أمام توالي احتجاجات المعارضة بكل أطيافها داخل مجلس جماعة الرباط، وبعد وصول العمدة أسماء غلالو إلى الباب المسدود، وأمام تداعيات الانتقادات القوية التي وجهتها المعارضة إلى العمدة بخصوص استفرادها باتخاذ القرارات، والتي وصلت حد دعم ضحايا زلزال الحوز بمبلغ مليار سنتيم من دون عقد أي اجتماع أو اللجوء إلى أعضاء المجلس، وهو الملف الذي كان تم وضعه بين يدي والي جهة الرباطسلاالقنيطرة «مُحمد اليعقوبي» الذي وجد نفسه مطالبا بتطبيق القانون. وهكذا راسل والي جهة الرباطسلاالقنيطرة، رئيسة مجلس جماعة الرباط مطالبا إياها بكل الوثائق التي تبرر صرف هذا المبلغ، كما طالبها بمحضر اجتماع المجلس الذي تم خلاله الموافقة على تخصيص دعم مالي لضحايا منطقة الحوز، ولم يقف الوالي محمد اليعقوبي عند ذلك بل طالب بمده بنسخة من قرار موافقة وزارة الداخلية على ذلك. وقبل أن يتم البحث في هذا الملف، فجرت المعارضة قنبلة مدوية عند تسريب وثيقة تحمل توقيع زوجها عندما كان رئيسا لمجلس عمالة الرباط، والتي بموجبها استفادت سيدة من سكن وظيفي بالرغم من كونها غير موظفة. وفي خضم كل هذه القضايا، قدمت أسماء غلالو استقالتها من مجلس جماعة الرباط يوم الأربعاء الماضي. وقد فاجأت الاستقالة كل منتخبي وموظفي المقاطعات، وأعضاء مجلس جماعة الرباط، خاصة وأن العمدة كانت ركبت تحدي التمسك بمنصبها في ظل الاحتجاجات وشعارات» ارحلي» التي رفعت في وجهها منذ انضمام الأغلبية التي كانت تساندها إلى المعارضة . وتجلت قمة الاحتجاجات في الفوضى العارمة التي عرفها مقر مجلس جماعة الرباط مؤخرا، والتي اتهمت فيها العمدة من طرف معارضيها بتسخير غرباء لمواجهتهم والاعتداء عليهم، وهي الأحداث التي أججت الاحتقان وسط أعضاء مجلس جماعة الرباط، حيث طالبوا بضرورة اللجوء إلى القضاء، وكان بعد ذلك تقرر داخل المعارضة عقد ندوة صحفية لإطلاع الرأي المحلي والوطني على كل ما يحيط بطريقة تسيير اسماء غلالو لمجلس جماعة الرباط، لكن هذه الندوة الصحفية تأجلت في آخر لحظة من دون تقديم أي مبررات لهذا التأجيل . وحتى تؤجج العمدة الصراع قامت بعدها بسحب تفويض التوقيع من نائبها الثاني المنتمي لحزب الاستقلال، والذي كان مكلفا بتدبير قطاع الطرق والمناطق الخضراء. وهناك تساؤلات مشروعة تطرح الآن: هل استقالة أسماء غلالو من رئاسة مجلس جماعة الرباط، كانت تلقائية أم أنها كانت ضمن توافقات ؟ وهل سيتم تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة خاصة وأن مجلس جماعة الرباط همش كل ما يهم ساكنة الرباط، وانخرط في سلسلة من الحروب لكسر العظام، والتي تابعها مكتب جريدة «الاتحاد الاشتراكي « بالرباط من خلال (صفحة الجهة) أولا بأول، وتم رصد كل المشاكل والاختلالات التي جعلت عجلة الشأن المحلي بالرباط متوقفة، في وقت تعرف هذه المدينة انطلاقة مشاريع ملكية عملاقة في كل المجالات. وكان بإمكان مجلس جماعة الرباط- الذي كانت ترأسه غلالو المنتمية إلى حزب التجمع الوطني للأحرار -التعامل مع هذه المشاريع بطريقة براغماتية إيجابيا-لكن ذلك مر جانبا منذ أن فقدت رئيسة المجلس أغلبيتها، ورفاقها في الحزب، ومنذ أن تم إسقاط ميزانية سنة 2024 ، ومنذ أن سلكت رئيسة المجلس الجماعي أسلوب الهروب إلى الأمام وفتح العديد من واجهات الصراع مع أطراف متعددة ،سواء داخل المجلس أو مع النقابات والموظفين وبعض المهنيين، وبعض المؤسسات التعليمية. وكان على سلطة الوصاية التدخل منذ أن اشتعلت أولى شرارات الصراع داخل المجلس، وقبل أن يصل الأمر إلى مقاطعة الجلسات العادية والاستثنائية، تارة من طرف الرئيسة، وتارة من طرف المعارضة، وهو ما كان سببا في «بلوكاج «خطير داخل مجلس جماعة الرباط. ويبقى التساؤل الكبير الذي يقلق ساكنة الرباط أيضا:هل سيتم تدارك الوقت الضائع خلال نصف الولاية الأولى التي كانت أشرفت عليها اسماء غلالو أم أن البحث عن رئيس جديد لمجلس جماعة الرباط، سيدخل الجماعة في فصل جديد من الصراعات تتحكم فيه التقاطبات والتجاذبات الحزبية الضيقة، وتتحكم فيه إرادة البحث عن خلف من داخل الجهة القوية عدديا داخل المجلس، وليس إرادة البحث عن رجل سياسي، قادر على خلق لحمة بين كل الأحزاب الممثلة داخل المجلس، خاصة وأن تجربة أسماء اغلالو كشفت كيف تحولت الأغلبية إلى معارضة بالرغم من الانتماء الحزبي وبعض التحالفات التي كانت فوق رمال متحركة.