حساب مزيف ينتحل صفة رئيس الحكومة    بورصة البيضاء تفتتح التداول بالأحمر    تدابير تقلل الانتظار بمطار البيضاء    هذه أبرز تصريحات ترامب في خطابه أمام الكونغرس    تمارة: إحباط تهريب 4 أطنان من الشيرا    دورة مجلس جهة سوس ماسة.. مستوى رديء وغياب نقاش حقيقي    تراجع حالات "بوحمرون" في المغرب    تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة بفيروس الحصبة للأسبوع الخامس على التوالي (وزارة الصحة)    ترامب يرفض المقترح العربي لإعادة إعمار قطاع غزة    بعد العصبة الاحترافية.. الجامعة تصدر بلاغ بخصوص برمجة مباريات كأس العرش    مونديال 2030: توقيع إعلان نوايا مشترك بين المغرب وإسبانيا في مجال العدالة    المغرب.. رؤية استراتيجية ملكية لحل القضية الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني    وزارة الصحة تسجل تراجعا في الإصابة ب"بوحمرون" وتمدد حملة التلقيح    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    رام الله: اتفاقية شراكة بين وكالة بيت مال القدس ووزارة الثقافة الفلسطينية والمكتبة الوطنية الفلسطينية    الصين تعلن عن زيادة ميزانيتها العسكرية بنسبة 7,2 بالمائة للعام الثالث على التوالي    انخفاض مستمر في إصابات بوحمرون بالمغرب    نائب وكيل الملك يوضح حقيقة إيداع طفلة قاصر سجن عكاشة    المغرب يسجل انخفاضًا متواصلًا في حالات الإصابة بفيروس الحصبة "بوحمرون"    دياز يتألق ويمنح ريال مدريد الفوز على أتلتيكو    ضحايا "البوليساريو" يفضحون من جنيف انتهاكات فظيعة في مخيمات تندوف    ارتفاع عدد المقاولات المحدثة في المغرب خلال 2024    إحصائيات أوروبية.. المغاربة ثاني أكثر جنسية تحصل على جواز السفر الأوروبي    المنتخب المغربي يدخل معسكرا إعداديا بدءا من 17 مارس تحضيرا لمواجهة النيجر وتنزانيا    اجتماع بالحسيمة لمراقبة الأسعار ومعالجة شكايات المستهلكين    حجز وإتلاف 1800 كيلوغرام من سمك الساندية في إطار مكافحة الصيد غير القانوني    الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة تعبر عن قلقها بشأن آليات تنفيذ خارطة الطريق الجديدة للتشغيل    "هِمَمْ" تحذر من الاتجاه الخطير للقمع المنهجي للرأي والتعبير وتطالب بالوقف الفوري للمتابعات    أبودرار يطالب وزير الداخلية فتح تحقيق في خروقات مجلس كلميم واد نون وعزل والي الجهة ورئيستها    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء بالمغرب    السفير الإسباني: تنظيم مونديال 2030 حدث استثنائي يتطلب تنسيقا صارما في جميع المجالات    التقدم والاشتراكية: الحكومة فشلت في تحويل الفرص والمؤهلات إلى نموٍّ اقتصادي وتقدُّم استثماري    بوريطة يجدد التأكيد على الدعم الدائم للملك محمد السادس لكل المبادرات الرامية إلى تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة    زيلينسكي يقترح هدنة للبدء في محادثات سلام ويقول إنه يريد تصحيح الأمور مع ترامب    دياز يقود ريال للفوز 2-1 على أتليتيكو في رابطة الأبطال الأوروبية    أوزين ينتقد "غياب تسقيف المحروقات" وينعت مجلس المنافسة ب"المقاعسة"    "البام" يطلق "جيل 2030" لدمج الشباب في السياسة قبل "المونديال"    الفرقة السياحية بطنجة تلقي القبض على مبحوث عنه في قضايا الاتجار بالمخدرات القوية    وقفة احتجاجية وسط الرباط ترفض "تنصل إسرائيل" و"مقترح ترامب"    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم .. ليل يعود بتعادل ثمين من ميدان دورتموند    دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.. أرسنال يتفوق بنتيجة عريضة على إيندهوفن (7-1) ويضمن بنسبة كبيرة تأهله إلى الربع    انطلاق فعاليات المعرض الدولي للسياحة ببرلين بمشاركة المغرب    موقف واضح يعكس احترافية الكرة المغربية وتركيزها على الميدان بدل الجدل    بطمة تعود بحفل فني بالبيضاء    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    "شفت أمك بغا طول معنا".. جبرون: التلفزة تمرر عبارات وقيما مثيرة للاشمئزاز ولا تمثل أخلاق المغاربة    وزارة الثقافة تطلق برنامج دعم المشاريع الثقافية والفنية لسنة 2025    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    التفوق الأمريكي وفرضية التخلي على الأوروبيين .. هل المغرب محقا في تفضيله الحليف الأمريكي؟    "مرحبا يا رمضان" أنشودة دينية لحفيظ الدوزي    مسلسل معاوية التاريخي يترنح بين المنع والانتقاد خلال العرض الرمضاني    القناة الثانية (2M) تتصدر نسب المشاهدة في أول أيام رمضان    الإفراط في تناول السكر والملح يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان    القنوات الوطنية تهيمن على وقت الذروة خلال اليوم الأول من رمضان    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    بريسول ينبه لشروط الصيام الصحيح ويستعرض أنشطة المجلس في رمضان    المياه الراكدة    









إدريس الخوري.. الكتابة نميمة مقروءة!!

... إدريس الخوري، قاص يأبى في قصصه إلا أن يرهق نفسه في سبيل فك حبل من العقد، فهو يأبى إلا أن ينبش في إشكاليات اجتماعية متعددة هي، في الواقع، نتاج وضع معقد للغاية.. الكتابة عنده إعادة لصياغة الواقع المعيش وحديث عن نماذج بشرية لا تعرف سوى التيه.. ومن هنا يحلو له وصف كتاباته ب: "النميمة المقروءة"، لكنها طبعا ليست نميمة ذميمة بقدر ما هي نميمة مستحبة ولصاحبها أجر في ذلك.. فالخوري نمام، لكنه نمام إنساني محب للخير.. يقول في مقدمة مجموعته القصصية "ظلال" : "الكتابة، إذن، في جانبها الحكائي القصصي، والروائي أيضا، نميمة مقروءة لأنها تقوم بعملية الإخبار عن أشخاص كناهم وسيكونون في زمان ومكان محددين ذهنيا (...) وهي تستمد مشروعيتها من واقعها، ولأن هذا الواقع جد متشابك، تصبح الكتابة - النميمة وسيطا بيننا وبين واقع كان وسيكون.. هذا هو الاحتمال الممكن لعملية الكتابة التي تتأرجح بين الصدق والاحتمال.. إنها تصبح ممكنا لما ينبغي أن يكون" (11)... لذلك، فمواضيع الخوري تسير في الاتجاه الواقعي الذي أسس له بالمغرب إلى جانب الهرمين القصصين الراحلين محمد زفزاف ومحمد شكري مع اختلاف ? طيعا ? في طريقة المعالجة، حيث شخصيات قصصه كلها من الحالات الشاذة في المجتمع.. فببراعة الكتاب الذين يعون ما يكتبون تمكن الخوري من الإمساك بالخيط الرئيسي لموضوع الوضع المزري والاستغلال الفاحش اللذين تعانيهما فئة من النساء، ومن إعادة صياغته وتشكيله ضمن رؤية نقدية حادة وغير محايدة للواقع.. نعم: فالرؤية الإنسانية حاضرة لكنها لا تكفي لتجاوز الكتابة القصصية لصفتي: "الاحتشام" و "السذاجة" ولذلك لا بد لها من رؤية نقدية مصاحبة على اعتبار أن الكتابة القصصية هي عملية حوار متبادل بالدرجة الأولى.. ففي قصته القصيرة: "من كل حدب وصوب" (12)، مثلا، نجده يحكي قصة طفلة اضطرت في سن الثامنة إلى الخروج من البيت والهجرة إلى الرباط بعد وفاة والدتها وزواج والدها من امرأة قاسية حاولت دفعه إلى إرغامها على الزواج من رجل في سنه، لكن الطفلة تضطر إلى الهجرة من جديد إلى مدينة أغادير ( جنوب المغرب ) لتشتغل عند عائلة غنية، ثم تعود من جديد إلى الرباط لتعيش إلى حدود سن المراهقة.. ولم تكن رحمة ( وهذا هو اسمها ) لتنجو من محاولة مشغليها النيل من جسدها الفتي فتهرب إلى مدينة الدار البيضاء وتشتغل بمعمل للنسيج.. هناك، تتعرف إلى شاب في مثل عمرها وتغرم به، غير أنه سرعان ما سيهجرها بعد أن اغتصبها لتصير عرضة للاستغلال الجنسي والإدمان على المخدرات والكحول مع جماعة من الحشاشين والسكيرين... هناك أيضا حالة خديجة في قصته القصيرة "أيام خديجة البيضاوية" (13) التي لم تكن أحلام اليقظة تفارقها من فرط العوز.كانت تشتغل بأحد المعامل وتحلم أن تصير مطربة مشهورة، لكن واقعها الاجتماعي سرعان ما يدفعها لتلبية الرغبة الجنسية لصاحب المعمل الذي وعدها بالزيادة في أجرتها، ولم تكن خديجة تملك، بعد أن ساورها الندم، سوى أن تقول: "مالي يا ربي مالي؟".
تناول إدريس الخوري، أيضا، بالقص ظاهرة اجتماعية جد متفشية في الأوساط الشعبية من المجتمع المغربي تتمثل في الارتزاق عن طريق الدين.. فهناك من "الفقهاء" من لا يفقهون في أمور الدين شيئا، وإنما هم جماعة من المرتزقة يستغلون جهل وأمية الآخرين بمناسبة بعض المناسبات الاجتماعية، وأيضا حفظهم للقرآن الكريم، كوسيلة للارتزاق.. يصفهم لنا القاص في قصته القصيرة: "الرجال لا يتشابهون" (14) قائلا: "من جديد ترتفع الأصوات مرتلة القرآن.. لا تناسق في الأصوات، بل ترتيل مشوش ينبه عن عقليتهم ورغباتهم (...) وهكذا انتهوا من الترتيل بسرعة، ليأكلوا بسرعة، ويقتسموا الغنيمة بسرعة، ففي مكان آخر زردة ( أي وليمة ) أخرى تنتظرهم.. وانتفخ الحاج موسى كالديك، فالحاج موسى أحسن مرتل للقرآن، وأحسن شراب للخمر، وأكبر مدمن للكيف، وأشهر تابع للغلمان في الحي".
... من بين الظواهر الاجتماعية الأخرى التي استأثرت باهتمام الخوري نجد ظاهرة فصيلة من الشواذ الذين يشتغلون، متشبهين بأزياء وشعور وأصباغ النساء، راقصين بالملاهي المتنقلة المعروفة ب: "حلقات السويرتي" .. يصف لنا أحدهم في قصته القصيرة: "نرسيس" (15) قائلا: "ومن جديد وقف أمام المرآة ... مشط شعره الغزير المرسل فوق عنقه، وبدا مثل امرأة تنتظر زوجها.. لماذا لا يهتم بنفسه؟.. أمام المرآة رأى نفسه من جديد وتحقق من أن كل شيء على ما يرام (...) كانت اللحظات تطول وتهرب وكان هو أكثر فرحا.. سيطرق الجيلالي الباب، وسيطلب منه قضاء الليلة عنده"..
قصص الخوري عالم من التيمات المغرية بالالتهام، ولعل خير عصارة يمكن استخلاصها من عوالمه القصصية شهادة الكاتب العربي الراحل جبرا إبراهيم جبرا الذي كتب على ظهر غلاف مجموعته القصصية: "ظلال" ما يلي: "قصص الحزن هاته، فيما أرى، هي قصص رفض مستمر أكثر منها اضطهاد.. كلما توغل البطل في ذاته وتجربته كلما ازداد رفضه للآخرين إلى أن يرفض ذاته في النهاية أيضا.. وقد سألتني يوما عن الغربة فيما أكتب، وغربتك هي الرهيبة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.