من أجمل لحظات المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة تلك التي استعاد فيها المهرجانيون فقرة «سينما منتصف الليل»، ومن خلالها ذكرى «نور الدين الصيل» حيث تم تسليم مجسم تكريم الفقيد «نور الدين الصايل» من طرف المهرجان الإفريقي للسينما والتلفزيون بوغادوغو (فيسباكو)، بحضور وفد متكون من المندوب العام الحالي لهذا المهرجان «موسى سوادوغو» والمندوب العام السابق صوما ادريوما وفرانسوا اكوابو، وأعضاء آخرين. خلال هذا الحفل قدم موسى سوادوغو كلمة حول العلاقة التاريخية التي تربط مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية بخريبكة ومهرجان فيسباكو ببوركينافاسو، وهما المهرجانان اللذين تربطهما علاقة شراكة تم توقيعها السنة الماضية. وقال إن هذا اللقاء يأتي تفعيلا لهذه الاتفاقية في شكلها الأولي. أما المندوب العام السابق ل»فيسباكو»، فتحدث عن دور «الفقيد نور الدين الصايل» و»مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية» في تنمية ودعم السينما والسينمائيين الأفارقة من خلال اتفاقيات الانتاج السينمائي المشترك بين المغرب في شخص المركز السينمائي المغربي وبعض الدول الإفريقية الأمر الذي ساهم في تنمية الفيلموغرفية الإفريقية. ويضيف صوما ادريما، الذي كرم خلال الدورة الفارطة للمهرجان، أن مهرجان خريبكة ساهم بدوره في التعريف بالسينما والسينمائيين الأفارقة وتقديم انتاجات سينمائية افريقية ،سواء بالنسبة للسينمائيين الرواد والسينمائيين الشباب. وفي الختام، قدم وفد مهرجان فيسباكو «مجسم نور الدين الصايل» لمدير المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة كريرن عزالدين رفقة بعض أعضاء المهرجان . وتعتبر فقرة «سينما منتصف الليل» إحدى أهم الفقرات التي تميز مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية منذ سنوات والتي تم الاحتفاظ بها وهي فقرة مفتوحة لكل المشتغلين في القطاع السينما بوطننا والقارة الإفريقية . تكريم السينما الكاميرونية إلى ذلك، شهدت فعاليات المهرجان تكريم للسينما الكاميرونية، التي تعد مصدر اعتزاز وطني ورمزا للمثابرة. وشهد حفل التكريم حضورا مكثفا لعشاق الفن السابع في مدينة خريبكة، الذين استمتعوا بفقرات موسيقية كاميرونية، فضلا عن عرض فيلمين من الكامرون يشاركان في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، وهما فيلم «سيدراك» من إخراج نارسيس واندي، وفيلم «مزرعة المزارعين» من إخراج دينغا جون ايستين. وبهذه المناسبة، أكد المخرج الكاميروني نارسيس واندي أن «هذا التكريم دليل على أن إنتاجاتنا السينمائية لها صدى وأن المغرب يدرك أهمية الصناعة السينمائية الكاميرونية»، مضيفا «أنها أيضا فرصة بالنسبة لي كمخرج لمعرفة أن المجهودات التي نبذلها لا تذهب هباء، وأننا ننجز أعمالا ستدخل تاريخ السينما في القارة». وأشار إلى أن «وجودنا اليوم يسمح أيضا بإقامة حوار ثقافي بين الشعبين»، مبرزا في هذا الصدد أن «إحدى وظائف الفن هي خلق هذا النوع من الحوار». من جانبها، أبرزت الممثلة الكاميرونية نيمو لوفلين أن «هذا التكريم للفن السابع والثقافة الكاميرونية تكتسي رمزية كبيرة لأن ذلك يعني أن السينما الإفريقية ككل يتم دمجها تدريجيا كما ينبغي». وأضافت نيمو لوفلين، التي تقوم بدور البطولة في الفيلم الطويل «مزرعة المزارعين»، أن هذه المناسبة تسمح «لنا أيضا بتعزيز وتقاسم تقاليدنا ومعارفنا وثقافاتنا وقوة صناعتنا السينمائية». من جانبه، قال المخرج والمنتج الكاميروني جان روك باتودم «إنه لشرف للسينما الكاميرونية بأن تحظى بهذا التكريم من المغرب، البلد الذي يدافع عن السينما الإفريقية ويقدرها ويروج لها». وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا «بتسليط الضوء على أعمال المخرجين الكاميرونيين الشباب والمخضرمين، وكذلك كل الإنجازات التي حققتها الأجيال السابقة». وخلال هذا الحفل، قدم ممثل عن مكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، وباشا الدائرة الثانية في مدينة خريبكة، سعيد بوبكاري، الدرع التكريمية للفنان والمنتج الكاميروني إلفيس كيمايو. وفي هذا السياق، أعرب إلفيس كيمايو عن شكره العميق لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ولكل الساهرين على تنظيم هذا الحدث الثقافي، «الذين تمكنوا من جعل المهرجان منفتحا على مختلف بلدان القارة الإفريقية». اللغات والثقافات الإفريقية من جانبها، أكدت مديرة المكتب الوطني للسينما في كوت ديفوار، ليسون فال جونسون، أن تثمين اللغات والثقافات الإفريقية يعد رافعة لتطوير السينما في القارة. وأوضحت فال جونسون في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الدورة 23 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، التي تتواصل فعالياتها إلى غاية 13 ماي الجاري، أن المطلوب « الاهتمام بالصناعة السينمائية في قارتنا، وترك بصمة بارزة للأجيال القادمة، من خلال تعبئة كل الوسائل والجهود». وحسب المسؤولة الإيفوارية، فإن الفن السابع ليس فقط وسيلة للتواصل والتعليم والتوعية، بل يحمل أيضا رسائل ونوعا من «الدبلوماسية الثقافية». وردا على سؤال حول التحديات التي تواجه صناعة السينما في إفريقيا، أعربت مديرة المكتب الوطني للسينما في كوت ديفوار عن أسفها لعدم وجود دور سينما وطنية كافية في القارة، داعية إلى «الحث على فتح دور السينما في بلداننا حتى يتمكن الجمهور الإفريقي من مشاهدة الإنتاج وتقديره ولكي يتمكن منتجو ومخرجو الأفلام الوطنية من كسب عيشهم من فنونهم». وأبرزت أنه «في كوت ديفوار لاحظنا أيضا أن صناعة السينما الإفريقية تعاني من مشكل الإنتاج والتمويل»، موضحة أنه «لمواجهة ذلك، وقع المكتب عدة اتفاقيات تعاون مع دول مختلفة في القارة لتمكين صناع الأفلام من إنتاج أعمالهم السينمائية». كما أبرزت أن «التعاون بين بلدان الجنوب في قطاع الأفلام مهم جدا لقارتنا لأنه من خلال مضاعفة الجهود واتخاذ الإجراءات اللازمة، يمكننا تحقيق إنتاجات كبيرة، وبالتالي التوسيع من قاعدة مرتادي دور السينما». وفي هذا الصدد، شددت السيدة فال جونسون على الدور الذي تلعبه مهرجانات الأفلام الإفريقية، على غرار المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، في خلق تبادلات وشراكات ثقافية بين صانعي الأفلام من مختلف البلدان في القارة، مضيفة أن من شأن هذه التظاهرات «فتح النقاش حول سبل الدفع بعجلة الصناعة السينمائية الإفريقية، وعدم الاكتفاء بما أنجز لحد الآن». كما أشارت إلى أن «هذا النوع من المهرجانات هو أيضا نوع من التحفيز الفني الذي لا يسمح لنا فقط بالنضج وإدراك ما نفتقر إليه ولكن كذلك للتعرف على ثقافات وتقاليد كل من الدول الإفريقية المشاركة من أجل إبراز كل هذا التنوع الثقافي». تظاهرة سينمائية قارية من جهة أخرى، قال الممثل التونسي، إيهاب بويحيى إن المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يعتبر تظاهرة سينمائية قارية ذات تاريخ كبير، وينتظرها مستقبل حافل. وأبرز الممثل الشاب، الذي يلعب دور البطولة في فيلم «أطياف»، للمخرج مهدي هميلي، المشارك في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل لهذه الدورة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن إيلاء المهرجان أهمية مركزية للفن السابع بإفريقيا، تجعله من المواعيد السينمائية التي تستأثر باهتمام صناع الأفلام في القارة. وأضاف إيهاب بويحيى، على هامش حلقة نقاش نقدية عقدت اليوم لبعض الأفلام المشاركة في دورة هذه السنة، أن ما أثار إعجابه أكثر في المهرجان هو التنوع الجمالي لأعماله السينمائية المنفتحة على تجارب إفريقية متعددة من تونس والمغرب والبينين ومالي وغيرها، وهو «أمر يساعد على احتكاك الثقافات ببعضها البعض، وبالتالي التقارب فيما بين الشعوب الإفريقية». وأشار إلى أن الفن السابع، على غرار مختلف مجالات الإبداع والفنون، يسعى إلى كسر الحواجز الاجتماعية بين ثقافات البلدان الإفريقية، من خلال تعزيز التبادل والحوار الحضاري بين ثقافاتها المختلفة، بهدف «خلق إطار ثقافي غني بتنوعه، يوحد قارتنا الإفريقية». ولم يفت الممثل بويحيى أن يشيد بمستوى التنظيم الذي يطبع نسخة هذه السنة، معربا عن شكره لكل الساهرين على إنجاح هذه التظاهرة السينمائية الكبيرة، وللشعب المغربي «على حسن ضيافته». ويحكي فيلم «أطياف» (2022)، الذي سيتم عرضه مساء غد على الساعة السابعة والنصف بقاعة المركب الثقافي بخريبكة، قصة «أمل»، الأم التي تعمل بأحد المصانع لإعالة ابنها الوحيد «مومن»، لكنها ستسجن بتهمة الخيانة وممارسة الدعارة. وهو ما جعل ابنها يسلك طريق الانحراف الأخلاقي. بعد خروجها من السجن، ستعمل «أمل» على العثور على ابنها، وانتشاله من عالم الرذيلة الذي غرق فيه. ويتنافس الفيلم الطويل «أطياف» إلى جانب 11 فيلما من 10 بلدان إفريقية، على جوائز المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، والتي تشتمل على «الجائزة الكبرى»، التي تحمل اسم الكاتب والمخرج السنغالي (عثمان صامبين)، و»جائزة لجنة التحكيم»، التي تحمل اسم (نور الدين الصايل)، و»جائزة الإخراج»، (إدريسا ويدراوكو)، و»جائزة السيناريو»، (سمير فريد)، و»جائزة أحسن دور نسائي»، (أمينة رشيد)، و»جائزة أحسن دور رجالي»، (محمد بسطاوي). عروض لفائدة السجناء الأفارقة وجريا على عادته، شارك النزلاء الأفارقة بالمركب السجني لمدينة خريبكة يوم الخميس 11 ماي 2023، في فعاليات المهرجان، وذلك بتعاون مع مؤسسة مهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج التي تكفلت باستقدام 04 نزيلات من أصل 76 والذين ينتمون ل 17 بلدا إفريقيا تتنوع وتتوزع ظروف دخولهم للسجون المغربية، وهم من على الشكل التالي 18 سجينا من غينيا ، و10 من ساحل العاج ، و12 من السنغال ، و10 من الكاميرون، و9 من مالي، و3 سجناء من بوركينا فاسو ومن غينيا بيساو ، ونيجيريا، وسجين واحد من دول مصر ، والنيجري، الطوغو، والبنين ، والتشاد ، غينيا كوناكري وغينيا الاستوائية . وخلاله تم عرض ومناقشة شريط «اناطو» لمخرجته «فاطمة بوبكدي» بحضور مديره الفني الناقد والباحث السينمائي الشرقي عامر «. وخلال حصة النقاش التي تلت العرض، عبَّر العديد من السجناء عن أفكارهم وملاحظاتهم حول مضمون الشريط، وحول الأجواء التي عرفتها الدورة الرابعة للمهرجان الثقافي لفائدة السجناء الأفارقة، والتي هي امتداد لدورات سابقة، تحقيقا لاستمرارية هذه التجربة النبيلة، والتي تمنح نزلاء المؤسسات السجنية آمالا متنوعة قبل اعتناق الحرية … ورشات التكوين السينمائي حرصت مؤسسة المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة على تنظيم ورشات التكوين السينمائي، حيث توصلت مديرية التكوين والورشات ب240 طلبا، وتم قبول 101منها. وتميزت هذه الدورة بإدراج ورشة «الموسيقى التصويرية» لأول مرة ضمن فقرات التكوين السينمائي والتي يؤطرها «عادل عيسى» الذي أنجز الموسيقى التصويرية لعدد من الأعمال والمسلسلات والأفلام التلفزية والسينمائية، كما أنه حاصل على جوائز عن أعمال أنجز موسيقاها التصويرية الأصلية. أما ورشة «تحرير المقال النقدي»، فمن تاطير «جميلة عناب»، مخرجة وسيناريست وأستاذة باحثة بالمعهد العالي للسينما والسمعي البصري بالرباط لها، ولها أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتورة في موضوع: «تلقي الفيلم الروائي الطويل في السينما المغربية «، بينما أطر ورشة كتابة السيناريو: السيناريست «عبد القادر المنصوري»، وله سلسلة من السيناريوهات تم تحويل اغلبها لأعمال تلفزية أو سينمائية من إخراج حكيم بلعباس و سلمى بركاش وفريدة بليزيد .. وغيرهم . و يعتبر مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية الثالث قاريا حسب الترتيب ، قرطاج السينمائي بتونس منذ 1966، والفيسباكو ببوركينا فاسو منذ سنة 1969. وخلال تاريخه يسعى إلى ربط الجسور مع المهرجانين وباقي المهرجانات التي تشتغل على السينما الإفريقية بالقارة وخارجها .