدم القضية الفلسطينية؟ أم أن تزيد تشرذمها، ومن المستفيد من ذلك؟؟؟ وخلال الحرب على غزة أوردت قناة العربية خبرا عن فتوى المرجع الديني الإيراني بمنع الايرانيين من الجهاد لصالح غزة، والغريب أن قناة الجزيرة لم تذكر إطلاقا هذا الخبر وحتى لم تنفه، أليس هذا من عجائب الجزيرة السبع! وخلال مؤتمر الدوحة، غطت القناة المذكورة على زيادة الشرخ العربي والانقسام الفلسطيني، والغريب دائما أنها أوردت علي لسان وزير خارجية قطر أنه كان بامكانه أن يحصل على تصريح بخروج محمود عباس من الضفة!!! هذا لغز يجب أن تشرحه للمواطن العربي والمسلم. وكختام لهذه الفترة، إليكم تصنيف قناة الجزيرة للدول العربية اثناء الحرب على غزة: كل من له علاقة من الدول العربية باسرائيل ويدعو للتطبيع فهو خائن من الخونة والمستسلمين،وقطر لها علاقة باسرائيل وتمارس التطبيع، فهي من المقاومين والمجاهدين! (وهذا مزيد من العجائب!). وأخيرا إن فتح قناة الجزيرة أبواقها للكثيرين لسب وشتم الأنظمة العربية يمينا وشمالا يجعلني أشعر بالاستغراب وبالحيرة، والأهم هو الغيرة على بلدي (ولا شأن لي بالبلدان الأخرى)، فالمغرب عريق بتاريخه ويفتخر بثقافته ونظامه السياسي الذي يتطور يوما عن يوم، وبنهضته الشاملة وإصلاحاته المتواصلة رغم الصعوبات وكيد الكائدين وحسد الحاسدين، فأنا لن أصنف هنا النظام القطري كما تفعل قناة الجزيرة مع مختلف الأنظمة العربية، ولكن ألح علي هذه القناة أن تقوم بهذا التصنيف؟ وللحديث بقايا و بقية ونظرا لأن هذه القناة تمطرقنا يوميا بأخبار الأممالمتحدة حول الانتخابات و الديمقراطية والديكتاتورية والمظاهرات وحقوق الإنسان والثورات، وما لا يخطر على بال، وحتى بأخبار الأحجار في المريخ، فإننا ننتظر منها أن تناقش في برامجها الغزيرة والجمة المواضيع التالية: - الديمقراطية وطريقة انتقال الحكم في قطر - حقوق الإنسان وحرية التعبير في قطر - الانتخابات البرلمانية والمحلية في قطر - شق الصف الفلسطيني والعربي في قمة الدوحة في قطر - القواعد الأمريكية في قطر ودورها في الحرب على العراق - تأخر قطر في تجميد العلاقات مع اسرائيل رغم الحرب على لبنان والمآسي التي عاشتها غزة أثناء الحصار. وإنا لمنتظرون.