من الضروري التساؤل اليوم لصالح من تغييب الحِوار بين اليساريين و الإسلاميين داخل الجامعة المغربية ؟ هل غياب هذا الحوار قد أفاد اليساريين فحققوا مكاسب حقيقية للطلبة و الجامعة المغربية ؟ ألم يرهن الصراع - داخل أوساط الشباب المغربي طوال عقدين تقريبا خارج المنطق الديمقراطي، أفاق المستقبل السياسي ببلادنا و ذلك بسبب تعميقه للقطيعة بين فئتين من المسؤولين و القياديين السياسيين و الحزبيين المقبلين؟ هل من الضروري أن تأتي المبادرة الديمقراطية من الآخر؟ كيف ذلك و نحن نعتقد في لا ديمقراطيته. هل سننتظر استعادة قوة مفقودة فنتجاوز الآخر و نضعه أمام الأمر الواقع .من جهة أخرى نطرح نفس الأسئلة على التيارات الشبابية للحركة الإسلامية. ماذا جنت الجامعة المغربية و الشباب عموما من هذا التطاحن خارج المنطق الديمقراطي؟ وماذا جنت تنظيماتهم الشبابية نفسها. هل فعلا تمكنت من تأطير الطلبة و دمجهم الفعلي في حركة قوية للإنتاج المعرفي و العلمي؟ أم أن الحصيلة السياسية وحدها تعنيهم في كل هذا ؟ إذا كان الربح السياسي هو كل المبتغى، فلا شك من أن المردود على المجتمع ككل لن يكون في صالح أحد بما في ذلك الحركات الإسلامية نفسها. ألا تجرنا هذه السلسلة من التساؤلات إلى المناطق التي تحبل بالإقصاء و العنف المنفلت؟ هل حقا أن بيننا و بين التيارات الإسلامية أو على الأقل تلك التي تمارس الآن في إطار الشرعية دم الشهيد عمر بنجلون؟ إذا كان الأمر كذلك فماذا عن دم الشهيد المهدي بنبركة؟ و ماذا عن دماء العشرات من الاتحاديين و المغاربة التي سالت طيلة سنوات الجمر و الرصاص؟ و فق هذا المنطق أي تصور لليسار عن المصالحة و الإنصاف؟ لا يعني كل هذا الذي ذكرناه مجاملة الطرف الآخر أو التنازل عن قناعاتنا الديمقراطية الحادثية ؟ أبدا، كل ما في الأمر أن عدم التنكر لإشكاليات الواقع الملموس هي جزء من شروط إعادة البناء الفكري و الثقافي و السياسي لليسار ببلادنا. شرط ضروري للانتقال إلى يسار المجتمع بالفعل لا بالتوهم. من جهة أخرى الحوار الديمقراطي مستعصي كذلك مع بعض تيارات اليسار الجدري، هنا لا نبرٍّر القطيعة معهم بمقولة «لا حوار ديمقراطي مع أعداء الديمقراطية و كأننا نتقاسم معهم حقيقة القناعة الديمقراطية.إننا نجد أسبابا سياسية و اديولوجية نجملها في كونهم متطرفين أو غير وطنيين. إن المنهجية المقترحة للحوارت في أوساط الشباب واحدة و يجب تطبيقها مع الجميع.إننا مطالبون بتنظيم حوار حقيقي كذلك مع كل التيارات اليسارية التي تخترق الحركة الشبابية المغربية. هذه القضايا و غيرها كثير مطروحة للنقاش الجاد و الرصين، إذا كنا حقا قد عقدنا العزم على تمكين بلادنا من حركة شبابية حية و منتجة. و إذا نحن قررنا فعلا جعل الحزب على يسار المجتمع و الدولة. 6 - يبدو من الأفكار و الرؤى التي صغناها لحد الآن أن علينا تحديد نظرتنا لقضايا الشباب المغربي و مسألة ترتيبها. من الصعوبات التي واجهت الحزب في المراحل السابقة و لم يوليها الأهمية المطلوبة مسألة الازدواجية التنظيمية للشباب الاتحادي.ما هو المبرر الحقيقي لوجود تنظيم للشبيبة الاتحادية مع وجود مجموعة كبيرة من الجمعيات التي يتحرك فيها الشباب الاتحادي بقوة لدرجة أن الجميع كان يعتبرها جمعيات اتحادية.ولم ينكب الحزب على التفكير و معالجة هذه الازدواجية. تكمن خطورة هذه الازدواجية في أن الحزب لم يع جيدا أهمية وجود حركة شبابية مغربية مستقلة بذاتها و اختلط عليه الأمر بين هذه الحاجة المجتمعية و حاجة الحزب لتواجد يبدو له ضروري وسط الشباب عن طرق انتشار غير مضبوط لتنظيمه الحزبي الخاص، أي الشبيبة الاتحادية.عدم الإدراك الواضح للمسألة الشبابية أفرز التذبذب في الصيغ التنظيمية، وضعية تفاقمت مع الانتقال التدريجي و المستمر للخلافات و الصراعات الحزبية إلى داخل التنظيم الشبابي الاتحادي. كل التساؤلات و مقترحات الإجابة الواردة أعلاه تحتاج إلى أن يجعل الحزب من بين أولوياته الفعلية سياسيا و تنظيميا فئة الشباب.و هو ما يجب أن يترجم عمليا من خلال إحداث بنيات تنظيمية حزبية و ليس شبابية مركزيا و جهويا للسهر على التنفيذ الفعلي للتوجهات الجديدة في مجال الشباب.و كذلك تطوير بنيات للحوار و التواصل بين الشباب الاتحادي داخل التنظيمات الحزبية بكل مستوياتها. يتطلب الاستمرار في مناقشة الأشكال التنظيمية للشبيبة الاتحادية تناول المسألة التنظيمية الحزبية في شموليتها بما في ذلك تصور الحزب للمجتمع المدني و العلاقة التي يجب أن تربطه به. هذا ما سنقوم بطرحه في مساهمة مقبلة قريبة. لكن لن يمنعنا ذلك من تقديم بعض التوجهات. 7 - أي صيغة تنظيمية للشباب الحزبي؟ الرجوع لما طرحناه في الفقرات 3-4-5 و 6 يمكن أن يشكل الإطار العام للتوجه داخل الحركة الشبابية ككل. و هو لا يجيب عن تساؤل أساسي:هل الحزب بحاجة إلى قطاع شبابي؟ بكل تأكيد نعم الحزب بحاجة إلى قطاع شبابي. لكن ما هو الشكل التنظيمي المطلوب؟ منذ تأسيس الشبيبة الاتحادية سنة 1975 تم نقل الشكل التنظيمي الحزبي للشبيبة، المؤتمر الوطني،اللجنة المركزية،المجلس الإقليمي،مجالس الفروع، القطاعات التلاميذية و الطلابية و العمالية ....مما أدى عمليا ليس فقط لتدريب الشباب على الحياة التنظيمية الحزبية واكتساب الدربة و المهارة، بل وفر عمليا بنية تنظيمية موازية للتنظيم الحزبي ما فتئت توظف في الصراع الداخلي للحزب، إما ببذل كل الجهد لعرقلة أعمال المؤسسات الشبيبية أو لمعاكسة المقرارات الحزبية.لكن الصراعات لم تتوقف داخل الشبيبة، بل انتقل الصراع إلى الجمعيات الشبابية غير الحزبية و هذا دليل ليس فقط على استفحال الخلاف الحزبي، بل دليل على عجز الحزب على وضع تصور سليم للمسألة الشبابية ببلادنا. هذا العجز أدى في الأخير إلى فشل تدريجي للشبيبة الاتحادية في مسايرة التحولات و الميولات الجديدة التي بدأت تبرز في أوساط الشباب المغربي، سواء على مستوى الأفراد أو التنظيمات. إن التنظيم الشبابي المقبل لا بد و أن تتوفر فيه جملة من الشروط . - اللامركزية أو الجهوية ما معنى في الوقت الحالي إقحام التلاميذ في بنيات تنظيمية وطنية أقل ما تفرض عليهم السفر بعيدا لحضور اجتماع تنظيمي، هم الذين لا استقلالية لهم بتاتا .فالكثير من الشباب بحاجة إلى رخص أوليائهم للتغيب و السفر و بالطبع هم بحاجة إلى كامل دعمهم المالي.من الطبيعي جدا أن لا تتوفر لهم مثل هذه الظروف.أما وضع الإناث فهو أكثر تعقيدا في هذه الحال.هل نتصور فعلا سفر تلميذة بمرحلة الثانوي الإعدادي لتتوجه من العيون إلى الرباط لحضور اجتماع للجنة تنسيق وطنية للقطاع التلاميذي؟ كذلك ربما تحت ضغط التطورات السياسية و متطلباتها أقحم الشباب في خلافات و صراعات ليست ذات أية أولوية بالنسبة لهم. سواء لجهة الصراعات الداخلية أو لجهة الصراعات مع باقي التيارات الاديلوجية و السياسية. - القرب نعني بذلك القرب عند تحديد القضايا و الأولويات و المهام التي ستطرح على التنظيم الشبابي فما هي المشاكل التي يواجهونها داخل شبكة المؤسسات الاجتماعية التي يتحركون داخلها من أسرة وحي و مدرسة و جمعية مع التركيز على أن هذه المقاربة لا تعني أبدا إغلاق أفق هذا الشباب وحصره في حدود ضيقة مصطنعة. كل ما في الأمر أن الانفتاح يجب أن يراعي مستويات النمو العقلي و النفسي و العاطفي، بل و الجسدي و كذلك درجة استقلال هؤلاء الشباب، فلا يعقل حشر تلميذ بالإعدادي مع طالب جامعي في نفس الأنشطة و البنيات التنظيمية بدعوى وحدة التنظيم. - الإختيار المؤسسي و الموضوعاتي الامركزية و القرب يفرضان تعدد التنظيمات الشبيبية التي يجب أن تتأسس على معطيات مؤسساتية أو موضوعاتية مثلا جمعية جهوية لتلامذة الإعدادي و أخرى لشباب الثانويات التأهيلية وأخرى على مستوى المركز الجامعي، ثم جمعيات موسيقة أو مسرحية أو سينمائية أو للإنترنيت .... هذه بعض الأفكار التي نتمنى أن يتناولها الشباب فيما بينهم بالنقاش الجاد. لكن ليس الشباب فقط، بل لا بد لكل الأجهزة الحزبية أن تنكب على هذه الإشكالية فمستقبل البلاد رهين بالحلول التي سنقدمها للمسألة الشبابية ببلادنا.