بدا الجو «غامقا» والسماء توشحت بالسواد بملامح مكفهرة في دلالة على أن سُحبها ستعمل، بين الفينة والأخرى، على إفراغ ما في جعبتها من أمطار، لتروي بها ظمأ الأرض المتعطشة الى قطرات «تبلّ» ريقها وتسهم في تنظيفها. كانت الساعة تشيرإلى حوالي الرابعة والربع من عشية يوم السبت27 دجنبر 2008 ، بشارع لالة الياقوت عند جزئه «المتقاطع» مع زنقة الأمير مولاي عبد الله، وبالضبط على بضع خطوات منه. سيارات الأجرة من الصنف الكبير تذرع الشارع جيئة وذهابا، شبان وشابات يتجولون على رصيفي الشارع ، أطفال بمعية آبائهم وأمهاتهم، وسياح أجانب هم الآخرون «يستكشفون» منطقة «تاريخية» تستقطب الكل للتجول فيها أو التبضع من محلاتها خاصة ب «بساج البرانس». لم تكن الحركة بهذه النقطة مكثفة، بفعل عامل الطقس، مقارنة بالرواج الذي تعرفه عادة خاصة في الفترة المسائية، هذا في الوقت الذي جلس فيه البعض لشرب كؤوس من «القهوة»، متأملا الحركية التي تدور أمامه، أو يطالع الجرائد، أو يتحدث الى من معه حول مواضيع تراوحت ما بين أعياد السنة الميلادية، فاتح السنة الهجرية، «ماتش الوداد والجديدة»، وخاصة في موضوع الغارات الإسرائيلية على غزة.. زبناء جلسوا الى طاولات وموائد مقهى «الوطني الكبير» و«كولدن آيس» و«ليزاركاد» وحتى ب «شامبورو» في جو هادىء و«طبيعي» ، كالمعتاد، في الوقت الذي كان فيه البعض يتبضع بأحد محلات العطور، إلى أن تعكر صفو الجميع واصطدم بصرهم بما يؤذي، مشهد قديكون أصبح مألوفا للبعض ، سيما ببعض أزقة الأحياء الشعبية للعاصمة البيضاوية، لكنه كان شاذا بمنطقة تعد قبلة لكل الشرائح والفئات، للمغاربة وللسياح! انتصب في منتصف الطريق، شخص تظهر ملامحه أنه في الأربعينيات من عمره، وشرع يتلفظ بألفاظ وكلمات بذيئة ونابية، سب وقذف وشتم.. موجه إلى من يعنيهم هو، «واللي دايرهم في راسو»، نزع قميصه فبدت على ذراعيه علامات وشم متعددة، ولم يكف لحظة طيلة «نصله لحوايجو» عن إيذاء المارة جراء ما يتفوه به، ليعمل على خلع سرواله البني، فسرواله الأزرق من نوع «الدجين» ليبقى فقط ب «شورط» أبيض من النوع القصير! لم يقف الأمر عند هذا الحد، ولم تقتصر فصول «الأذى» على الجانب اللفظي، بل عمل الشخص «المعربط» على إتيان والقيام بكل ما يخطر بالبال ، وحتى الذي لايخطر! والذي نستحيي عن ذكره، عندما تجرد من كل ملابسه حتى الداخلية منها، ليبقى عاريا كما ولدته أمه، فلجأ إلى ممارسات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها «شوهة»! فصول «تراجيدية» دارت رحاها وأطوارها أمام مرأى ومسمع من جميع من تواجدوا في تلك اللحظات بالمنطقة المذكورة، استحْيى من رد فعلها الكثيرون فأحنوا رؤوسهم ومضوا الى حال سبيلهم، في الوقت الذي جرّ فيه الآباء صغارهم جرا، أما من كانوا مرفوقين بيافعين وكبار، فقد عمل كل واحد منهم كما لو أنه لم ير شيئا، و«دور وجهو لجهة أخرى»، بينما بقي بعض السياح مشدوهين لما يدور أمامهم! ظل «الحياح» على هذه الحال مدة ليست بالقصيرة، ولم تخمد «جذوته» إلا بعد أن تدخل زميل له في «الحرفة»، الذي عمل على تهدئته، مقبلا ومعانقا إياه، فعمل على إلباسه ملابسه، وقام بجره الى «راس الزنقة» المقابلة حيث تتواجد «رْبيعة السيرور» التي يشتغل بها، فجلس القرفصاء وشرع يدخن لفافة قدمها له زميله، ليبدو الأمر كأن شيئا لم يقع! و«إذ تعتبر المكاتب النقابية إلزام بعض رؤساء المصالح الاتصال بالموظفين هاتفيا للحضور يوم الإضراب، يعد محاربة لممارسة الحريات النقابية، وممارسة الحقوق الأساسية للعمال، ومن بينها حق الإضراب، فإنها : تحيى عاليا المشاركة الواسعة لموظفي وأعوان مقاطعة عين الشق في نجاح الإضراب الوطني الذي دعت إليه المكاتب النقابية الوطنية بقطاع الجماعات المحلية. تجدد تضامنها مع جميع الموظفين والأعوان الذين تعرضوا للمضايقات والاستفزازات خلال خوضهم الإضراب الوطني الناجح . تحمل السلطات المحلية بعمالة مقاطعة عين الشق مسؤولية ما جرى خلال الإضراب الوطني للجماعات المحلية في محاولة لتكسير الإضراب، والذي يعد سابقة تمس الحريات النقابية في عهد المسؤولين الجدد بتراب عمالة مقاطعة عين الشق . تعتبر ما وقع بمقاطعة عين الشق والبلاد تعيش الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان يكرس عدم استيعاب البعض للمفهوم الجديد للسلطة». ويختتم البلاغ بدعوة «المكاتب النقابية لكافة الموظفين والأعوان بمقاطعة عين الشق، للوحدة والتآزر استعدادا لمواجهة المعارك المقبلة للدفاع عن حق الانتماء النقابي وتحقيق المكاسب الاجتماعية والمادية».