أثناء تنقلي المعتاد بين الدارالبيضاء وبعض المدن المجاورة في قطارات المغرب، لاحظت تحديات كبيرة تواجه السياح، ولا سيما أولئك الذين لا يتحدثون اللغة العربية أو الفرنسية، وهي مشكلة قد تبدو بسيطة، لكنها تؤثر بشكل كبير على تجربة الزوار في بلادنا. وما زلت أتذكر نهاية الأسبوع الماضي عندما ضلت سائحة أجنبية، لعلها من جنسية صينية، وجهتها وامتطت القطار المتوجه إلى الجديدة عوض ذلك المتوجه إلى سطات مما وضعها في موقف محرج سواء من ناحية الارتباك والحيرة التي انتابتها وهي تدرك خطأها، أو من جهة مراقب تذاكر القطار الذي وجد صعوبة كبيرة في أن يشرح لها ما وقعت فيه من خطأ إلى أن استدعى أحد زملائه ليفسر لها ما يجب أن تفعله، وأن عليها الانتظار إلى أن تصل الجديدة ومن تم أخذ القطار العائد إلى الدارالبيضاء لتنزل في بوسكورة وتنتظر القطار المتجه إلى مراكش الذي سيمر عبر سطات. مسار معقد من الشرح والتفسيرات كان من الممكن تفاديه لو تم التفكير في إدراج لغات أجنبية أخرى في إعلانات القطار التي تتم باللغتين العربية والفرنسية فقط بل إن الفرنسية مفضلة على العربية في الإعلانات المكتوبة، وهو أمر يؤدي إلى الإرباك والتخبط حتى للزوار العرب الذين لا يفقهون شيئا في لغة موليير . بالنسبة للسائحة الأسيوية ربما أن كل ما كانت تحتاجه وهي على أرض المحطة إشارة صوتية باللغة الإنجليزية تُنبهها عن مواعيد الرحلات والأماكن والسكك الصحيحة. حوادث مثل هذه معتادة على متن القطارات، حسب تجربتي كمسافرة ذهابا وإيابا، بل إن المغاربة أنفسهم يقعون فيها بسبب الصمت المطبق الذي يرافق بعض الرحلات دون حتى تلك الإعلانات الصوتية التي تعلم الركاب بأماكن وصولهم وأسماء المحطات. لقد بات من الضروري التفكير في حل مشكل التواصل بمحطات السكك الحديدية، كما لا يمكن إنكار أن اللغات الأجنبية، خصوصا الإنجليزية التي تُعتبر اللغة العالمية التي يعتمد عليها أكثر من 1.5 مليار شخص في جميع أنحاء العالم، أصبحت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، لا سيما في قطاع السياحة والنقل، ومع تحول العالم إلى قرية صغيرة علينا أن ننتبه إلى ما يحدثه غياب التواصل من مشاكل للسياح، ومن انطباع سيئ في نفوسهم، وبالتالي، أصبح من الضروري تزويد المحطات ووسائل النقل بالإعلانات التوجيهية باللغة الإنجليزية مع تعزيز ذلك بتطبيقات رقمية بسيطة سيكون لها الأثر الإيجابي على تجربتهم السياحية ببلادنا وسيجنبهم الكثير من الارتباك والتشويش وضياع الوقت . تدفق السياح على بلادنا من جميع أنحاء العالم، لا شك أنه سيزداد مع احتضاننا لبطولة كأس العالم لكرة القدم في 2030، وكذا كأس إفريقيا للأمم 2025 وتظاهرات رياضية عالمية أخرى في الطريق، وهذه فرصة لا تعوض لتحسين بنية النقل والتواصل اللغوي بين العاملين والمواطنين والسياح، على غرار شركات النقل في العديد من البلدان التي تكيفت مع سوق السياحة العالمية في خطوة ستجعل الرحلات على متن القطارات وغيرها أكثر راحة للأجانب. العاملون بالمحطات أيضا يجب أن يتلقوا دورات تدريبية في اللغة الانجليزية استعدادا لهذه المواعيد العالمية التي ستحتضنها بلادنا إذ ليس من اللائق أن يستعملوا لغة الإشارات للتواصل، وذلك تجنبا لمثل الحادث المذكور أعلاه وللتأخيرات والتخبط، وحتى إن لم يتقنوا اللغة الإنجليزية أو يتحدثوا بها بطلاقة فإن بضع جمل وكلمات أساسية بهذه اللغة قد تفي بالغرض . هذه التدابير الخاصة بتحسين طرق التواصل إن تم تنفيذها ستعزز، دون شك، من جاذبية بلادنا كوجهة سياحية عالمية وستسهم في توفير البيئة المناسبة لاستقبال سياح قادمين من شتى بلدان الأرض وستجنبهم المشاكل التي يقعون فيها في المحطات والقطارات، لذا على السلطات المحلية والهيئات المعنية بالنقل التحضير الجيد لهذه التحديات يفتح الباب أمام المغرب ليكون في صف الدول التي تقدم أفضل بيئة سياحية وتسهيلات للسياح بمختلف ثقافاتهم ولغاتهم. وبالتأكيد فإن رفع مستوى التفاهم والتواصل مع الأجانب سيترك أثرا إيجابيا على سمعة المغرب على الساحة الدولية، بما في ذلك استعداداتنا لاستضافة كأس العالم 2030.