تحول الجانب الأقصى من بهو المغادرة المحاذي للقاعة الشرفية لمطار محمد الخامس بعد زوال أول أمس الخميس إلى جزء مصغر من شارع كبير بمدينة الدارالبيضاء ضم العشرات من المواطنين المغاربة الذين توافدوا منذ الصباح لاستقبال أعضاء الوفد البرلماني المغربي، القادم من غزة بعد زيارة تضامنية، بشعارات التضامن مع الشعب الفلسطيني. دقائق بعد أن لامست عجلات طائرة الخطوط المغربية أرضية مطار قادمة من القاهرة، كانت السعدية السعدي، ممثلة الفريق الاشتراكي بالبرلمان ضمن الوفد البرلماني المغربي التضامني مع غزة، تسترجع ما تخزن لديها من مشاهدات لفظاعة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. فعلى امتداد يومين ونصف وقف الوفد البرلماني المغربي التضامني، وهو أول وفد برلماني عربي إسلامي ودولي حل بغزة بعد إعلان الهدنة، على حجم الدمار الذي يعجز اللسان عن وصفه، والذي لحق بمختلف مناطق القطاع إثر العدوان الإسرائيلي الأخير. بالرغم من تعب السعدي، بعد رحلة مكوكية إلى غزة، لم تتوان في إبلاغ المغاربة رسالة الشعب الفلسطيني المستعجلة: «عدنا محملين برسالة من أهل غزة يطلبون فيها العمل على فك الحصار عنهم». كما ذكرتنا برسالة المغاربة إلى الشعب الفلسطيني أيضا حين قالت : «لقد توجهنا إلى غزة الجريحة حاملين رسالة تضامن الشعب المغربي بكل أطيافه مع الشعب الفلسطيني». يومان ونصف كانت كافية، تقول السعدي، ليلامس الوفد المغربي حجم الدمار الذي ألحقته الآلة العسكرية الاسرائيلية للكيان الصهيوني بالبنى التحتية والإنسان الفلسطيني، التي جعلته يعيش ظروفا صعبة جدا. قالت السعدي، التي لم تسترجع بعد أنفاسها من رحلة التضامن والمساندة هاته التي وصفها أعضاء الوفد المغربي البرلماني ب«مسيرة الوصل والتضامن بين الرباطوغزة»، وأضافت «إن ما شهدناه هو أسمى تجسيد للدمار وحرب إبادة جماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة وكذلك طمس لكل المعالم الحضارية وللوجود الفلسطيني في القطاع». وتتابع السعدي، لقد قمنا بزيارة ميدانية للمناطق المتضررة في غزة، وخاصة في شمال القطاع (بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين) ووقفنا على حجم الدمار .. مئات البيوت دكت دكا، وعشرات المدارس هدمت وعشرات المساجد قصفت والتي نجت لم تنجا صوامعها من قنابل الطيران العسكري الاسرائيلي. بالموازاة، وقف الوفد على حجم الدمار الذي لحق مجمع الوزارات ومقرات الشرطة. بمقابل هذا الدمار تواصل السعدي: «لم تنل الآلة العسكرية الإسرائيلية من معنويات الشعب الفلسطينيالعالية بكل مكوناته.. لقد وقفنا على صمود منقطع النظير لسكان غزة الذين ثمنوا عاليا جهود المغرب على كل المستويات». هذه المكونات عبرت أيضا للوفد المغربي عن تشبثها بالمقاومة الفلسطينية والاستمرار في النضال لطرد الاحتلال الاسرائيلي. وتخللت الرحلة التضامنية هاته، تقول السعدي، زيارة أعضاء الوفد لأسر بعض الشهداء الذين سقطوا خلال الهجوم الاسرائيلي الغاشم على القطاع، وعبر لهم الوفد عن مشاعر المواساة والتضامن. كان الهواء الطلق مكانا فرضته ظروف الدمار لعقد أعضاء الوفد البرلماني المغربي جلسة عمل مع أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. فعوض مقر المجلس التشريعي الذي هدمه القصف الإسرائيلي كان اللقاء في خيمة بين مخلفات الدمار وآثار الجرافات الإسرائيلية. السعدي أشارت إلى أن اللقاء كان مع كل الفصائل المكونة للطيف السياسي في غزة، باستثناء الإخوة في حركة «فتح»، وقالت ربما تكون الحرب ومخلفاتها سببا في ذلك. لقدد كانت زيارة الوفد المغربي البرلماني التضامنية حلقة وصل بين الدعم الرسمي المغربي، الذي اتخذ صيغة البعثات الطبية وتقديم المساعدات ونصرة القضية الفلسطينية في كل المحافل الدولية والدعم الشعبي الذي اتخذ صيغ المسيرات التضامنية في كل المدن المغربية..، لقد كان ذلك اسمى تعبير للتضامن مع الشعب الفلسطيني يقدمه الطيف السياسي المغربي. الوفد البرلماني المغربي التضامني الذي قاد «مسيرة الرباطغزة التضامنية»، يعد الوفد الأول من نوعه في العالم العربي والإسلامي يزور القطاع بعد العدوان الاسرائيلي. غير أن هذه المبادرة المتفردة لم تلق الاستقبال الجيد من قبل السلطات المصرية. فأعضاء الوفد تقول السعدي «ذاقوا أيضا مرارة الحصار في معبر رفح وتقاسمنا، بتأخير مصر لمرورنا الى القطاع، الشعور بوقع الحصار على الغزويين». وتضيف « أما الإخوة في مصر فتعاملهم لم يكن في مستوى أرض الكنانة ولم يقدموا لنا تبريرات التأخير التي نجهل أسبابه». نقل الوفد البرلماني المغربي التضامني أن وفودا أخرى عانت الحصار المصري أيضا، والتأخير للمرور الى قطاع غزة، الى الحد الذي يضطر فيه صحافيون وأعضاء وفود أخرى إلى اختيار طرق غير طريق معبر رفح للمرور الى القطاع، ومنهم من اختاروا الانفاق والمرور زحفا على بطونهم للوصول إلى القطاع للتعبير عن تضامنهم مع ضحايا التنكيل الاسرائيلي. عاد الوفد المغربي، الذي يتكون، إضافة للفريق الاشتراكي، من فريق التجمع والمعاصرة وفريق العدالة والتنمية والفريق الحركي والفريق الدستوري وفريق تحالف القوى التقدمية والديمقراطية، وفي ذهنه صور الدمار الاسرائيلي وصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة سينقلها إلى المغاربة من خلال ندوة صحفية الأربعاء المقبل. كما سيواصل جهوده على مستوى البرلمان لنصرة القضية الفلسطينية و الدعوة لدعم وحدة الصف الفلسطيني وفك الحصار عن أهل فلسطين.