«الله يكون في عون المحتاجين والفقراء»، وخاصة عندما تأتيهم، في لحظة ما، المصائب من كل جهة، ولعل من أصعب الحالات التي تضاعف من حدة أزمة الانسان النفسية والمادية، وتجعله أسيرأزمته، أن تتجمع الإعاقة المزدوجة: الإعاقة الذهنية، وإعاقة الصمم والبكَم، فضلا عن الفقرالمدقع، لدى الكثير من الأسر المغربية التي يتقاسم معظمها هذه المشاكل المادية والصحية والنفسية. هناك أسر ميسورة، لم تستطع أحيانا، رغم توفرها على إمكانيات مادية لشراء الأدوية وإجراء مختلف الفحوصات، التغلب على حالات الإعاقة الذهنية التي تشل حركة الأطفال والأشخاص، وتجعلهم طريحي الفراش، فبالأحرى الأسرالفقيرة المعوزة التي تصارع يوميا من أجل لقمةالعيش، حيث تجد نفسها مطوقة بالمعيشي اليومي، وبالأدوية الباهظة الثمن. ولعل حالة الطفلة المعاقة ذهنيا هدى كَركَاب ذات السنوات الثلاث لا تشد على هذه الحالة، حيث شكلت برفقة أبيها الأصم الأبكم نموذجا للأسرالتي تعاني يوميا من تداعيات الإعاقة، خاصة فيما يتعلق أساسا بمصاريف شهرية تستلزمها الأدوية المختلفة، مع العلم أن المعاق ذهنيا، ولا سيما الطفل، معرض لمختلف الأمراض العارضة، مثل الزكام والحمى وغيرها، نظرا لهشاشة جسمه وضعفه، مما يجعله أقل مناعة دون بقية الأطفال. لاتتحرك وتمشي وتتكلم الأم، وكما حكت للجريدة، تعاني الأمرين، من جراء إعاقتين رزئت بهما الأسرة، وهي على كل حال «شيء مقدر، ولا يسعنا إلا أن نصبرعلى ما قدرعلينا» تقول زهرة أعلا العاملة عون خدمة بثانوية بدرالتأهيلية ببنسركَاو بأكَادير. «إننا نعاني من ضيق ذات اليد من جهة ثانية ومن الأمراض الكثيرة التي تعاني منها الطفلة الصغيرة هدى التي لاتتحرك إطلاقا ولا تمشي، ولا تتكلم إلى حد الآن، بسبب إعاقتها الذهنية، التي أرجعها الأطباء المختصون الذين فحصوها إلى نقص في الدماغ من الجانب الأيسر، وعدم نشاط عرقين برأسها، مما شل حركتها نهائيا وجعلها طريحة الفراش منذ ولادتها». رفض تسجيلها «ليس لدي من يساعدني في محنتي تضيف الزم زهرة فأضطرلآخذ طفلتي معي يوميا إلى عملي كعونة بثانوية بدر، وأتنقل بها يوميا في حافلات النقل العمومي شتاء وصيفا، لأرعاها وأقدم لها الأكل والدواء، خاصة أن مركزالترويض الخاص بالمعاقين بالدشيرة الجهادية بعمالة إنزكَان أيت ملول، رفض هو الآخرتسجيلها بالمركز، بدعوى أنها لم تبلغ بعد خمس سنوات، رغم أنني أديت مستحقات التأمين السنوي 300 درهم. لقد طرقت أبواب الجمعيات لإحتضانها وراسلت المسؤولين لتقديم مساعدات وإعانات لها، لكن للأسف،لم أجد آذانا صاغية، لا من ناحية إيجاد عمل لزوجي العاطل ولا للحصول على عربة خاصة للمعاقين. الدواء بالكريدي تواصل زهرة كلامها، عن حالة الأسرة الاجتماعية: «إنني لا أقوى على شراء الأدوية إلا بالكريدي من الصيدلية المجاورة بعد أن تفهم صاحبها مشكورا وضعيتنا الفقيرة، لأن ما أ تقاضاه شهريا 900 درهم كعونة من وزارة التعليم، لا يكفينا لتغطية مصاريف البيت والماء والكهرباء والتنقل اليومي من البيت بالدشيرة إلى مقرعملي ببنسركَاو». الزوج المعاق هو الآخر أبكم وأصم، عاطل عن العمل، يذهب مرات إلى ميناء أكَادير، للبحث عن عمل مؤقت، يساعد أحيانا تجارالسمك، مقابل دريهمات، تقول الزوجة، وأحيانا بل كثيرا ما يرجع خاوي الوفاض، وهو معرض على الدوام لمرض الروماتيزم ووجع في الظهرمن جراء عمله المؤقت بالميناء الذي لايتناسب وحالته الصحية». فصوحات بالدارالبيضاء أوالرباط حسب ما نصح به ثلاثة الأطباء بأكَادير وإنزكَان، والذين زارتهم الأم، على الأسرة أن تتنقل إلى الدارالبيضاء أوالرباط لإجراء فحوصات بالسكانير للكشف عن الإعاقة على مستوى الدماغ والرأس، إلا أن الأسرة عاجزة عن ذلك نظرا لفقرها، فحتى الأجرة التي تتقاضاها الأم من وزارة التعليم قد توقفت عنها لعدة شهور في انتظارترسيمها كعونة مصلحة، وبالتالي فكل ما تعيش به هومن الإعانات. والتنقل إلى الدارالبيضاء والرباط، يحتاج إلى مصاريف لإجراء الفحوصات بالسكانير وشراء الأدوية، فضلاعن مصاريف التنقل والأكل والمبيت، «الله يكون في عوننا» تقول الأم بحسرة وهي تسترسل في كلامها الذي لايخلو من نبرة الألم والمعاناة، لما تكابده الطفلة الصغيرة المعاقة والطريحة الفراش من إعاقة ذهنية جعلتها لا تتكلم، وتمشي وتأكل بيديها ولاتقضي حاجتها بنفسها مثل أقرانها إلا بوجود أمها.