رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين استقالة رئيس الوزراء غابريال أتال، طالبا منه البقاء وتصريف الأمور الجارية، غداة الانتخابات التشريعية التي شهدت فوز تحالف اليسار من دون إحراز الغالبية المطلقة. وطلب ماكرون من أتال البقاء في منصبه «حفاظا على استقرار البلاد»، بحسب الإليزيه، قبل ثلاثة أسابيع من استضافة باريس دورة الألعاب الأولمبية. وبعد المفاجأة التي أحدثتها نتائج الانتخابات التشريعية وحجمت نتائج اليمين المتطرف، بدأت الأطراف السياسية مداولات لتشكيل غالبية وتعيين رئيس للوزراء. لكن ثمة معضلة، إذ لم تتمكن أي من الكتل من الحصول على الأغلبية المطلقة وهي 289 مقعدا بمفردها. إذ يقدر أن تحصل الجبهة الشعبية الجديدة (اليسار) على 190 مقعد ا والمعسكر الرئاسي حوالى 160 مقعد ا وحزب الجبهة الوطنية وحلفائه (اليمين المتطرف) على أكثر من 140 مقعدا. وحذر وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير الاثنين من خطر الانجرار نحو «أزمة مالية» و»تراجع اقتصادي»، لكن رد فعل بورصة باريس كان غير محسوس. وانخفض مؤشر سوق الأوراق المالية الفرنسي كاك-40 بنسبة 0,63%، في نهاية اليوم. بالموازاة مع ذلك، باشر اليسار، من جانبه، مشاورات واسعة. وقال رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور «يتعين علينا خلال أسبوع تقديم مرشح» لرئاسة الحكومة، من خلال التوافق أو التصويت. ودعت النائبة عن فرنسا الأبية الأحد كليمانتين أوتان نواب الجبهة الشعبية الجديدة إلى اقتراح مرشح لرئاسة الوزراء على ألا يكون الرئيس السابق فرنسوا هولاند الذي انتخب نائبا ولا جان لوك ميلانشون. لكن ماتيلد بانو، المسؤولة في فرنسا الأبية، اعتبرت أن ميلانشون البالغ 72 عاما ، «ليس مستبعدا على الإطلاق»، مشيرة إلى أنه «الشخص الذي علم اليسار الفوز من جديد… بحصوله على 22% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية» التي جرت في 2022. في الوقت نفسه، يشتد النقاش كذلك داخل معسكر الرئيس. وقال فرنسوا بايرو، زعيم الوسط المتحالف مع ماكرون، إن الاقتراع «لم يحسم أمر توزيع القوى» و»المشهد ليس واضحا بعد». وأكد نائب من معسكر ماكرون في باريس على أن «التوصل إلى تحالف لديه أغلبية نسبية»، بدون حزب الجبهة الوطنية أو فرنسا الأبية «سيستغرق أسابيع». أما التجمع الوطني، فقد حقق تقدما في البرلمان رغم أنه لم يحقق نصرا كاملا. ويتعين على مسؤوليه أن يدركوا في الوقت الراهن أن غالبية الفرنسيين ما زالت ترفض أن يتولى اليمين المتطرف الحكم. وأعلن زعيم الحزب جوردان بارديلا الذي كان مرشحا لتولي رئاسة الحكومة في حال فوزه أنه «يتحمل جزءا من المسؤولية» في نتائج الجولة الثانية المخيبة للآمال. وأقر بأن خياراته المتعلقة «ببعض المرشحين» لم تكن موفقة. في الخارج، حيث حظيت الانتخابات الفرنسية بمتابعة مكثفة لأسابيع، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن فرنسا «رفضت التطرف» وإن الديموقراطيين «سيرفضونه أيضا» في الولاياتالمتحدة خلال الانتخابات الرئاسية. وفي أوروبا، رحبت بولندا وأسبانيا وألمانيا بهزيمة اليمين المتطرف، وكذلك فنزويلا والبرازيل. واكتفت ايطاليا التي تقودها اليمينية المتطرفة جيورجيا ميلوني بتهنئة التجمع الوطني وحلفاءه. أما الكرملين، المعروف بقربه من حزب الجبهة الوطنية، فقد أشار إلى أنه لا يبني «آمالا» ولا «أوهاما « بتحسن علاقاته مع باريس. ومن المقرر أن يحضر ماكرون قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن يومه الأربعاء وغدا الخميس. وهي أول رحلة له إلى الخارج بعد الانتخابات.