ونحن على مشارف نهاية الموسم الجامعي، إن لم يكن قد انتهى فعلا، مازال ملف طلبة كليات الطب والصيدلة عالقاً دون حل، دون التوصل لأي اتفاق مع الحكومة بشكل عام ومع الوزير الوصي على القطاع بشكل خاص، في عنوان لأكبر أزمة تهدد نهاية الموسم الجامعي، لتنضاف إلى سلسلة المشاكل التي يعاني منها القطاع الجامعي بالمغرب حتى بات تصنيف الجامعات المغربية في أدنى الرتب عالمياً وإفريقياً، وباتت معه صورة المغرب مهددة بالكثير من الخدش، خاصة وأن الوزير الوصي على القطاع أبان عن عجز كبير في تدبير الملف والوصول مع هؤلاء الطلبة إلى حل توافقي ينقذ سمعة التعليم الجامعي بالمغرب، خاصة وأن الأمر يتعلق بطلبة هم دكاترة وصيادلة الغد، وينقذ معه صورة المغرب التي تتذيل الترتيب في سلم التعليم الجامعي. إن جزءا غير يسير من الأزمة الحالية مرتبط بتصلب موقف الوزارة، وبالتردد في الجلوس مع ممثلي الطلبة من أعضاء وعضوات التنسيقية أو اللجنة الوطنية، وهو أمر غير مفهوم في ظل السياق الحالي، بحيث يتم التشبث بشكل غير مبرر بشكليات بيروقراطية وغير ديموقراطية تستند إلى عدم اعتراف الوزارة باللجنة الوطنية كممثلة للطلبة، مع أن الواقع يقول عكس ذلك ويؤكد أن هؤلاء منتخبون ولهم آلياتهم الديموقراطية التي يعتمدون عليها في إطار الجموع العامة للتنسيق، مركزياً ومحلياً، من خلالها يتم اتخاذ القرار، والثابت أنه لا أحد من الطلبة خرج بتصريح يتبرأ من القرارات الصادرة عن الجموع العامة، لكن يبدو أن الوزارة لها منطقها الذي كانت تراهن من خلاله على إرغام الطلبة قصد التراجع عن موقفهم، سواء من خلال سلسلة إجراءات تعسفية تم اتخاذها تمثلت في طرد مجموعة منهم ممن يُعتبرون من قيادات الطلبة، وقد كان هذا الطرد ليس فقط تعسفيا بل فيه تقديم صورة غير ديموقراطية لقطاع وزاري مرتبط بالجامعة وبالحركة الطلابية وساحات النضال الطلابي. الوزارة اعتقدت أنها بفرضها لأجندة منفردة مرتبطة بوضع جدولة زمنية للامتحانات ستشق وحدة صف طلبة كليات الطلب والصيدلة، فكان أن جاءها الرد متمثلاً في مقاطعة قوية، شاملة، وازنة لهذه الامتحانات، وقد كان يمكن التوافق معهم والإعلان عن الامتحانات في ظل تصور لحل شمولي لهذا الملف وليس اتخاذ إجراءات هدفها الأول والأخير هو الضغط على الطلبة ودفعهم إلى مراجعة موقفهم «بالقوة»، قوة الجدولة الزمنية للامتحانات، لكن الواقع كشف أن هؤلاء الطلبة لهم وعي حقيقي وإيمان كبير بمشروعية مطالبهم، وما انخراطهم في مقاطعة الامتحانات متجاوزين خوف الترسيب أو الرسوب إلا مظهر من مظاهر تمسكهم بتنسيقيتهم وبالشكل النضالي الذي أبدعوه والأسلوب الديموقراطي الذي من خلاله يتخذون فيه قراراتهم. هذه الأزمة أعادت صور الأسر، أسر الطلبة، وهي محتضنة لنضالات أبنائها؛ جميع المسيرات والوقفات الاحتجاجية التي نُظمت شاركت فيها أمهات وآباء الطلبة في دعم لهم، وكان لهذا الدعم الأسري الأثر الكبير في صمود الطلبة ومحفز لهم قصد الاستمرار في نضالهم الطلابي لحين تحقيق مطالبهم التي يعتبرونها مشروعة، عادلة، مرتبطة بمستقبلهم الدراسي/الجامعي والمهني. اليوم، ونحن على أبواب الإعلان بشكل رسمي عن سنة بيضاء إن لم تكن سوداء، سنة ضاعت من عمر الموسم الجامعي في كلية تعتبر من كليات النخبة العالمة، التي ستنتج لنا دكاترة وصيادلة الغد، والأكيد أن الأمر لا يتعلق بعناد طلابي، بل بعدم إدارة الحوار من طرف الوزارة بالاحترافية اللازمة تكون مقدمته احترام هؤلاء الطلبة، والإنصات الجيد لهم والحوار مع ممثليهم...هذا الحوار الذي مازال مفتقداً دون أن تقدم الوزارة بديلاً عنه، عن الجلوس إلى طاولة الحوار مع ممثلي الطلبة للاستماع إليهم، وهي مقدمة لطي هذا الملف ولضمان إنقاذ هذه السنة من عمر ليس فقط الطلبة بل من الموسم الجامعي...وفي حال استمرار تصلب الوزارة ستكون قد تعمدت أن تترك خدشاً كبيراً في تعليمنا الجامعي، سيؤدي، بدون أدنى شك، إلى المزيد من تدني رتبة المغرب في سلم التعليم الجامعي عالمياً!!!