في جو جنائزي مهيب، ودع الاتحاديون وعلى رأسهم أعضاء المكتب السياسي ومختلف التنظيمات الحزبية ومعهم ساكنة مكناس، المرحوم بإذن لله المناضل الفذ محمد الجابري إلى مثواه الأخير، بعد صلاة الجمعة 26 ماي 2023 ، وقد ووري جثمانه الثرى بمقبرة «عين الشبيك»، التي شهدت تدفقا لافتا وحضورا استثنائيا لمختلف الأطياف السياسية والمدنية والحقوقية والنقابية من مختلف الحقب الزمنية والتاريخية، التي عاصرت الراحل بالنظر لما عرف عنه من تضحيات جسام ومواقف ثابتة وأخلاق عالية وصفات وخصال نبيلة. وفي كلمة تأبين مؤثرة، باسم القيادة السياسية للحزب، وعلى رأسها الكاتب الأول إدريس لشكر، الذي تعذر عليه، لظروف صحية، الحضور، ذكر جواد شفيق، عضو المكتب السياسي، بالخصال التي ميزت مسار حياة السي محمد الجابري ابن مدينة فيكيك، الذي حط الرحال بمكناس كمناضل وقائد سياسي وأستاذ ومحامي بهيئة المحاماة بنفس المدينة، جمع فيها بين التجربة السياسية والمهارة القانونية دفاعا عن العدالة والكرامة والحق. وأضاف شفيق: «سي محمد الجابري الذي تفتقده اليوم مدينة مكناس، ويفقده زملاؤه في المهنة وطلبته وتلامذته لما كان رجل تعليم، ورفاقه لما تحمل كل المسؤوليات في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سنوات الجمر والرصاص، حيث كان أول كاتب إقليمي للاتحاد منتصف سبعينيات القرن الماضي، وكان قائدا سياسيا فيكيكيا استقر به المقام بهذه المدينة المجاهدة، وضحى وأعطى على مدى خمسة عقود أبان فيها، رحمه لله تعالى، عن نكران ذات، وأخلاق عالية، وصمت بديع، ومحبة للجميع، وتضحيات جسام، ونبل في الأخلاق، وصدق ونزاهة في كل المهام التي تحمل مسؤوليتها. لقد فجعنا كثيرا، وهو الذي لم يشاركنا منذ أسبوعين في المؤتمر الإقليمي للاتحاد الاشتراكي، حيث افتقدناه، وقد كان رمزا للوفاء رغم كبر سنه، ورغم ابتعاده عن كل المسؤوليات، ظل وفيا يحضر في كل المحطات، وفي كل المؤتمرات، وفي كل اللقاءات، ديدنه في ذلك ومحركه أنه رمز للوفاء لا يبغي من وراء نضاله وتضحياته وحضوره غير مرضاة لله والإيمان والوفاء للقيم التي آمن بها على مدى عقود من الزمن. ولعل هذا الحضور الكريم، وهذا الحضور الوافر في جنازة المرحوم لخير دليل على المكانة التي كانت لسي محمد الجابري، المربي والمناضل والمقاوم والمحامي ورجل النضال بامتياز ورجل الأخلاق بامتياز أيضا». وقبل ذلك اتصل الكاتب الأول إدريس لشكر بأرملة سي محمد الجابري، وقدم لها باسم كافة الاتحاديات والاتحاديين أصدق العزاء والمواساة القلبية ولكافة أفراد عائلة الفقيد، معربا لها عن مدى تأثره وحزنه العميقين، ومعه كافة الاتحاديات والاتحاديين، في فقدان سي محمد رحمه لله. هذا ويعتبر الراحل سي محمد الجابري من المناضلين الأفذاذ الذين أبلوا البلاء الحسن على المستوى التنظيمي، حيث كان له الفضل ككاتب إقليمي لمكناس – الرشيدية وعضو اللجنة المركزية للحزب في تأسيس الكتابات الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بكل من الحاجب وآزرو وخنيفرة وميدلت والرشيدية. وفي الميدان أدى ضريبة النضال كعضو باللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم، حيث تم توقيفه كأستاذ للتعليم غداة الإضراب التاريخي ل 10 و11 أبريل 1979، كما تم اعتقاله سنة 1981 رفقة كل من الخلادي والحاج السندك وإدريس الفلوسي، رحمهم لله، وزركان الخمار، أطال لله في عمره، وذلك غداة الإضراب العام الذي دعت له الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، بتاريخ 20 يونيو 1981. ونال ثقة ساكنة مكناس كبرلماني في الانتخابات التشريعية لسنة 1983، وأدى مهامه النيابية بكل إخلاص وتفان حيث كان قريبا من هموم ساكنة العاصمة الإسماعيلية يستقبل المواطنين والمواطنات بمقر الحزب، كل يوم جمعة، للإنصات إلى مشاكلهم والمساهمة في حلها. سيظل الرصيد النضالي والأخلاقي لمحمد الجابري نبراسا ومشعلا ينير طريق مناضلي ومناضلات حزب القوات الشعبية لتحقيق ما آمن به وضحى من أجله الراحل. رحم لله الفقيد وأسكنه فسيح جناته. إنا لله وإنا إليه راجعون.