لقد كنا مضطرين لسماع كلمة عبد المجيد تبون أمام الجمعية العمومية لمعرفة إلى أي حد استطاع هذا النظام أن يكون منسجماً ومتوافقاً مع القانون الدولي أولاً ثم مع القرارات الدولية ذات الصلة بالنزاعات التي أشار إليها في خطابه «غير السوي « على رأسها نزاع الصحراء المفتعل من طرفهم، والذين ثبت من خلال خطابه أنهم يعرقلون عمل ستافان دي ماستورا ويقفون على طرفي نقيض من مجلس الأمن وقراراته الأممية. لن نبالغ إذا ما قلنا إن خطاب تبون كان واحدا من أكثر الخطب بؤساً داخل دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة لأنه لا يعكس فقط جمود هذا النظام وعدم قدرته على مواكبة الأممالمتحدة، خاصة في طريقة معالجتها لبعض الملفات التي تهدد السلم والأمن العالميين، بل على رغبة هذا النظام في دفع المنطقة للهاوية إرضاء فقط لأهواء جنرالاته وعسكرييه الذين يرفضون تجاوز أحقاد التاريخ وعقده الموروثة عن مرحلة ما قبل الحرب الباردة، وهم في ذلك لن يتوانوا عن عرقلة أي حل لطي ملف الصحراء ليظل الورقة التي يلعبون بها في المنطقة ويهددون من خلالها كل دول المنطقة بإشعالها وجرها نحو الحرب، هذه الحرب التي يبدو أن تبون يَحن إليها عندما أعلن من على منصة الأممالمتحدة عدم اعترافه بمسلسل التسوية الأممي وبالعودة لسنة 1991، مع ما تمثله من عناوين اضطراب شهدته المنطقة بسبب الحرب المفتوحة التي خاضها تنظيم البوليساريو بالوكالة عن النظام العسكري الجزائري ضد المغرب، وهي الحرب التي انتهت ببناء الجدار العازل وانخراط المغرب رفقة الأممالمتحدة في مسلسل سياسي طويل انتهى بتبني مجلس الأمن لقرارات أممية تستند إلى مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها المبادرة الوحيدة القابلة للتطبيق والمستجيبة لمعايير الأممالمتحدة التي وضعتها لحل الملف. النظام الجزائري أعلن بصريح العبارة موقفه من مسلسل التسوية الأممية، وهو موقف واضح في رفضه لكل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن ورفضه لعمل ستافان دي ميستورا، الذي يتأكد يوما بعد يوم أن هذا النظام هو من يعرقل عمله في إحياء العملية السياسية حيث انتهت لقاءات جنيف1 وجنيف2 ، ووفقا لقرارات مجلس الأمن آخرها القرار 2654 الصادر في أكتوبر الماضي. الأممالمتحدة تستعد لشهر أكتوبر الذي يناقش فيه ملف الصحراء من خلال الإحاطة التي سيقدمها ستافان دي ميستورا، تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن ومسودة القرار التي ستقدمها الولاياتالمتحدةالأمريكية وصولاً إلى القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن، هذا المسار الذي سنعيشه في شهر أكتوبر يستحضر موقف النظام الجزائري المتعنت، المعرقل له، الرافض لأي تسوية تستند إلى معايير الأممالمتحدة وقراراتها، وسيكون مجلس الأمن مستحضراً، أيضا ، لما تم الإعلان عنه من طرف الرئيس الجزائري من مواقف بائدة، بئيسة، متجاوزة، تقوض من فرص السلام وتدفع المنطقة إلى المجهول لجعلها تحت تصرف التنظيمات الإرهابية.