فوجئ المواطنون لدى زيارتهم للمستشفى الإقليمي بميدلت بغياب التجهيزات الخاصة بالتدفئة، خاصة وأن مجلس الجهة سبق له أن خصص اعتمادات مالية لتجهيز المستشفى بوسائل التدفئة بعد أن أصبح المرضى داخل المستشفى، مهددين في حياتهم نتيجة الانخفاض المهول لدرجات الحرارة. مصادر عليمة أفادتنا أن حرمان المستشفى من وسائل التدفئة تتحمل وزارة المالية مسؤولية كبيرة فيه، بامتناعها عن المصادقة على الاعتمادات المرصودة للمشروع، بالرغم من كون الأمر يتعلق بحالات إنسانية وبوضعية قد تعرض حياة المرضى للخطر، و وبالرغم من أن حجم الاعتماد المرصود للعملية لايتجاوز 700 ألف درهم ضمن مشروع يضم 6 مليون درهم. وإذا كانت الوفيات التي وقعت بهذا المستشفى قد أرجعها البعض إلى التفاعلات المرضية التي كان يعاني منها المرضى، إلا أن الواضح أنه لانخفاض درجة الحرارة داخل هذه المستشفيات دور في بعض هذه الوفيات. من جهة أخرى لم تخف الأطقم الطبية بمجموعة من المستشفيات الإقليمية بالمناطق الجبلية، بكل من الأطلس المتوسط والأطلس الكبير والريف، استياءها جراء غياب أجهزة التدفئة بالمستشفيات، الأمر الذي يعرض حياة المرضى للخطر . فبخنيفرة مثلا أصبحت المسخنات وتجهيزات التدفئة بالمستشفى الإقليمي مجرد ديكورات تؤثث الغرف والممرات بعد أن تعطلت عن العمل، ولتدارك الأمر قام المسؤولون بوضع مدافئ في الممرات «لتوزيع الحرارة » على جميع المرافق إلا أن هذه العملية توقفت بعد أن تبين أنها لن تجدي شيئا. المواطنون في هذه المناطق يرجعون وضعية هذه المستشفيات إلى التقصير الواضح للدولة في معالجتها لإشكالية التدفئة في المناطق التي تعرف انخفاضات قياسية لدرجات الحرارة، خاصة وأن التغيرات المناخية التي يعرفها المغرب تنبئ بفصول شتاء باردة جدا مستقبلا مقارنة مع السنوات الأخيرة . مجموعة من المواطنين أبدوا استيائهم من الطريقة التي يتعامل بها المكتب الوطني للكهرباء مع مشكل التدفئة ، بحيث رفض حتى مناقشة مسألة منح تخفيضات في أسعار الكهرباء للسكان بهذه المناطق لدفع المواطنين إلى استعمال المدفئات الكهربائية عوض الحطب أو الفحم الحجري، الأمر الذي اعتبروه تنصلا من التزامات سابقة كان قد قطعها على نفسه. معاناة السكان بهذه المناطق وأماكن أخرى مع الانخفاض القياسي لدرجات الحرارة يزيد من حدتها جهل البعض بالاحتياطات التي يمكن للمواطنين اتخاذها، وهو مايفسر ارتفاع الإصابات خاصة بين الأطفال خلال الأسبوعين الأخيرين ببعض هذه المناطق مع ظهور حالات من «البنومونيا» أو التهاب الحويصلات (Alveoles). وفي اتصال هاتفي بالبروفيسورة «زبيدة بوعياد» رئيسة مصلحة أمراض الصدر والجهاز التنفسي بمستشفى 20 غشت، للاستفسار عن طبيعة هذا المرض، صرحت لنا أنه ينتج عن التهاب ناتج عن ميكروب يسمى «البنوموكوك »، مضيفة بأننا عندما نستنشق الهواء، فإنه يمر عبر الجيوب الأنفية (Sinus) التي تعمل على تسخينه حتى تصبح درجة حرارته مطابقة لحرارة الجسم (أي 37 درجة)، وعندما يدخل الهواء البارد فإنه يحدث التهابا. هذا الالتهاب تنتج عنه إفرازات، بعد ذلك يعجز الشخص عن استنشاق الهواء البارد عن طريق الأنف، فيتنفس من خلال فمه، وبالتالي فإن الهواء البارد الذي يدخل عن طريق الفم يكون باردا مقارنة مع حرارة الجسم، مما يحدث تفاعلات والتهابات. وتختلف درجة تقبل جسم كل شخص باختلاف مناعة جسمه. ما وقع خلال الأسابيع الأخيرة، هو أن درجة الحرارة انخفضت بشكل كبيرجدا، بالإضافة إلى أن المواطنين لم يعتادوا مثل هذا الطقس البارد. أماكن العمل باردة والبيوت كذلك، كل هذه عوامل جعلت الهواء يؤثر بشكل كبير على صحتهم.