تحبس فرنسا أنفاسها قبل أسبوعين عن الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة التي تجرى في 30 يونيو مع تواصل تقدم اليمين المتطرف في استطلاعات الرأي، وتظاهر أكثر من 250 ألف شخص بكبرى المدن لوقف زحفه نحو سدة الحكم في البلاد. وتتواصل التحالفات الحزبية مصحوبة بتصدعات بداخل اليمين التقليدي واليسار فيما يحاول معسكر الحزب الحاكم استعادة زمام المبادرة وثقة الفرنسيين بوعود بتعزيز القوة الشرائية. وفي مسعى لقطع الطريق على اليمين المتطرف، سارعت أحزاب اليسار لا سيما "فرنسا الأبية" (يسار راديكالي) والحزب الاشتراكي وأنصار البيئة (الخضر) إلى تشكيل ائتلاف، وتنحية خلافاتهم خصوصا بشأن أوكرانيا والحرب في غزة. لكن الائتلاف الجديد الذي أطلقت عليه تسمية "الجبهة الشعبية الجديدة" بدأ يشهد تصدعات السبت مع استبعاد فرنسا الأبيّة ترشيح معارضين لزعيمه جان لوك ميلنشون. وندد النواب المستبعدون ب"حملة تطهير" واتهموا ميلنشون، المرشح السابق للرئاسة، بحملة "تصفية حسابات". واستنكر آخرون ترشيح أدريان كانتين المقرب من ميلانشون مجددا على الرغم من إدانته في العام 2022 بعنف منزلي. وأعربت رئيسة أنصار البيئة مارين توندولييه عن "صدمتها الكبرى" لهذا "التطهير" داخل فرنسا الأبيّة، ودعت صباح السبت هيئات حزبها للاجتماع، داعية الجبهة الشعبية الجديدة إلى دعم المرشحين الذين استبعدهم حزب اليسار الراديكالي. أما الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند (2012-2017) المؤيد لتوحيد صفوف اليسار ففجّر مفاجأة بإعلان ترشحه للانتخابات التشريعية في كوريز (وسط) مبررا خطوته بأن "الوضع أخطر مما كان عليه في أي وقت مضى". وكان ماكرون الذي يشارك في نهاية الأسبوع في قمة مجموعة السبع في إيطاليا وفي قمة حول اوكرانيا تستضيفها سويسرا قد انتقد الخلافات الداخلية في صفوف اليسار واصفا التكتل بأنه "استعراض غير مترابط إطلاقا". واعتبر أن كل طرف "يفكر بصورة مناقضة" للآخر مضيفا "نحن أمام مجانين، هذا ليس جديا". ووعد رئيس وزرائه غابريال أتال مساء السبت باتخاذ عدة إجراءات لصالح القوة الشرائية في حال الفوز، ومنها تخفيض فواتير الكهرباء بنسبة 15% "اعتبارا من الشتاء المقبل"، وتوسيع التأمين الصحي العام، والإعفاء من بعض الضرائب لمشتري العقارات لأول مرة. ويتصدر التجمع الوطني حاليا نتائج استطلاعات الرأي. وأظهر استطلاع للرأي نشر السبت حصده 33 بالمئة من نوايا التصويت، متقدما على الجبهة الشعبية الجديدة (25 بالمئة) والمعسكر الرئاسي (20 بالمئة). وفي صفوف اليمين التقليدي، شهدت البلبلة التي تهز حزب الجمهوريين تقلبات جديدة مع إبطال محكمة باريس الجمعة قرار المكتب الوطني للحزب إقصاء رئيسه إريك سيوتي بعد دعوته لتشكيل تحالف مع التجمع الوطني، فيما أكد بارديلا أن حزبه سيقدم "مرشحا مشتركا" مع الحزب اليميني "في سبعين دائرة". ومن دون الإشارة إلى فرنسا على وجه التحديد، قالت رئيسة الحكومة الإيطالية السبت جورجيا ميلوني التي استضافت بلادها قمة مجموعة السبع في اليومين الفائتين إنها تأمل أن تأخذ أوروبا في الاعتبار "الرسالة" التي وجهتها الانتخابات الأوروبية، والتي تميزت بصعود اليمين المتطرف. (أ ف ب)