تتواصل هاته الأيام فضائح ضبط مجموعة من باعة النقانق «الصوصيص» المصنوعة من لحوم الكلاب، في مدينة الدارالبيضاء. الخبر ليس جديدا، لكن المثير في الأمر هو الدافع الذي يجعل هؤلاء الأشخاص يقترفون هاته الجرائم في حق حيوانات يتخوف منها العديد من المواطنين، وبعضهم يدعو للتخلص منها. الذنب هنا لا دخل للكلاب فيه، لأنها لم تختر أن تكون كلابا ضالة متشردة «عرضة» لقطاع الطرق، ولعديمي الضمير ومنزوعي الشفقة. لن نتناول هنا الضرر الذي يسببه لحم الكلاب بالنسبة للإنسان، لكن فعل ذبح الكلب وقتله بتلك الطريقة يثيران أسئلة خاصة تتعلق بجمود جمعيات الرفق بالحيوان إن وُجِدَت، لأنه مثلا في أوربا أو عدد من الدول عبر بقاع العالم، لايمكن أن يمر هذا الحدث كخبر تنقله الجرائد أو المحطات التلفزيونية أو الإذاعية، لينسى بعد دقيقة، أو ساعة أو يوم. بل إنه قد يؤدي الأمر إلى احتجاجات كبيرة، وقد تنجم عنه مسيرات وتنبيه للرأي العام الوطني والدولي، باعتبار المفهوم الذي ترسخ في عدد من الدول ذات الثقافات الحقوقية الواسعة. وهذا الأمر يجرنا إلى مكانة الكلاب عند بعض الهواة والمربين، حيث تتعدى في بعض الأحيان علاقة انسان بحيوان ، يشفق عليه ويطعمه ويفتخر به لأنه قد يحميه في إحدى اللحظات العصيبة، لكن الأمر يتعداه إلى علاقة حميمية ترقى بهذا المخلوق إلى عالم الحقوق والندية، إذ تترك وصية باسمه وحقه في الأرث، أو تجهز له فنادق فخمة، وأكلات في مطاعم فاخرة، ليتقلص الفارق بينه وبين الانسان، حتى يصير «إنسانا» في هيئة حيوان! مثل هاته الأشياء لا توجد فقط في أوربا والدول المتقدمة، وإنما أيضا في المغرب يوجد من باستطاعته تهييء ظروف عيش «مثالية» لكلب اتخذه بمثابة رفيق قد يكون أفضل من البشر، حيث يستفيد هذا الكلب من التطبيب والتغذية المتكاملة، وإن اقتضى الأمر يمكن نقله إلى خارج المغرب لقضاء فسحة بأوربا ، أو للعلاج، أو زيارة طبيب نفسي لعلاجه من الاكتئاب. وإذا كنا نسمع مرارا عن جرائم يذبح فيها البشر أنفسهم بالمغرب، فليس من الغريب أن نسمع مثل تلك الأخبار حول الكلاب. لكن الأكيد أن الكلاب التي تحدثنا عنها ليست معنية بهذا «التدبيح»، لأنها محمية وتستند إلى دعائم قوية للدفاع عنها، لتبقى الكلاب الضالة قربانا لفقر الكلاب و«الميز الكلابي».