يتابع المشاهد العربي، وضمنه المغربي، من خلال القنوات الإخبارية المتخصصة خلال هذه الأيام، سيلا من صور الأحداث المتعلقة بالعدوان الاسرائيلي على على غزة. كما يعيش، بالموازاة مع ذلك يقظة ومهنية بعض القنوات العربية الإخبارية المتخصصة، الى الحد الذي اصبح فيه المراسلون الصحافيون، المرابطين في الميدان جنبا الى جنب مع القوات الاسرائيلية والمقاومة الفلسطينية، اكثر شهرة من بعض نجوم الفن، وأصبحت اسماؤهم أكثر تداولا بين عامة الناس بالنظر الى شجاعتهم و مهنيتهم. هكذا، فرغبة منها في جعل المشاهد العربي في الموعد مع آخر المستجدات الميدانية في غزة، نهجت القنوات الإخبارية المتخصصة أسلوب المنافسة الحادة والشرسة في بعض الأحيان فيما بينها للحصول على آخر الصور وعلى آخر الأخبار المتعلقة بالأحداث، سواء على المستوى الميداني لشد اهتمام المشاهد، أو على مستوى ايصال الأخبار إلى المشاهد، معتمدة في ذلك على أسلوب إبهار تزيد من فاعليته التقنيات المتطورة في البث والإرسال عبر الأقمار الاصطناعية أو في تقديم الأخبار التلفزيونية أو إخراجها بنسق متسارع. وهي «مفاهيم» إعلامية جديدة أثرت في العلاقة بين المرسل والمرسل إليه، حيث صار يتحكم فيها عامل إرضاء المتلقي مع البحث عن شرائح أخرى محتملة من المشاهدين لاستقطابها وتوسيع دائرة المتابعة بإثارة الإنتباه لما يحدث من خلال تقديم توليفات من الصور لأطفال وأمهات ضحايا الرصاص الاسرائيلي محملة بعبارات عميقة ومعبرة بشكل متواتر على مدار الساعة وبجمل تلخص الوضع ك«غزة تحت النار»، «الهجوم على غزة»... ولأن الحدث بدون صور، بالنسبة للقنوات الإخبارية المتخصصة، حدث غير تلفزيوني محترف، فإن هذه القنوات تعتبر أن الحدث الثري لا يقاس بقيمته الإخبارية أو بانعكاساته على الجمهورفقط، بل يقاس بثراء صوره، الشيء الذي يجعل من نشرات الأخبار فضاء للفرجة على أحداث العالم ومشاغل الناس ويصبح واقعا تضفي عليه التقنيات الحديثة مسحة جمالية وإن كان واقعا قاتما و مريرا. فهل حولت «الجزيرة» الاخبارية الحرب عل غزة إلى «فرجة» تلفزيونية.. نعم إنها الحقيقة.