في اليوم الحادي عشر للعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني بغزة، بدت سرعة الدبلوماسية الاقليمية والدولية ترفع من وتيرة سرعتها لتحقيق مطلب وقف المجزرة التي ترتكبها اسرائيل عشية انتخاباتها العامة. فبالاضافة إلى التحرك الفرنسي الذي يقوده الرئيس نيكولا ساركوزي ، هناك جهود الوفد العربي بمجلس الامن وتكثيف تركيا لاتصالاتها بمختلف الاطراف، ومن المرتقب أن تبلور هذه الجهود مشروعين يتضمنان نداء من اجل «وقف اطلاق النار» (والمطلوب عربيا وقف العدوان الاسرائيلي)، وتقديم المطالب التي تجعل هذا الوقف يصمد اطول فترة ممكنة. وفي سباق عسكري محموم ، تسعى قوات الاحتلال الاسرائيلي الى تحقيق نتائج ميدانية على الاقل ترضي بها رأيها العام المحلي وتجنب القيادة السياسية بتل ابيب ورطة عدوانها على لبنان صيف 2006 . لذلك شهد اليومان الماضيان محاولة «تثبيث» الاحتلال لغزة في مناطق متعددة باختراق القطاع شرقا غربا في محورين مركزيين، أولهما جنوبي مدينة غزة والثاني بين مدينتي رفح وخان يونس جنوبا. بهدف تقطيع أوصال القطاع إلى ثلاثة أقسام، يجري التضييق عسكريا بشكل أكبر على القسم الشمالي منها بسبب قربه من التجمعات السكنية الإسرائيلية. المقاومة الفلسطينية التي تنخرط فيها كل المكونات الفلسطينية وإن كان محورها حركة حماس، تتصدى الى المخطط الاسرائيلي قبل تنفيذه ، وتبين حدة المواجهات التي يشهدها اكثر من محور ذلك. وإلى حدود زوال أمس لم تفلح قوات الاحتلال الاسرائيلي في تركيز آليالتها بالمناطق والمواقع التي تبرز تحقيق اهدافها هاته. وبالرغم من احدى عشر يوما من العدوان الذي صبت فيه اسرائيل مئات الاطنان من قنابلها جوا وبحرا وبرا وحصدت أرواح مايقارب 550 شهيدا وآلاف الجرحى، فإن المقاومة الفلسطينية حققت انجازا هائلا يتمثل في استمرار وحدتها وتمكن قيادتها من الامساك بزمام المواجهة دون ارتباك او تراجع ميداني. ماذا تريد اسرائيل الآن لتوازن بين عدوانها ومطالبها السياسية؟ الايام الماضية سادت فيها حالة تناقض في تصريحات قيادة اسرائيل . لكن يبدو انها تتجه الى خفض سقف مطالبها ، انها تركز في اليومين الاخيرين على وقف صواريخ المقاومة الفلسطينية واقرار نظام لمنع تهريب الاسلحة الى غزة، ولتضمن ذلك، فإنها ترى أن لمصر والولايات المتحدةالامريكية دور اساسي في تنفيذ هذه الالية. اما حركة حماس التي تعد القوة الاساسية سياسيا وعسكريا في قطاع غزة، فيبدو أنها تدفع الى المزيد من توريط اسرائيل في غزة، ليس فقط من خلال التمركز بمناطق محدودة ،بل استدراجها الى اجتياح شامل يسهل معه توسيع مجالات ونطاق استنزافها من خلال مقاومة تبدع اشكالا متعددة للعمليات ...وللصمود ايضا.