يغيب رجال القانون، والمختصون في التشريع القانوني من محامين وأساتذة جامعيين وأطر، بشكل لافت عن المجال الرياضي الوطني. ولايحضر العدد القليل منهم الموجود في الساحة الرياضية، كفاعل تناط به مهمة المشاركة في تحيين القوانين، وتقنين التعاملات، وتحديد العلاقات بين مختلف الفاعلين في المجال الرياضي والحفاظ على حقوق كل طرف منهم. على هذا المستوى، تواجه الرياضة الوطنية صعوبات كثيرة عند كل محطة انتقالية، يتم خلالها إجراء تعديلات جديدة تواكب التطورات التي يعرفها قطاع الرياضة باستمرار، ومتغيرات حولت هذه الرياضة من قطاع ، من المفروض، أنه يرتكز على أسس أولمبية ورياضية، إلى مجال أصبح حاليا يخضع لقيم تجارية واقتصادية بالدرجة الأولى، يترجم ذلك رقم معاملاته العالمي الذي تجاوز سقف 400 مليار دولار، تهيمن فيه كرة القدم لوحدها بما يناهز 4.3 مليار دولار! بدورها، قطعت الرياضة الوطنية أشواطا مهمة في هذا الاتجاه، مما أضحى معه الأمر، يستلزم حضور رجال القانون كفاعلين أساسيين في عملية تنظيم القطاع، وهيكلته على أسس تستجيب للتحولات الجديدة. من هذا المنطلق ، إذن، يبدو من الضروري إشراك رجل القانون والمحامي في المنظومة الرياضية، كمسير أو كمستشار، يمكن أن يساهم في سد كل الثغرات، وفي رفع كل الالتباسات والغموض. ولعل غياب «المحامي الرياضي» في الرياضة الوطنية، قد ساهم بشكل كبير في بروز العديد من المشاكل واجهتها الرياضة الوطنية في السنوات الأخيرة، تجلت أساسا في فشل المسؤولين الرياضين عن إيجاد حلول للكثير من الملفات والقضايا، وعدد كبير منها وصل إلى ردهات المحاكم! في هذا الباب، نستحضر مثلا فشل جامعة الكرة في ملف نزاعها مع فريق سطاد المغربي، ونفس الشأن بالنسبة لقضية ابراهيم بولامي أو أسماء لغزاوي في ألعاب القوى وعجز الأجهزة المسؤولة عن إثبات «براءتهما» من تهمة تعاطي المنشطات! إن وجود رجل القانون داخل الهيئات الرياضية يعتبر، تبعا للمستجدات المتسارعة ، لبنة أساسية لتطوير الممارسة الرياضية، وذلك بضمانه وحمايته وإنصافه للرياضي أو النادي الذي ينتمي أو يمثله، فالتقارير الأدبية والمالية للعديد من الجمعيات والأندية والعصب والجامعات تظهر بجلاء عشوائية التسيير و«النهب» السافر للميزانيات وانتهاك حقوق الممارسين من لاعبين ومدربين وإفلات المتورطين في سوء التدبير والفساد المالي، واستنزاف الموارد، من العقاب، وهو نتيجة طبيعية لغياب رجال القانون في الرياضة المغربية. لقد أصبح من الضروري على المهتمين بالقطاع القانوني وخصوصا المحامين المغاربة، الاهتمام أكثر بهذا الجهاز والتخصص في «القانون الرياضي» الذي يقنن ويحدد مسؤوليات وواجبات وحقوق كل المتدخلين في القطاع الرياضي من لاعبين وأطر تقنية وطبية ومسيرين وجمهور وفاعلين اقتصاديين وغيرهم.