لست خبيرا في قضايا معالجة آثار الكوارث الطبيعية، ولا يمكنني الادعاء بأني أعلم من الخبراء في مجال التنمية القروية بما يجب القيام به لإخراج المناطق المنكوبة بالأطلس المغربي الكبير من واقع الدمار والخراب إلى واقع اقتصادي واجتماعي من المفروض أن يكون مستقبلا أفضل مما كان عليه قبل الزلزال. فرب ضارة نافعة! لذا اعتبر رأيي في موضوع إعادة الإعمار مجرد رأي يمكن الأخذ به كلا أو جزءا، ويمكن إيجازه في ما يلي: 1) يجب أن تندرج عملية إعادة الإعمار ضمن استراتيجية تنموية شاملة ومستدامة ليس فقط للمناطق المنكوبة وإنما للعالم القروي والمناطق الجبلية في كل أنحاء المغرب، تسعى لتحقيق عدالة مجالية بين الجهات وبين المدينة والبادية. لقد عرى الزلزال وتداعياته الخصاص المهول الذي يعاني منه الجبل في مجال البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة، والعوز الكبير والمجحف الذي يعاني منه أهل الجبل. كفى من اعتبار الجبال المغربية وطنا من الدرجة الثانية وظيفته أن يزود المغرب النافع باليد العاملة الرخيصة في قطاعات البناء والفلاحة وغيرها من الأعمال الشاقة. 2) جعل عملية إعادة الإعمار فرصة لإعادة تنظيم المجال وهيكلته بما يساعد على تنميته وفق مقاربة مستقبلية غايتها تحديث العالم القروي، وذلك من خلال إعادة توطين الساكنة على أساس تجميع الدواوير المجهرية المشتتة والمعزولة في قرى نموذجية يراعي في التخطيط لها وبنائها ونموذجها العمراني نمط الإنتاج المحلي. من شأن هذا التجميع اقتصاد المجهود وخفض تكلفة التجهيزات الأساسية من الربط الكهربائي والطرقي والتزود بالماء الشروب، كما من شأنه أن يساعد على إحداث مدارس جماعاتية كفيلة بتحسين شروط العمل التربوي ومردوده، إلى جانب مراكز صحية وسوسيو ثقافية مندمجة. 3) إعادة الإعمار وفق رؤية مجالية مندمجة تقتضي أن تسهر الحكومة على إعدادها وتنفيذها لتجنب أي ارتجال في صرف الاعتمادات الهائلة التي اعتمدتها الدولة لهذا الغرض. فدون مواكبة حازمة وفعالة قد تتعرض أموال الدولة لهدر غير مقبول، ومن المحتمل أن نعيد إنتاج العزلة والعوز، ونبقي على الجبل خارج الدينامية التنموية التي تعيشها بلادنا.