تصدعات في مختلف المرافق ظهرت في مستشفى سعادة للأمراض العقلية بمراكش نتيجة الزلزال الذي ضرب المنطقة ليلة الجمعة 8 شتنبر الجاري، وكشفت مصادر نقابية أن المستشفى المذكور تعرض لأضرار جسيمة على مستوى أقسامه ومصالحه بما فيها أجنحة إيواء المرضى مما يشكل خطرا كبيرا على حياة النزلاء والعاملين بهذه المنشأة الصحية. ودعا العاملون بالمستشفى وزارة الصحة إلى التحرك العاجل لتقييم هذه الأضرار وإيجاد الحلول اللازمة لحماية حياة النزلاء، قبل حدوث كارثة، لكون وضعية المؤسسة الصحية المذكورة لا تحتمل، والشروخ والتصدعات التي تملأ جدرانها وأسقفها تدعو للقلق، وتشكل تهديدا مباشرا للمرضى والموظفين. وفي سياق تداعيات الزلزال والمجهودات المبذولة للتصدي لأضراره، تمكنت فرق الإنقاذ، يوم الأربعاء، من انتشال أحد الضحايا حيا من تحت الأنقاض بدرب الكبص بسيدي يوسف بن علي، وحسب المعلومات التي توصلنا إليها عن الموضوع، فقد أثار اختفاء المعني وهو من مواليد 1963 عن الأنظار منذ حدوث الزلزال، انتباه جيرانه مما دفعهم للتبليغ لدى المصالح المعنية، فانتقلت فرق الوقاية المدنية وعناصر السلطة المحلية والأمن إلى مكان سكنه، الذي تعرض لانهيارات، وبعد التنقيب تحت الأنقاض عثر عليه حيا، ليتم نقله إلى المستشفى لتلقي العلاجات اللازمة من الإصابات التي تعرض لها. وما زالت فضاءات مراكش العتيقة تعرف انهيارات لأبنية متأثرة بالأضرار التي لحقتها جراء الزلزال، وكان آخرها الانهيار الذي شهده درب الحمام بحي باب آيلان صباح الأربعاء، والذي هم سورا لضريح « محمد وعلي» الذي ظهرت عليه قبل ذلك تصدعات وشروخ واضحة، تنذر بسقوطه الوشيك، ولحسن الحظ لم يخلف ذلك أية خسائر بشرية، علما أن مصالح المدينة عمدت في خطوة احترازية إلى تسييج عدد من البنايات التي لم تتعرض للانهيار بعد، لكن يشك في احتمالية ذلك، ومنعت المرور بالقرب منها تفاديا لحدوث أي مكروه. وتشهد الأحياء المتضررة بمراكش، وخاصة بالمدينة العتيقة والملاح وسيدي يوسف بن علي، تحركات للجان تقنية بغاية تحديد الأماكن التي من المحتمل أن يكون بها مفقودون، والاستعلام عن وضعية سكانها، في وقت يجري فيه جرد للمساكن التي تعرضت للضرر. وفي هذا الإطار عقدت فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش ووزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، يوم الأربعاء، اجتماعا مع مكونات الإدارة المركزية واللامركزية للوزارة ومجموعة العمران وممثلين عن الجماعة الترابية لمراكش، خصص لتتبع الوضعية الراهنة للمناطق المتضررة من الزلزال وكذا الوقوف على مدى تقدم عملية تشخيص المباني على مستوى مدينة مراكش والتدابير التي تم اتخاذها من أجل جرد المخاطر القائمة. هذا في وقت كشفت مصادر من قطاع السياحة أن هناك استعدادا لفتح المؤسسات الفندقية المغلقة بمراكش لإيواء المتضررين ممن فقدوا مساكنهم بسبب الكارثة. وفي إقليمالحوز تتواصل مجهودات عناصر القوات المسلحة الملكية والدرك والوقاية المدنية والقوات المساعدة للبحث عن مفقودين وإنقاذ الضحايا وانتشال جثث القتلى من تحت الأنقاض وفك العزلة عن الدواوير النائية، وتمكنت مصالح التجهيز بعد جهد كبير رصدت له معدات لوجيستية وإمكانيات بشرية مهمة، من فتح الطريق إلى جماعة إغيل مركز الزلزال، وتحدت فرق التجهيز ظروفا جد صعبة وتعقيدات كبيرة من أجل الوصول إلى هذه النتيجة، ووصف أحد التقنيين الذي شارك في هذه العملية بكونها محفوفة بالمخاطر بسبب الانزلاقات الصخرية المتكررة التي كانت تعترض العاملين وآلياتهم، حيث أن أطنانا من الصخور التي كانت تملأ الطريق، كانت تستدعي إزاحتها لتمهيد السبيل لفرق الإنقاذ وقوافل المساعدات للوصول للدواوير النائية التي توجد بالمنطقة، ووجه المدير الإقليمي للتجهيز نداء إلى المواطنين لتخفيف الحركة في اتجاه المناطق المنكوبة، لأن ارتفاع الضغط على هذه الطرق يشكل عرقلة لفرق الإنقاذ وسيارات الإسعاف. ويواصل المستشفى العسكري الميداني الذي نصبته القوات المسلحة الملكية بمنطقة أسني تقديم خدماته للمواطنين المتضررين جراء الزلزال، وشملت تدخلاته إجراء عمليات جراحية لفائدة المرضى أغلبهم مصاب بكسور في الأطراف والوجه والفك، والمواكبة النفسية للناجين جراء صدمة الكارثة وعدد منهم ممن فقدوا أهاليهم فيها، إضافة إلى تقديم الأدوية للمصابين بأمراض مزمنة. وتعرف مراكش حركية استثنائية بفعل تواصل إمدادات المساعدات القادمة من مختلف جهات وأقاليم المملكة. وتعيش شوارع المدينة على وقع وصول غير منقطع لأساطيل من الشاحنات المحملة بالأغذية والأفرشة والأغطية والخيام والمعدات الطبية والأدوية، في وقت تغادر قوافل أخرى من نفس الحجم المدينة محملة بمواد الدعم في اتجاه المناطق المنكوبة لتوزيعها على المتضررين. وفي نفس السياق يرتفع حماس المواطنين للمساهمة في المجهود الوطني لمواجهة الآثار السلبية للكارثة، كل حسب استطاعته، وتتقاطر على مركز تجميع المساعدات التابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن كميات كبيرة من هذه المواد، في وقت يواصل المجتمع المدني عمله لدعم هذا المجهود. ومن كثرة الإقبال على هذه العمليات الإنسانية لفائدة المتضررين، نفدت بعض المواد من السوق وفي مقدمتها الأغطية، وتعمل الجمعيات على تنسيق تدخلاتها لإضفاء نجاعة أكبر عليها، سواء من حيث تجميع المساعدات أو توزيعها بالتنسيق مع السلطات المحلية بالمناطق المنكوبة وبعض الجمعيات بعين المكان. ووصلت إلى مراكش تمثيليات للمجتمع المدني الدولي بقصد تحديد طرق المساهمة في هذا المجهود الرامي إلى تخفيف معاناة المتضررين من الزلزال. وفي هذا الإطار وصل وفد عن منظمة « مالتز أنترناشيونال» الألمانية من أجل تقييم الوضع وتحديد سبل التدخل بتنسيق مع نظرائهم المغاربة. وأجرى فريق المنظمة غير الحكومية المذكورة جولات تفقدية في المناطق المنكوبة، حدد من خلالها وسائل الدعم الإنساني الذي يمكن أن تقدمه، في وقت أعلن فيه الصليب الأحمر الألماني عن شحنة تتضمن أزيد من 36 طنا من المساعدات وأكثر من 3000 من الفرش الأرضية العازلة و550 خيمة عائلية. وفي إطار دعم الصندوق رقم 126 الخاص بتدبير الآثار المترتبة عن زلزال الحوز، أعلنت مؤسسة حديقة «ماجوريل» عن تخصيص مساهمة قدرها مليون درهم وضعت صباح الأربعاء في الصندوق المذكور. عدد الوفيات بلغ 2946 والجرحى 5674 إلى حدود السابعة مساء الأربعاء أعلنت وزارة الداخلية في حصيلة محينة إلى حدود الساعة السابعة مساء من يوم الأربعاء، أن عدد الوفيات الذي خلفته الهزة الأرضية بلغ 2946 شخصا، تم دفن 2944 منهم، تغمدهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته، فيما وصل عدد الجرحى إلى 5674 شخص. وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، أن عدد الوفيات بلغ 1684 بإقليمالحوز، و980 بإقليمتارودانت، في حين لم يتم تسجيل أي حالة وفاة جديدة في باقي العمالات والأقاليم المعنية. وأكدت الوزارة أن السلطات العمومية تواصل جهودها للتكفل بالمصابين، وإيواء المتضررين، وإيصال الإعانات الغذائية والصحية لهم، وتأمين حركة السير بالطرق التي تضررت جراء الزلزال، معبئة في الوقت نفسه كل الإمكانات اللازمة لمعالجة آثار هذه الفاجعة المؤلمة. في أسني، الالتفاتة الملكية بلسم للقلوب يعكس المستشفى العسكري الميداني (الطبي- الجراحي) الذي تمت إقامته بمنطقة أسني تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس، حجم التعبئة اللوجستية الكبيرة لفائدة الساكنة المتضررة من الزلزال الذي ضرب إقليمالحوز. ويقدم المستشفى الذي دخل حيز الخدمة في ظرف زمني يقل عن ثلاثة أيام، خدمات علاجية للمصابين المنحدرين من مختلف الدواوير بالإقليم. وتعد هذه الالتفاتة الملكية بلسما لقلوب السكان في المناطق المتضررة، الذين يثمنون عاليا هذه المبادرة ذات الوقع الإنساني الكبير والتي تخفف آلام الضحايا. وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أعربت خديجة، سيدة تعاني من إصابة على مستوى الأطراف السفلى، عن امتنانها وشكرها لجلالة الملك على إثر التدخل الطبي العاجل الذي استفادت منه. وبتأثر بالغ، قالت السيدة خديجة التي تبلغ من العمر 50 عاما: «الحمد لله، لقد أحاطتني الفرق الطبية التابعة للقوات المسلحة الملكية برعاية فائقة أثلجت صدري وخففت مصابي». وبالقرب من خديجة، أشاد النزيل الحسين بأعضاء الطاقم الطبي بالمستشفى العسكري بأسني على الدعم السخي الذي يقدمونه للمرضى. وقال في تصريح مماثل: «لا يسعني إلا أن أشكر جميع أفراد الطاقم الطبي الذين لا يدخرون جهدا لتقديم العلاج لنا «، منوها بالعناية التي يحظى بها الجرحى من سكان الدواوير التي تأثرت بالزلزال. ويوفر المستشفى الميداني للقوات المسلحة الملكية للأشخاص المتضررين، أيضا، خدمات خلية الطب النفسي لمساعدتهم على تجاوز مخلفات الوضع الناجم عن الزلزال. وأوضح الطبيب الرئيسي بالمستشفى الميداني العسكري بأسني، العقيد يوسف قاموس، أن الخدمات الطبية تقدم على مدار اليوم في تخصصات جراحة العظام والوجه والفكين، والأنف والأذن والحنجرة، والمخ والأعصاب، والعيون. واستقبل المستشفى الميداني خلال يوم الاثنين فقط، حوالي 500 شخص ينحدرون من الدواوير المتضررة بإقليمالحوز، استفاد أغلبهم من علاجات إثر إصابات على مستوى الأطراف، الصدر والوجه. أما الشاب زكرياء (17 عاما) فقد خضع لعملية جراحية ناجحة يوم الاثنين بالمستشفى العسكري بعد تعرضه لإصابات خطيرة في أوتار اليد. وأكد البروفيسور عمر أزضوك، المتخصص في جراحة العظام والمفاصل، أن «هذه العملية الجراحية تمت في ظروف جيدة للغاية، لكن المراقبة الطبية و حصص الترويض الطبي تظل ضرورية من أجل التماثل للشفاء بشكل تام». وأبرز أن غرفة العمليات بالمستشفى مجهزة بالوسائل اللازمة لإجراء التدخلات الجراحية الخفيفة إلى المتوسطة بسلاسة، مشيرا إلى أن التدخلات الأكثر تعقيدا تتم بالمركز الاستشفائي الجامعي أو بالمستشفى العسكري بمراكش. ويعاني الأشخاص الذين تم التكفل بهم، على الخصوص، من إصابات على مستوى الأطراف والصدر والوجه. وأكد الطبيب الرئيسي بالمستشفى أن «الأمر لا يتعلق بحالات خطيرة في معظمها»، منوها الى أن العديد من الحالات لأطفال واشخاص مسنين بحاجة إلى دعم نفسي لمساعدتهم على تجاوز تبعات هذا الظرف العصيب. وتجدر الإشارة إلى أنه بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، نشرت القوات المسلحة الملكية، بشكل مستعجل، ليلة تاسع شتنبر الجاري، على إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، وسائل بشرية ولوجيستية هامة، جوية وبرية، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبيا جراحيا ميدانيا. وذكر بلاغ للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية أنه تم اتخاذ التدابير الضرورية على مستوى القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية والحاميات العسكرية للمملكة، للتواصل والتنسيق مع السلطات المحلية. كما تم نشر وحدات للتدخل، وطائرات، ومروحيات، وطائرات بدون طيار، ووسائل هندسية، ومراكز لوجيستية بعين المكان بهدف تقديم الدعم الضروري لمختلف القطاعات المعنية والساكنة المتضررة.