يشارك العملاق الصيني في الألعاب الأولمبية الحالية المقامة بعاصمة الضباب، لندن، ب396 رياضيا ورياضية، بينهم 29 من حملة الميداليات الذهبية في دورة بكين 2008 التي تصدرت الصين الترتيب فيها ب100 ميدالية منها 51 ذهبية، وتتصدر إلى حدود صباح يوم أمس الخميس أولمبياد لندن ب77 ميدالية منها 36 ذهبية. وهو ما جعل العديد من المراقبين يتساءلون عن سر تفوق الرياضيين الصينيين في السنوات الأخيرة، كما دفع مؤسسات صحفية عالمية إلى تفرد تقارير خاصة للتدريبات التي يتلقاها لاعبو الصين تحضيرا لمثل هاته البطولات. مراكز تعذيب ذهبت بعض التقارير الصحفية إلى وصف معسكرات إعداد الرياضيين الصينيين بأنها «مراكز تعذيب»، هدفها الأول هو إلحاق الهزيمة بالرياضيين الأمريكيين، وحصد أكبر عدد ممكن من الميداليات الذهبية. وقالت التقارير إن ما يتعرض له الأطفال الصينيون في بلادهم أثناء التدريبات الرياضية لا يتلاءم مع أعمارهم، مشددة على أنه رغم القسوة الشديدة التي يعانيها الأطفال خلال مرحلة إعدادهم للمشاركة في المنافسات الدولية، إلا أن ذلك لا يحول دون رغبة أولياء أمورهم في إرسالهم إلى صالات التدريب، أملاً في أن يصبح أبناؤهم أبطالاً يرفعون علم بلادهم عاليا. وكشفت التقارير عن سر تفوق اللاعبين الصينيين في بعض المجالات الرياضية كالجمباز والسباحة والغطس، وقالت إنهم لا يجدون أمامهم في صالات التدريب ما يخفف من آلامهم سوى لافتة كبيرة تحمل كلمة «الذهب»، في محاولة لتهيئتهم نفسياً وطمأنتهم على أن معاناتهم لن تذهب سدى بل ستتوج بانتصارات لبلدهم تُسجل بأسمائهم. يُذكر هنا أن بطلة العالم ست مرات وبطلة الألعاب الأولمبية ثلاث مرات في منافسات القفز الإيقاعي بالماء، الصينية وو مينسيا، صاحبة ال26 عاما، علمت بوفاة جدتها وإصابة والدتها بسرطان الثدي بعد فوزها بالميدالية الذهبية في أولمبياد لندن 2012. ولم يبلغ والدا الفتاة ابنتهما بوفاة جدتها قبل أكثر من عام وإصابة والدتها بسرطان الثدي منذ 8 سنوات بغية عدم التأثير سلبا في حالة الفتاة النفسية للألعاب الأولمبية. تقرير صادم من جهتها، كشفت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية في تقرير مصور نشرته مؤخرا عما أطلقت عليه «معسكرات التعذيب الصينية لأطفال الأولمبياد»، وقدمت الصحيفة صورة شديدة القسوة لطفلة تبدو في الرابعة أو الخامسة من عمرها، وقد ارتسم الألم الشديد على وجهها، فيما يقف مدرب الجمباز على قدميها الصغيرتين في محاولة لتشكيل جسدها كي يصبح شديد الليونة ويتناسب مع رياضة الجمباز، التي تحقق فيها الصين ميداليات ذهبية. وتقول الصحيفة إن «رسوم الكارتون للصواريخ والكائنات الفضائية على الملابس الحمراء التي ترتديها أنها مجرد طفلة، ويذكرنا بالتناقض الواضح بين ما يجب أن تحصل عليه من رعاية في سنها، وبين ما تضطر لممارسته من تمارين قاسية لا يخضع لها الرياضي في الغرب إلا في سن البلوغ». مضيفة أن «صالات الألعاب الرياضية التي ترعى اللاعبين الصغار في الصين أشبه بمعسكرات تعذيب، فهي أماكن للتدريب بلا رحمة، والذي يصل أحياناً إلى الضرب، ورغم ذلك يرسل الآباء أبناءهم إليها ليتدربوا ويصبحوا أبطال المستقبل». لكن الصحيفة الإنجليزية خلصت إلى أنه «رغم كل تلك القسوة في عيون الغرب، فإن هذه المعسكرات تكشف لماذا يفوز الصينيون بسهولة بالميداليات الذهبية في ألعاب كالجمباز والسباحة والغطس». وجهة نظر أخرى ورغم محاولة وسائل الإعلام الغربية تصوير ظروف إعداد الرياضيين الصينيين للاستحقاقات الكبرى بطريقة دراماتيكية، فإن المسؤولين والإعلاميين الصينيين لهم وجهة نظر أخرى في الموضوع، إذ يعتبرون أن تفوق رياضيي بلدهم يعود إلى خمسة أسباب رئيسية، هي «العدد الكبير لمدارس وأوراش صناعة الأبطال»، «بحوث التكنولوجيا الرياضية ودراسة كل كبيرة وصغيرة عن المنافسين»، الطب الصيني التقليدي»، «التدريب المغلق بعيدًا عن أي مؤثرات اجتماعية»، «الحوافز المادية التي تمنح للأبطال الصينيين». ويذهب الصينيون إلى أنه إضافة إلى الأسباب الخمسة لتفوقهم، هناك سبب آخر يعتبرونه جوهريا في ما وصلت إليه الرياضة في بلدهم وهو «الاستعانة بالخبرة الأجنبية»، حيث يقولون إن هناك كذبة كبيرة اخترعها الغرب ثم صدقها بعد ذلك، حين ادعى أن «النموذج الرياضي الصيني منغلق على نفسه»، وهو الأمر الذي تكشف الوقائع أنه مجانب للحقيقة، حيث استعانت الصين بخبرات أجنبية كثيرة في للنهوض بالعديد من الرياضات مثل كرة القدم، كما تم إرسال الكثير من الرياضيين إلى الدول العريقة في أنواع معينة من الرياضات لتلقي التداريب. وفي هذا الإطار قال تسوى دا لين، نائب رئيس الفريق الأولمبي الصيني، في تصريحات لوسائل الإعلام الصينية إن «استقدام المدربين الأجانب، واستيراد الطرق والمفاهيم المتقدمة، يعدان من العوامل المهمة لنجاح الرياضة الصينية، وفريق المبارزة الصيني هو خير مثال بهذا الخصوص. ففي عام 2006، كلفت الصين المدرب الفرنسي الشهير تشريستيان بانير بتدريب منتخبي المبارزة الصينيين، لقد غير أعضاء الفريق مفهومهم تجاه المبارزة، ولا يعتبرون الرياضة بمثابة مورد رزق، بل يعتبرونها عرضا مفعما بالحماسة». وبفضل مساعدة بانير، فاز تشونغ مان ينغ بذهبية المبارزة للرجال في أولمبياد بكين، وكانت تلك الميدالية الذهبية الأولى في رياضة المبارزة في تاريخ مشاركة الصين في الألعاب الاولمبية. وهناك مثالان ناجحان آخران هما فريقا كرة السلة ذكورا وإناثا، ومدرباهما جاءا من ليتوانيا وأستراليا على التوالي.