أكدت النتائج المخيبة للآمال للمشاركة المغربية في أولمبياد باريس 2024، أن المغرب يفتقد فعلا لمنهجية محددة لصناعة البطل الأولمبي. لقد تم تجريب عدة طرق بهدف تحقيق الميداليات الأولمبية، كانت البدايات عبر الاعتماد على اكتشاف المواهب الرياضية وسط القاعدة والمدرسة العمومية،وفي البطولات الجهوية لمختلف الأنواع الرياضية، ثم جاء الدور على تغيير القوانين المنظمة وتخصيص بنود للرياضة في دستور 2011، وأخيرا اللجوء إلى ضخ المال في عملية إعداد الرياضيين. كل هذه الطرق لم تمنح الرياضة المغربية الأهداف المرجوة،فبات من المفروض إعادة التفكير في منهجية جديدة بإمكانها صناعة الأبطال الأولمبيين. وهنا،لا عيب في دراسة تجار ناجحة لبلدان تصدرت المشهد الأولمبي من فترة طويلة كما هو الحال في بلد رائد رياضيا كالصين.
أخفقت الرياضة المغربية في أولمبياد باريس 2024،بالرغم من ذهبية البقالي وبرونزية منتخب كرة القدم، مما يؤكد وجود خلل واضح في الإعداد والتحضير،ومن هنا نفتح،عبر ما قدمته تقارير إعلامية دولية وعربية، ملف كيفية إعداد البطل لعله يكون أرضيه خصبة لصناعة الطل الأولمبي، من خلال الاطلاع على التجربة الصينية في هذا المجال. في هذا السياق،تعتبر التجربة الصينية مثالا في إعداد اللاعبين لاعتلاء الصدارة في مختلف الألعاب الأولمبية، ولعل نتائج الصين خلال آخر دورات أولمبية يشير إلى المردود الإيجابي لمراكز التدريب الصينية في إعداد الأبطال. تبدأ الصين في إعداد لاعبيها من سن 5 سنوات من خلال تدريب شاق حتى أطلق على هذه المعسكرات "مراكز التعذيب" من كثرة ما يعانيه هؤلاء الأطفال جراء التدريب المتواصل والقسوة أحيانا في التعامل، ووضع مسؤولو هذه المعسكرات لافتة كتب عليها كلمة "ذهب" إشارة إلى اعتلاء منصات التتويج بالفوز بالميدالية الذهبية. ونجحت الصين في لفت الأنظار خلال فعاليات الدورات الأولمبية الأخيرة من خلال تقديم مجموعة من الأبطال في مختلف الألعاب، مما منحها مركزا رياديا في لائحة ترتيب الدول المشاركة. وتداول الإعلام المتابع للبطولة مصطلح صناعة الأبطال للحديث عن اللاعبين الصينيين، الذين أظهروا براعة نالت ثناء متابعي البطولة، وتمتلك الصين قاعدة علمية ومنظومة متكاملة مكنتها من إعداد أبطال يستطيعون المنافسة، ما جعل البلد الأضخم في آسيا يتمكن من صناعة أبطال يستطيعون تهديد العرش الأميركي. انطلاقة انطلاقة الصين أولمبياً كانت عام 1984 حين حققت 32 ميدالية قبل أن يصل العدد الى 87 في اولمبياد لندن. ولم يكن التفوق الصيني والتهام الذهب لمجرد توفر القاعدة العريضة من الرياضيين في بلد تعداده مليار وثلاثمئة مليون نسمة. أحسنت الصين تطبيق صناعة البطل دون إغفال انتشار المدارس الرياضية التي وصل عددها في الصين إلى مئتي الف مدرسة تقوم بتدريب الأطفال ليلا ونهارا، مع الشحن النفسي للرياضيين والذي يساهم في تحسين أداء اللاعبين، والاعتناء بالمستوى البدني والمهاري من خلال العمل على تحسينه وتطويره والاهتمام بتغذية اللاعبين جسديا ومهاريا وبدنيا ونفسيا. ويعتمد سلاح الصين في صناعة الأبطال أيضا على الجوائز والحوافز المالية الكبيرة التي تمنح للأبطال، ففي بلد يعاني غالبية شعبه من الفقر تصبح المادة من أكثر العوامل تحفيزا على تحقيق الانجازات يضاف لها الشحن النفسي حيث يصبح تحقيق انجاز اولمبي بمثابة مهمة وطنية مقدسة لأنها تكرس مفهوم التفوق الصيني في مواجهة العالم. استراتيجية خطت الصين خطوة جديدة نحو دولة رياضية قوية في العالم، وكان من بين صفوف اللاعبين في المنتخب الصيني عدد كبير من الوجوه الجديدة بحيث بلغ عدد اللاعبين الشباب الذين دون 23 سنة من العمر 60% من إجمالي عدد اللاعبين المشتركين في المباريات المختلفة . المغرب كمقارنة،اعتمد المال لإعداد الأبطال وضع المغرب العديد من الخطوات لتحقيق التفوق الرياضي للاعبيها في البطولات الأولمبية، حيث قام جلالة الملك محمد السادس بدعم مشروع إعداد الأبطال بمبلغ مالي كبير قدر ب 330 مليون درهم مغربي لإعداد الأبطال لكل دورة اولمبية. وحدد المغرب 6 ألعاب هي : ألعاب القوى، الملاكمة، التايكوندو، الجودو، السباحة، الدراجات، تقوم بتركيز العمل عليهم لإعداد لاعبين يحققون المجد الأولمبي، وشكلت لجنة من خبراء هذه الألعاب لإدارة المشروع، واستعانت بعدد من الخبراء المحليين والدوليين لتولي تدريب الأبطال ، ومشاركتهم في العديد من البطولات المحلية والقارية والدولية، حتى يكتسبوا الخبرة اللازمة، وبالتالي يستطيعون تحقيق النجاح في الدورات الاولمبية. وتتم عملية مراجعة لبرامج الاعداد سنويا،ووفق أهداف البرنامج، مما يجعل مسؤولي الجامعات الرياضية أمام الأمر الواقع، إذ ليس لهم أي عذر لتبرير غياب النتائج في ظل توافر الدعم المالي. ومع كل ذلك، لم تفلح الرياضة المغربية في تحقيق النجاح في الألعاب الأولمبية الأخيرة ، وواجهت انتكاسة حقيقية على كل المستويات، وكانت غلة المغاربة ضعيفة. درس للتعلم برشم هدية من «أكاديمية إسباير» إلى قطر تعد أكاديمية اسباير في العاصمة القطريةالدوحة، نموذجا عربيا ناجحا في صناعة البطل، لاسيما بعد أن ارتقت إلى المجد بارتقاء خريجها وأحد تلاميذها السابقين معتز برشم في مسابقة الوثب العالي ضمن منافسات ألعاب القوى. ويهدف مشروع أكاديمية اسباير إلى صنع الأبطال الرياضيين، واسباير هي منشأة رياضية افتتحت سنة 2005، تعتبر من أهم المرافق الرياضية على مستوى العالم، حيث تتألف من أحدث ما توصل إليه العلم والتقنية من مختبرات علوم رياضية، وصالات لياقة، ومركز طبي وعلاج فسيولوجي، وملاعب كرة قدم داخلية، ومضمار لألعاب القوى بمساحة 200 متر. وحوض سباحة وغطس بمواصفات أولمبية، وصالة جمباز، وقاعتين للألعاب الرياضية المتعددة، وصالات لكرة الطاولة، وملعب لكرة القدم الخماسية، وصالة للمبارزة، وساحتي اسكواش. وتجمع الأكاديمية بين التدريب الرياضي وبرنامج تعليمي أكاديمي اجتماعي مكثف وشامل، لتمنح لاعبينا كل المقومات التي يحتاجونها للفوز والنجاح. جامايكا تختبر 2000 طالب سنوياً لتصنع بطلا وضعت جامايكا قدماً لها في مقدمة الركب في سباقات السرعة القصيرة، بعد أن تسيد أبطالها هذه الفئة من السباقات السريعة منذ دورة الألعاب الصيفية التي أقيمت في بكين 2008، لاسيما وأن جامايكا بعد أن قدمت عداءً مميزاً وهو أسافا باول، نجحت في أن تقدم أسطورة سباقي 100م و200م العداء أوسين بولت. تفوق التفوق الجامايكي على صعيد السباقات السريعة لم ينحصر على الرجال، إذ فازت شيرى ان فرايزر برايس بذهبية سباق 100 متر أيضا، بينما لقب 200 متر وحده أفلت من جامايكا والذى كان من نصيب الأميركية اليسون فيليكس. يوجد في جامايكا برنامجا اسمه "بطل"، وهو برنامج وطني سنوي منذ عام 1910، ويضم سنويا أفضل العدائين في مدارس جامايكا، يتضمن سباقات لجميع الفئات العمرية اعتبارا من 5 سنوات. مع الإشارة إلى أن كثيراً من هؤلاء توجوا أبطالا عالميين فيما بعد. ويستقطب هذا البرنامج سنويا نحو 2000 عداء وعداءة ويقام على مدى 3 أيام. طموح بريطانيا تصنع البطل الرياضي من مناهج الدراسة بدأت الحكومة البريطانية في رسم "خارطة" الوصول إلى التفوق الرياضي مستقبلا، وتكرار نماذج التفوق التي كان عليها الأبطال البريطانيون في الأولمبياد. قررت الحكومة البريطانية إدراج كل الرياضات التنافسية ضمن المناهج التعليمية للطلبة البريطانيين منذ الصغر، سعيا في عدم تراجع بريطانيا على الساحة التنافسية. قال كاميرون في تصريحات غداة انتهاء الألعاب الاولمبية "لندن 2012": إن التغييرات المزمعة في المناهج يجب أن تتضمن شرطاً لتوفير الرياضة التنافسية، كما لا بد من استغلال النهضة الرياضية التي تمت في دورة الألعاب الأولمبية لقيادة نهضة الرياضة التنافسية في المدارس الابتدائية. وأضاف قائلا: نحن بحاجة لتوجيه الأطفال للرياضة التنافسية في سن صغيرة وربط المتفوقين رياضياً بالأندية في سن مبكر حتى يحققوا أحلامهم. وكان بيان حكومي قد كشف عن أن اللاعبين الذين أحرزوا أكثر من نصف ميداليات بريطانيا في الأولمبياد انحدروا من مدارس خاصة تهتم بالرياضة التنافسية لتلاميذها. وأعلن كاميرون تخصيص حكومته مليار جنيه إسترلينى (1.6 مليار دولار) على مدى خمس سنوات للاستثمار في مجال الرياضة التنافسية للشباب، ورفع مستوى الملاعب الرياضية، وتطوير صلات الألعاب في الأندية الرياضية والمدارس. وزير الرياضة في تونس: 1.4 مليون دولار تكلفة صناعة بطل أولمبي أكد وزير الشباب والرياضة في تونس، بخصوص برنامج صناعة البطل الأولمبي الذي يشكل أحد أبرز المشروعات الوطنية التي تضعها الدول في مقدمة أجندتها الرياضية، أن الصعود إلى منصة التتويج في الألعاب الأولمبية من أولويات الوزارة وأن تكلفة صناعة البطل الأولمبي تحتاج إلى ميزانية لا تقل عن 1.4 مليون دولار في دورة أولمبية واحدة (4 سنوات) وهو ما يعادل 1% من مجموع الميزانية العامة لوزارة الرياضة، منوهاً إلى أن ميزانية إعداد البطلة الأولمبية حبيبة الغريبي لأولمبياد لندن 2012 حينما حققت ذهبية سباق 3000 متر، بلغت حينها 500 ألف دينار تونسي في العام الواحد (173 ألف دولار)، فيما وصلت ميزانية إعداد البطل الأولمبي أسامة الملولي الفائز بذهبية أولمبياد بكين 2008 في سباق 1500 م سباحة حرة، وذهبية 10 كلم في أولمبياد لندن 2012 إلى مليون دينار سنوياً (340 ألف دولار)، مشيراً إلى أن هذه الأرقام تضاعفت في الوقت الحالي. وقال الوزير إن مصاريف إعداد الرياضيين تشمل تذاكر السفر ورواتب الأجهزة الفنية والمعسكرات الخارجية لفترات طويلة لأنها ضرورية لإعداد الرياضيين للمنافسة على مستوى عالٍ، منوهاً بأن اختيار المعسكرات يتم وفقاً لشروط معينة، ومنها توافر أبطال عالميين في مكان استضافة المعسكر لإجراء منافسات قوية معهم من شأنها أن تسهم في رفع مستوى اللاعبين.