يعتبر هشاك الدكيك تجسيدا لكرة القدم المغربية داخل القاعة، حيث كان لاعباً مشهوراً، وشغل مركز صانع الألعاب في المنتخب الوطني خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قبل أن يتولى تدريب الفريق منذ عام 2010، ويلعب دوراً أساسياً في تطوير هذه الرياضة التي يحبها بشغف كبير. وقال المدرب البالغ من العمر 50 عاماً لموقع الفيفا: «عندما يكون مركزك صانع الألعاب، وهو الدور الأكثر أهمية من الناحية التكتيكية، ليس فقط في هذه الرياضة، بل في الرياضات الأخرى أيضاً مثل كرة السلة وكرة اليد وكرة الطائرة، يصبح لديك نهج مستمر تجاه اللعبة، حيث تكون حلقة الوصل بين استراتيجية المدرب وما يحدث داخل الملعب. وهذا الأمر يجبرك تقريباً على أن يكون لديك حب أكبر لهذه الرياضة». لقد تأهل منتخب المغرب تحت قيادة الدكيك إلى كأس العالم لكرة الصالات للمرة الأولى في عام 2012، وهو الإنجاز الذي وضع أساس ما يسمى اليوم ب «لمسة الدكيك». وبعد أربع سنوات، وصل مع فريقه إلى جوهانسبورغ للظفر باللقب الأول في بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة الصالات، وكان الفوز على مصر 3 – 2 في النهائي بمثابة بداية هيمنة الكرة المغربية على رياضة داخل القاعة في القارة. وقال الدكيك: «لدي كلمتان رئيسيتان فقط: العمل والمثابرة. هذا ما يوجهني ويحفزني طوال اليوم. لكن سنواتي الأولى كانت تحدياً، حيث كنت لا أزال مدرباً شاباً». وأضاف: «تعلمت إتقان بعض جوانب حياة البطولة من خلال عملي. في عام 2000، على أرض الوطن، كان (الإنجاز في كأس الأمم الأفريقية) تأكيداً على العمل الجيد، بينما كان لقب 2024 بمثابة التكريم». هذه الإنجازات جعلت المدرب المغربي التكتيكي مثالاً يُحتذى به. حيث حظي بإعجاب زملائه بسبب طول فترة بقائه مع الفريق ومثابرته. وقال وليد الركراكي، الذي قاد المنتخب المغربي إلى نصف النهائي في نهائيات كأس العالم (قطر 2022) : «هشام هو أفضل مدرب في المغرب وإفريقيا وخارجها». وفي شهر سبتمبر المقبل، سيواجه بطل إفريقيا ثلاث مرات تحدياً جديداً، متمثّل في خوض بطولة كأس العالم لكرة الصالات FIFA أوزبكستان 2024. وقال الدكيك بهذا الشأن: «لا يمكننا الانتظار حتى نتواجد هناك، نحن نؤمن بقدرتنا على المنافسة. لدينا أيضاً مكانتنا كأبطال قاريين ويجب أن نحافظ عليها. بالتأكيد، سوف نحتاج إلى الاستعداد جيداً حتى نكون جاهزين للحدث الكبير». وفي حوار مطول مع موقع الفيفا، تحدّث الدكيك بالتفصيل عن النهائيات العالمية المقبلة، وتطور كرة الصالات في وطنه، وأحدث ألقاب فريقه في كأس الأمم الأفريقية، بعد الفوز 5 – 1 على أنغولا في النهائي الشهر الماضي. بعد أن كنت على رأس المنتخب المغربي لمدة 14 عاماً، كيف تقيّم تطور كرة الصالات في بلدك؟ لم أكن مدرباً بدوام كامل طوال 14 عاماً. خلال السنوات الخمس الأولى، قبل أن يتعزز حضورنا داخل اهتمامات الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، حيث كنا نقيم بعض المعسكرات التدريبة من حين لآخر استعداداً للمباريات الودية والبطولات. أعتقد أن نقطة التحول جاءت بعد لقبنا الأول في كأس الأمم الإفريقية عام 2016. بعد ذلك، أصبحنا أكثر احترافية وخضنا سلسلة من المباريات الدولية للحفاظ على مستوانا. لم نكتفِ بما حققنها، وهذا أمر مهم. لقد قمنا بقدر هائل من العمل لبناء أساس متين. للمرة الثالثة على التوالي، فزت بكأس الأمم الأفريقية لكرة الصالات. ما هو السر الخاص بك؟ العمل، بكل بساطة. عندما كنت لاعباً دولياً مغربياً، كانت مصر هي التي تحكم القارة. كنت أعلم دائماً أننا كمغاربة يمكننا أن نفعل ما هو أفضل، لأننا لدينا موهبة فطرية في هذه الرياضة. عندما اعتزلت اللعب، أصبحت مدرباً، وهذا الأمر ساعدني كثيراً. بفضل جولاتي حول إفريقيا، تمكنت من الحصول على المكونات التي جعلتني مدرباً خبيراً تكتيكياً كما أنا عليه اليوم، وذلك ساعدني على صياغة رؤية واضحة لتطوير المنتخب الوطني. في أي مرحلة خلال كأس الأمم الأفريقية الأخيرة كنت تعتقد أن اللقب سيكون من نصيبك مرة أخرى؟ منذ البداية، كانت لدي ثقة كبيرة في قدرات فريقي. الشك الوحيد الذي كان لدي متعلق بالجانب النفسي، لأننا كنا نلعب أمام جماهيرنا. تساءلت كيف سيتعامل اللاعبون مع هذا الضغط العاطفي وحذرتهم قبل البطولة. أخبرتهم أن أول شيء علينا التغلب عليه هو أنفسنا. يمكنك أن ترى الأخطاء التي ارتكبناها في الشوط الأول من مباراتنا الافتتاحية ضد أنغولا، والتي فزنا فيها بنتيجة 5 – 2. تلك الأخطاء جاءت نتيجة فقدان التركيز، حتى لو قدمنا أداءً جيداً في نهاية المطاف. لقد كنا فريقاً قادراً على إحداث ردة الفعل، لأنه في بقية المباريات لم نتلقى أي هدف في الشوط الثاني. كنا الفريق الأفضل على الصعيد التقني والتكتيكي، وكنا الأقوى من حيث الاستعداد. حصد المنتخب المغربي جميع الجوائز الفردية في تلك البطولة، حيث فاز بلال البقالي بجائزة أفضل لاعب، وسفيان الشعراوي بجائزة الهداف، وعبد الكريم أنبيا بجائزة أفضل حارس مرمى. كيف تفسّر هذا النجاح؟ + أسلوبنا ونظام اللعب يدور حول الفريق. ليس لدينا مركز يمكن أن يشغله لاعب معين فقط. بالإضافة إلى ذلك، نحن لا نستخدم لاعب محور مخصص، حيث يمكن لجميع اللاعبين القيام بهذا الدور. يعتمد أسلوبنا على التناوب واللامركزية. الجميع يهاجم، والكل يدافع. ولهذا السبب، يفوز دائماً لاعبونا بالجوائز. في كأس العالم لكرة القدم داخل القاعة الأخيرة، خسر المغرب بصعوبة في ربع النهائي أمام البرازيل. ما هي الدروس التي تعلمتها من هذا الإقصاء؟ تعد البرازيل واحدة من أعظم الدول في كرة القدم داخل القاعة على هذا الكوكب. حيث تملك خمسة ألقاب عالمية. كان ذلك يمثّل عائقاً نفسياً، وكانوا أكثر خبرة منا، كما كان هذا أول ربع نهائي نخوضه. الآن، ذهنياً، أصبحنا أكثر صلابة ونريد الذهاب إلى أبعد مدى ممكن. إذاً، ما الذي يمكن أن نتوقعه من أسود الأطلس في أوزبكستان 2024؟ + بالنظر إلى الفرق المشاركة في كأس العالم، يمكننا أن نتوقع منافسة جيدة. لن يكون هناك وقت لنضيعه، نحتاج إلى البدء في العمل بسرعة. من حيث البنية التحتية والتسويق ومستوى اللعب، ليس هناك حاجة لكأس العالم لكرة القدم داخل القاعة أن تحسد نظيرتها في كرة القدم التقليدية (11 لاعباً). أنا متأكد أن أوزبكستان تستعد لمهرجان كبير لكرة الصالات، ونحن نتطلع إليه. ستكون بطولة كأس عالم استثنائية. ستكون هذه البطولة الرابعة التي تخوضها في كأس العالم، كيف تشعر حيال ذلك؟ هذا هو رقمي القياسي. أنا فخور بكوني أول مدرب يتأهل مع نفس الفريق لأربع نهائيات لكأس العالم على التوالي. إنه أمر مرضي للغاية. ومع ذلك، فإن مسيرتي كمدرب للمغرب لم تكن لتتحقق لولا ثقة الجامعة والفريق المحيط بي. ناهيك عن السياسات الرياضية التي روّج لها ملك المغرب محمد السادس، والذي يفضله يمكننا الاستمتاع بمرافق جيدة والمضي قدماً. باعتبارك أحد أبرز مهندسي تطوير كرة الصالات في وطنك، ما هو شعورك عندما سمعت عن إطلاق بطولة كأس العالم لكرة الصالات للسيدات ؟ لا أستطيع أن أصف الفرحة التي شعرت بها عندما سمعت الخبر. قبل بضع سنوات، شاركت في المبادرة التي أدت إلى إنشاء المركز المغربي لكرة لاقدم داخل القاعة. أنشأنا فريقاً لجميع الفئات السنية للبنين، ثم أنشأنا نفس الشيء للفتيات. كان من المهم جداً متابعة تطور لاعبينا عن كثب. إنني أتطلع بالفعل لرؤية أداء اللاعبات خلال نهائيات كأس العالم للسيدات، وأنا متأكد أن ذلك سيخلق فصلاً جميلاً في تاريخ الفيفا.