شكل التأخر في تسليم أندية المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة لمستحقاتها من النقل التلفزي، الحدث بامتياز الذي هيمن على نقاشات مكونات المشهد الكروي الوطني طيلة الأيام الماضية. هذه المستحقات التي كان من المفروض أن تتوصل أندية كرة القدم بالدفعة الأولى منها في شهر شتنبر الماضي، لاتزال تائهة بين ردهات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وبين مكاتب قناة «آرتي»، إذ تنتظر جامعة الكرة الإفراج عن هذه المستحقات من طرف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، هذه الأخيرة تتلكأ بمبرر عدم توصلها هي الأخرى بما تم الاتفاق عليه بينها وبين «آرتي»! وبين هذا وذاك، تضيع حقوق الأندية الوطنية التي انتفض بعض مسؤوليها في الآونة الأخيرة، مطالبين بتوضيح الأمور، ومعبرين عن احتجاج قوي تجاه وضع غامض تحولت فيه الأندية من ركيزة أساسية انبنى عليها الاتفاق المبرم بين الشركة المغربية للإذاعة والتلفزة وبين «آرتي»، والخاص بترويج وتسويق المنتوج الكروي لها، إلى ضحية لتباين مواقف الطرفين المتعاقدين، و«تطاحنهما» بخصوص تضارب مصالحهما التجارية الصرفة! فمن المعلوم، أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة كانت قد تدخلت قبل موسمين، لتنتزع دور المخاطب الرسمي مع قناة «آرتي» التي كانت قد قدمت عرضا كبيرا وصلت قيمته ل 12 مليار سنتيم، للحصول على حقوق بث مباريات بطولة المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة. وقام مسؤولوها بالتفاوض بشأن إبرام عقد بين الطرفين يتم بموجبه منح الحق لكلاهما وفق برنامج متفق عليه، وعلى أساس استغلال وسائل الشركة المغربية التقنية والبشرية، مقابل غلاف مالي قيمته 7 ملايير سنتيم. سارت الأمور إذن على ذلك المنوال، في الموسم الماضي، لتنتفض قناة «آرتي» مع بداية هذا الموسم، رافضة صرف الغلاف المالي المتفق عليه، تحت تبريرات مرتبطة أساسا بغياب احترام بنود العقد المبرم بين الطرفين، كما احتجت على تخلف المستوى التقني في نقل المباريات، وضعف التعليق الصحفي المواكب لها. إلى جانب مطالبتها للشركة المغربية بتسديد بعض الديون المتأخرة، ومنها مثلا مستحقات نقل نهائيات كأس العالم للشبان بهولندا، وبعض المباريات الدولية، بالإضافة إلى مبلغ مليار سنتيم تدين به قناة «آرتي» للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، منذ موسم 2004/ 2005، حين كانت قد انتزعت حقوق البث مقابل 5ملايير سنتيم، واتفقت مع التلفزة المغربية على توزيع حق بث لقاءي الديربي البيضاوي بين الوداد والرجاء، لتكتشف أن التلفزة المغربية قد قامت بنقل لقاء الإياب من الديربي «الخاص» بآرتي، أرضيا، مخالفة العقد المتفق عليه، لتطالب بتنفيذ الشرط الجزائي الذي كان يتحدد في مبلغ مليار سنتيم يؤديه الطرف المخل بالعقد! هذا «التشابك» بين الطرفين، حول النقاش إلى نزاع «تجاري» بين المؤسستين التلفزيتين، نتج عنه تأخر في صرف الغلاف المالي المتفق عليه، كما نتجت عنه، كما يؤكد ذلك بعض المتتبعين، «هزيمة» لموقف الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة التي فشلت في مفاوضاتها مع قناة « آرتي» مؤكدة عدم نجاعة ممثليها وعدم قدرتهم على مجاراة «احترافية» مفاوضي «آرتي»! وأمام الغضب الشديد الذي بدأت شراراته تطفو على السطح من طرف الأندية الوطنية، بادر رئيس المجموعة الوطنية لكرة القدم النخبة إلى التدخل كوسيط بين الجهتين المتنازعتين، وذلك لتقريب وجهات النظر، وللوصول إلى حلول تخدم مصالح كل المكونات، خاصة الأندية الوطنية التي تاهت حقوقها بين «ضعف» ممثلي الشركة الوطنية للاذاعة والتلفزة في كل المحطات التفاوضية، وبين «ذكاء» ممثلي قناة «آرتي» وتفوقهم في ذلك!