تعيش المكتبة الوطنية للمملكة المغربية على إيقاع احتجاجي صاخب لمستخدميها منذ مدة ليست بالقصيرة بسبب مجموعة من الخروقات التي تعرفها المؤسسة في ظل التدبير السيء للمرفق العمومي وما صاحبه من تدهور خدمات مؤسسة ثقافية عريقة لها رمزيتها ومكانتها داخل المشهد الثقافي الوطني. وقد تم تنظيم وقفة احتجاجية أمام ذات المؤسسة صبيحة الخميس 27 يوليوز بالرباط، والتي عرفت مشاركة قوية لمستخدمي المكتبة الوطنية للمملكة المغربية المنضوين تحت لواء النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية، حيث صرح عادل السليماني الكاتب العام للنقابة ذاتها بأن تنظيم هذه الوقفة الاحتجاجية هو بمثابة صرخة ورسالة شديدة اللهجة لكل من يهمه الأمر تنديدا بالأوضاع داخل المكتبة الوطنية، خصوصا بعد صدور تقرير المفتشية العامة لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، حيث أكد على وجود فضائح مالية وإدارية ومهنية بالجملة تستدعي المتابعة القضائية إعمالا بالمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية في هذا الجانب. وما هذه الممارسات والسلوكات الانتقامية الصادرة عن الإدارة في الفترة الأخيرة بحسب السليماني والموجهة ضد مناضلي النقابة وضد العنصر البشري الساهر على هذه المعلمة، إلا محاولة فاشلة لتمويه الرأي العام وصرف الأنظار عن القضية الجوهرية التي هي التقرير الأسود الصادر عن المفتشية العامة للوزارة الوصية. متسائلا في نفس السياق عن مآل التقرير الأسود الصادر عن المفتشية العامة للوزارة؟ وإلى متى سيظل المستخدم ضحية تأخر الجهات المعنية في اتخاذ الاجراءات اللازمة بناء على التقرير؟ ثم، من يحول دون تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ كما عبر ع. السليماني بخصوص الوضع الحرج داخل المكتبة الوطنية واصفا إياه بأنه لم يعد يطاق، في ظل التدبير السيء للمرفق وما صاحبه من تدهور خدمات المؤسسة بشكل لا يليق بمعلمة وطنية تمثل صورة وواجهة المملكة ثقافيا، تنعدم فيها أبسط الحقوق ولا تحترم فيها المساطر القانونية والإدارية، بحيث تنعدم فيها ظروف العمل الصحية التي تشجع على العطاء والإبداع، إذ لا استقرار وظيفي ولا سلم اجتماعي، بالإضافة إلى حالات تعنيف للنساء المكتبيات، ناهيك عن ممارسات تم وصفها بالشاذة ضدهم، وحالات إجهاض بالجملة، وكذا أزمات نفسية عديدة تؤكدها الشهادات الطبية المتوافدة على الإدارة لعدد من المستخدمين والمستخدمات على وجه الخصوص، وكذا استقالات من المؤسسة بالجملة آخرها رئيس قطب بعد شهر واحد على تعيينه، وإعفاء أزيد من 15 مسؤولا من الاتحاد المغربي للشغل من مناصب المسؤولية آخرهم رئيس شعبة الخدمات للعموم، بالإضافة إلى تنقيلات وإعادة تعيينات بالجملة شملت عددا من مستخدمي المكتبة الوطنية بنسبة 90٪ في تهديد للاستقرار الوظيفي، واقتحام مكاتب المستخدمين، وجوسسة ومقاربة أمنية مرعبة حسب الكاتب العام للنقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية، وكذا عقوبات إدارية وتهم مفبركة للنيل من أعضاء النقابة والانتقام منهم ومنهن عبر نقط مجحفة وشبهات بامتحانات الكفاءة المهنية ومناصب المسؤولية. في ذات السياق، أكد عادل السليماني ممثل النقابة الوطنية للمكتبة المغربية أنها ترفض تحمل المزيد من البطش والشطط في استعمال السلطة الممارس من طرف إدارة المؤسسة، لأن المستخدمين تعرضوا لمجموعة من الضغوطات النفسية والتهديدات المستمرة التي أصبحت تؤثر على حياتهم الشخصية قبل المهنية، نتيجة تماطل الجهات المعنية وتأخرها في اتخاذ الاجراءات اللازمة، كما أشار ذات المصرح إلى الممارسات الشاذة لمدير المكتبة الوطنية تجاه النساء المكتبيات من قبيل الإهانة والعنف اللفظي والتحرش والترهيب النفسي والابتزاز والإرغام على توقيع العرائض ومحاضر الصفقات المشبوهة، ذلك أن هذا الإمعان في المس بكرامة النساء المكتبيات وتعنيفهن قولا وفعلا لن يزيد إلا إصرارا على التصدي والوقوف في وجه هذا المدير المتسلط بحسب قوله. هذا وقد وجه السليماني دعوة صريحة إلى الجهات المعنية بالتدخل العاجل لإنقاذ المؤسسة من الانهيار قبل فوات الأوان ووقوع ما لا يحمد عقباه، داعيا وزير الشباب والثقافة والتواصل إلى الوفاء بتعهده من خلال التدخل العاجل لإنقاذ هذه المؤسسة من الانهيار، ومعه رئاسة الحكومة من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة تفعيلا للمبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة.