زوال يوم 14 يوليوز من عام 2004 هوت آلة رفع من ورشة بناء طابق ثان لأحد المنازل بحي متشفسان بخنيفرة، على رأس أحد المواطنين الذي أسرعت سيارة تابعة للوقاية المدنية إلى نقله في حالة جد حرجة وغيبوبة تامة نحو المستشفى الإقليمي لتلقي الإسعافات الضرورية، وتبين من خلال تشخيص الحالة أن المواطن المعني بالأمر قد أصيب إثر الحادث بكسر على مستوى جمجمته من الجهة الخلفية وآخر برجله، وكذا بحروق خطيرة سببها وقوع محرك آلة الرفع أثناء الحادث ليشتعل نارا نتيجة اشتغاله بالبنزين، وهذه الرافعة في ملكية مقاول معروف بالمدينة، ومنذ ذلك الحين لايزال الضحية إلى حدود الساعة متمسكا بالنصائح الطبية التي تلزمه بالخضوع للعلاج وتناول الأدوية بانتظام! وإذا كان الجميع قد تحدث بإيمان كبير عن الرعاية الإلهية التي جعلت الضحية، مصطفى مُغليف، ينجو بأعجوبة، فإن الضحية لم يتوقف عن فضح «تلاعبات» طبعت مسطرة الحادث على يد ضابط شرطة بخنيفرة (س.م) كان قد تكلف بإنجاز المحضر المرقم تحت عدد 329/ج ج بتاريخ 31 غشت 2004، ويتضمن تصريحات الضحية رغم أن هذا الأخير كان في غيبوبة لأكثر من خمسة أيام تثبتها الشهادات الطبية، وفق ما حصلت عليه «الاتحاد الاشتراكي»، وتم إثرها نقله إلى أحد مستشفيات مكناس، ومنه إلى المستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط حيث تم إخضاعه لعملية جراحية، والمثير للاستغراب والذهول أن المحضر، حسب شكاية في الموضوع، حمل بصمة الضحية بطريقة ساهمت في تأكيد وجود شبهات وراء القضية، ومن بين الأسئلة التي طرحت بإلحاح أيضا: كيف تم «رقن» المحضر بالآلة الكاتبة إذا ما تم إنجازه داخل سيارة الإسعاف؟، مما يعني أن الأمر تم «طبخه» وراء الكواليس أو تحت سقف مخفر الشرطة، وأن البصمة المعلومة تمت من خلال «استغلال» إبهام الضحية في البصم على بياض، بدليل أن مساحة صفحة المحضر لم تكف الضابط المتهم لإتمام الأقوال المنسوبة إلى الضحية فأخذ في تكديس السطور إلى أن اضطر للكتابة فوق البصمة الموضوعة قبل ميلاد المحضر، وكان الضحية مصطفى مغليف قد لاحظ آثار حبر أحمر على رأس إبهامه وقت عودته من الغيبوبة، وتساءل دونما جواب أو لم يعط للأمر أهمية من حيث لم يكن مستواه المعرفي يعتقد أن لعنة «التلاعبات» يمكنها أن تطال المبادئ الإنسانية والمساطر القانونية. وبينما لا وجود مطلقا لما يثبت أن «مؤلف المحضر» قد حمل معه الآلة الكاتبة إلى المستشفى أو رافق المعني بالأمر إلى الدائرة الأمنية، اكتفى هذا الأخير بالإشارة إلى أن الضحية مصاب بكسر بسيط بالرجل رغم معاناة الضحية من كسر الجمجمة ومن آثار الحروق، ولم يجر في شأن ذلك أي بحث أو تحقيق، حسب الضحية، إلى جانب ما لوحظ من أخطاء في كل شيء، بما فيها معلومات البطاقة الوطنية للضحية، وعدم استبعاد وجود «بيع وشراء» مع المقاول صاحب الرافعة، بحسب الضحية، فهناك احتمال وجود نية تفادي انكشاف عدم تأمين الرافعة ذات محرك للدفع التلقائي، والأدهى أن الحادثة لم يعلم بها أو لم يحضرها أي شخص من السلطات المعنية، وبعد انفجار الفضيحة حاولت سلطات المقاطعة الحضرية إنجاز محضر ولو في غير وقته، فقط من باب التأهب لما يمكن أن ينجم عنه تجديد البحث في ملف القضية، شأنها في ذلك شأن السلطات الأمنية (في شخص رئيسها السابق) التي أعربت لعائلة الضحية عن استعدادها لتحرير محضر ثان إلا أن العائلة تحفظت بصدد الأمر ما دام ملف القضية أمام القضاء، ورئيس المنطقة الأمنية الجديد يمكنه أن يتفهم الموضوع انطلاقا من جديته وصرامته المعروفة. وفي ذات السياق، لم يكن منتظرا أن تلقى القضية الحفظ المؤقت لدى استئنافية مكناس، الأمر الذي حمل الضحية إلى تقديم طلب لأجل إخراجها من هذا الحفظ بهدف فتح ما يلزم من التحقيقات في كل حيثيات وملابسات ملفها، وتم إخراجها بالفعل وراء انزعاج شديد من جانب المتهمين بالتورط المباشر أو بالمساعدة في حفظ القضية، وكان الوكيل العام لدى استئنافية مكناس قد اهتم بملف القضية، إلا أن هذا الملف يكون قد تعرض «لمناورات» على يد أياد معلومة في أجواء غير طبيعية ستنكشف خيوطها لا محالة!