تبادلت الصينوألمانيا انتقادات لاذعة، أول أمس الثلاثاء، على خلفية الحرب في أوكرانيا، ففي حين حذرت بكين الاتحاد الأوروبي من عقوبات تستهدف شركاتها، قالت برلين إن «الحياد» في النزاع يعني الانحياز إلى روسيا. في اجتماعهما الثاني خلال شهر، تبادل وزيرا خارجية البلدين تشين غانغ وأنالينا بيربوك مرارا الانتقادات حول مسؤوليات القوى الكبرى على الساحة الدولية. وحذر تشين مجددا الاتحاد الأوروبي من فرض إجراءات عقابية على الشركات الصينية على خلفية النزاع في أوكرانيا، قائلا إن بكين ستتخذ إجراءات لحماية مصالحها. وفي إشارة إلى نقاشات داخل الاتحاد الأوروبي حول قيود محتملة على ثماني شركات صينية، قال الوزير الصيني إنه إذا تم اتخاذ إجراء عقابي فإن «الصين سترد أيضا بالشكل المناسب لكي تحمي المصالح المشروعة للشركات الصينية». وأضاف أن «الصين والشركات الروسية تربطهما علاقة طبيعية، علاقة تعاون. يجب ألا يتأثر هذا النوع من التعاون الطبيعي». وشدد تشين غانغ الذي يجري جولة أوروبية ستقوده أيضا إلى فرنسا والنرويج، على أن بلاده «تعارض بشدة» فرض دول أخرى لوائحها الخاصة أو اتخاذ إجراءات أحادية الجانب ضدها. يعقد سفراء الاتحاد الأوروبي الأربعاء اجتماعا لبدء محادثات حول الحزمة الحادية عشرة من العقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا. ضمن حزمة العقوبات، أوصت المفوضية الأوروبية بوقف صادرات التكنولوجيا الحساسة الى ثماني شركات صينية للاشتباه في أنها تبيعها لروسيا، بحسب وثيقة اطلعت عليها وكالة فرانس برس. يريد الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات صارمة ضد إعادة تصدير دول ثالثة تكنولوجيا حساسة يمكن أن تستخدمها روسيا في ساحة المعركة، مثل الرقائق الدقيقة. وامتنعت بيربوك عن مناقشة إجراءات محددة قد يتخذها الاتحاد ضد الصين، لكنها قالت إن الاتحاد الأوروبي يريد ضمان أن العقوبات الحالية ضد روسيا «لا يتم تقويضها بطريقة ملتوية» عبر دول ثالثة. وأضافت «الأمر أكثر أهمية عندما تحصل شركات الأسلحة الروسية على سلع ذات صلة بالحرب»، وتابعت «نتوقع من جميع الدول – ونتوقع أيض ا من الصين – أن تستخدم نفوذها على شركاتها لتحقيق هذه الغاية». لكن تشين شدد على أن بكين دفعت دائما في اتجاه «حوار سلمي» لإنهاء الحرب في أوكرانيا، قائلا إنها لا تريد «صب الزيت على النار» عبر التدخل المفرط. وكشف أن الصين سترسل مبعوثا خاصا إلى أوكرانيا بشأن هذه المسألة، وحض ألمانيا على بذل مزيد من الجهود للدفع في اتجاه وقف إطلاق النار وإجراء محادثات سلام. لكن بيربوك حض ت بكين على اتخاذ موقف واضح ضد روسيا محذ رة من أن الحياد في الحرب يعني الوقوف إلى جانب موسكو. وقالت الوزيرة الألمانية إن «الحياد يعني الوقوف الى جانب المعتدي، ولهذا السبب مبدأنا الأساسي هو توضيح أننا نقف إلى جانب الضحية». وحذ ر تشين من أن ألمانيا باعتبارها أكبر اقتصاد في أوروبا ستدفع ثمنا باهظا إذا سعت إلى «فك الارتباط» مع الصين، أو النأي بنفسها اقتصاديا عن العملاق الآسيوي بسبب «خلافات» سياسية. في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي في وقت سابق الثلاثاء، أقر المستشار الألماني أولاف شولتس بأن «الخصومة والمنافسة من جانب الصين قد ازدادتا بالتأكيد». وأيد شولتس موقف رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن هناك حاجة إلى «إزالة المخاطر» الصينية على أوروبا بدلا من الخط الأكثر صرامة الذي تدعو له الولاياتالمتحدة. تسعى بكين إلى تصوير نفسها على أنها طرف محايد في الحرب الروسية في أوكرانيا، وقد أجرى الرئيس شي جينبينغ الشهر الماضي أول اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فولوديمير زيلينسكي منذ بدء الغزو. لكن التعليقات التي أدلى بها سفير الصين لدى فرنسا أخيرا مشككا في سيادة الدول السوفياتية السابقة، جعلت موقفها المحايد موضع تساؤل، ولقي موقف بكين تشكيكا من الولاياتالمتحدة والشركاء الأوروبيين وحلف شمال الأطلسي (ناتو).