Montesquieu a dit deux choses importantes. La première est qu'en matière de guerre il ne faut pas confondre les causes apparentes avec les causes profondes, et la seconde qu'il ne faut pas confondre ceux qui l'ont déclenchée avec ceux qui l'ont rendue inévitable. Guy Mettan لم يمض سوى أسبوع واحد على آخر مكالمة بينه وبين نظيره الصيني «جي شينبينغ »، حتى حل الرئيس الأمريكي «جو بادين» بأوروبا، في سياق «ماراتون» ديبلوماسي مدته يوم واحد، للمشاركة في ثلاث قمم دولية احتضنتها بروكسيل، هي قمم الحلف الأطلسي ومجموعة السبع والاتحاد الأوروبي. هذه الثلاثية لا يمكن أن تمر بدون أن تحيل على تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، التي قالت« إن الصين ستواجه عواقب وخيمة إذا دعمت الغزو الروسي…إن الصينوروسيا لا تشكلان سوى 15 إلى 20 ٪ من اقتصاد العالم. وتشكل دول مجموعة السبع أكثر من 50 ٪. ولذلك، هناك مجموعة من الأدوات تحت تصرفنا بالتنسيق مع شركائنا الأوروبيين إذا احتجنا إلى استخدامها». واللافت في الرحلة الأمريكية، أيضا، هو خلاصاتها «المؤتمنة» إذا شئنا، حيث أن من بين الأهداف التي أعلنها فريق بايدن، في شخص مستشاره للأمن القومي «جيك سوليفان»، الذي وضع هدفا آخر غير الأهداف المتفق عليها من طرف الجميع، أي المواجهات مع روسيا. فقد قال إن من بين الأهداف المنتظرة « التأكد بأن الغربيين يتحدثون بصوت واحد في مواجهة الصين.»! والسؤال هو لماذا يريد بايدن أن يطمئن بأن الحلفاء الغربيين لا بد لهم من لغة واحدة إزاء الصين؟ أصل الحكاية: لا تطلبوا السلم من الصين! الواضح أن واشنطن تريد حرمان الصين من أي دور في حل المشكلة الأوكرانية، إِنْ لم نقل إنها ركبت عليها من أجل أن تجعل الصين جزءا من المشكلة وأحد أهداف التسديد الغربي والمواجهة معها، وبالتالي تكون الحرب الروسية الأوكرانية الحالية مقدمة ساخنة للحرب الباردة القادمة مع الصين. وبالعودة إلى أصل التحرك الأمريكي، يجب التفكير بأن أوروبا كانت سباقة إلى دعوة الصين من أجل لعب دور السياسة بل دور الحسم في الحرب باعتبارها حليفة لروسيا. وكانت الدعوة صريحة من طرف رئيس الديبلوماسية جوزيب بوريل.. في السابع من مارس، حيث قال الممثل الأعلى للسياستين الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، إنه «طالب الصين بالاستفادة من موقفها في ممارسة دور الوساطة بين روسياوأوكرانيا». باعتبارها «(الصين) تؤثر بشكل كبير على روسيا». وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، مشددا على أن« الصين تملك مسؤولية حول حل الأزمة في أوكرانيا وتستطيع الضغط على موسكو وعليها أن تستفيد من تأثيرها القوي حتى نتجنب وضعا أسوأ». ولم تجد الصين غضاضة في ذلك، وأعلنت أنها مستعدة للقيام بهذا الدور.. وكان الرد إيجابيا على لسان عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، الذي عبر بعد ذلك مباشرة عن « استعداد الصين لمواصلة لعب دور بناء لتسهيل الحوار الروسي-الأوكراني من أجل السلام، والعمل جنبا إلى جنب مع المجتمع الدولي للقيام بالوساطة اللازمة». وقال وانغ إنه يتعين على المجتمع الدولي تركيز جهوده على تسهيل المحادثات بين روسياوأوكرانيا ومنع حدوث أزمة إنسانية واسعة النطاق، مشيرا إلى أن الصين قامت ببعض العمل بالتزامن مع الحفاظ على اتصالات وثيقة مع الأطراف المعنية. وأوضح أن الصين تعتقد أنه كلما زاد توتر الوضع، زادت أهمية استمرار المحادثات؛ وكلما اتسع نطاق الخلاف، زادت الحاجة إلى الجلوس وإجراء مفاوضات. وكلها تصريحات تهدف إلى وضع الإطار العام للوساطة الصينية. الأقوى من ذلك، ولعله الشيء الذي لم ترغب فيه أمريكا، ما يتعلق بالنقط الخاصة بحوار روسي أوروبي حول الهندسة الأمنية الجديدة لأوروبا. وفي هذا الجانب تحدث المسؤول الصيني عن أمله في «أن يجري الجانب الأوروبي حوارا شاملا وصادقا مع روسيا في المستقبل بشأن قضايا الأمن الأوروبي، وأن يشكل آلية أمنية أوروبية متوازنة وفعالة ومستدامة وفقا لمبدأ "الأمن غير القابل للتجزئة"». وذهب بعيدا إلى القول بأنه «يتعين على الصين والاتحاد الأوروبي، بصفتهما قوتين رئيسيتين في العالم، العمل معا لاتخاذ استعدادات جيدة لقمة الصين والاتحاد الأوروبي، من أجل إرسال إشارة إيجابية إلى العالم». وهو ما كان يعني إشراك روسيا في خارطة أمنية أوروبية جديدة قوامها الحفاظ على أمن روسيا، والقطع مع الخطاطات الأمنية الموروثة عن الحرب الباردة. وهو أمر لم تسلم به واشنطن أبدا.. النسف على الطريقة التروتسكية! لم تترك واشنطن الفرصة تمر بدون أن تعيد العقرب إلى حالته الحربية، وتعمل على تقويض هذا التقارب بين القوة الصينية والقوة الأوروبية…وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام اتهامات أمريكية للصين بتقديم مساعدات للروس في حربهم وحاولت توريطها بالتهديد بعقوبات تطالها إن هي بقيت على موقف الحياد السلبي من الحرب. واعتمدت واشنطن لغتين متفاوتين في الحديث مع الصين، لغة التهديد، التي اعتمدها وزير الخارجية أنطوني بلينكن، وأخرى للتهدئة التزمت بها «ويندي شيرمان»، نائبته. فقد عبر بلينكن عن القلق ، أو الغضب من المسؤولين في بيكين بسبب ما اعتبره «سعيهم إلى مساعدة روسيا بشكل مباشر بمعدات عسكرية قد يتم استخدامها في أوكرانيا» وذهب إلى حد التهديد بأن«الصين ستتحمل المسؤولية عن أي عمل يهدف إلى دعم عدوان روسيا ولن نتردد في فرض كلفة ذلك عليها». وكان هذا أوضح تحذير توجهه الولاياتالمتحدة إلى الصين منذ بدء غزو أوكرانيا. في الجهة المقابلة، جهة الجَزَرَة إن أردنا، نجد مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، التي قالت «نريد أن يدرك الحزب الشيوعي الصيني الذي يعتبر قوة مهمة جدا على الساحة الدولية … أن مستقبله مع الولاياتالمتحدة وأوروبا ودول أخرى متطورة ونامية. مستقبله ليس في دعم فلاديمير بوتين». بين اللغتين، لا فارق زمني كبير، بحيث أن التوقيت بدوره لم يكن عفويا بالمرة، إذ جاء قبيل المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الصيني والأمريكي، وهو ما اعتبرته التحاليل السياسية والإعلامية عرضين مطروحين على بيكين للاختيار بينهما، اختيار العصا ويمثله بلينكن واختيار الجزرة وتمثله شيرمان.. المعاملة والسر المحفوظ لم يتسرب الكثير من المكالمة بين الرئيسين التي جرت منذ أسبوع تقريبا. وكل ما نشر منها كان يخص الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي قال لجو بايدن «إن النزاعات العسكرية ليست من مصلحة أحد» في جواب في ما يبدو على نظيره الأمريكي الذي كان يسعى لدفع الصين إلى الابتعاد عن موسكو . وبالرغم من أن المكالمة دامت ساعتين فلم يتسرب منها سوى قوله «إن "الأزمة الأوكرانية ليست أمرا كنا نود رؤيته ويعود لنا بصفتنا عضوين دائمين في مجلس الأمن الدولي وأكبر اقتصادين في العالم، ألا نقود العلاقات الصينيةالأمريكية على المسار الصحيح فحسب، بل كذلك أن نتحمل المسؤوليات الدولية المتوجبة علينا ونعمل نحو إرساء السلام والطمأنينة في العالم». والواضح أن الرئيس الصيني كان قد أعاد الثوابت التي تحكم موقفه من الحرب الحالية، إضافة إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. وهي ثوابت تستبعد الحلول الحربية للخلافات، وتدعو إلى احترام الوحدة الترابية للبلدان الأعضاء في الأممالمتحدة، ومراعاة الحقوق المجاورة للدول، والابتعاد عن عقلية الحرب الباردة… أما جو بايدن، فإنه بالإضافة إلى ما صرح به المسؤولون في الخارجية لبلاده، فقد أجرى «الاتصال من غرفة الأزمات الخاضعة لتدابير أمنية مشددة والتي تقود منها الولاياتالمتحدة عملياتها الأكثر خطورة ومفاوضاتها الأكثر صعوبة»!!!. وما استخلصه المحللون من المواقف المنسوبة إليه هو أن بايدن يرى «أن القوتين الكبريين تخوضان بالتأكيد منافسة شرسة على الصعيدين الاقتصادي والاستراتيجي، لكنهما تبقيان على حوار كاف حتى لا تتحول هذه المواجهة إلى مصدر للفوضى على المستوى الدولي». في المقابل لا يستبعد بأن تكون المكالمة بين الرئيسين، والتهديد بالعقوبات والضغط على بيكين، كلها أدوات لاختبار صعب ل«الصداقة بلا حدود» التي أعلنتها بكينوموسكو،في ال4 من فبراير، أي قبل البدء بالهجوم على أوكرانيا بحوالي أسبوعين! وقد اختارت الجهة الصينية أن تقدم خلاصاتها للمكالمة بين الرئيسين، عبر تصريح نائب وزير الخارجية الصيني لي يو تشينغ، الذي ردَّ السبب الجذري للأزمة في أوكرانيا إلى «عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة لدى الغرب»، وشدد في ما بعد على نقطة في جدول الأعمال الروسي، والذي صار صينيا بدوره وتكمن في «عدم التوسع باتجاه الشرق» والذي كان من الممكن أن «يؤدي التزام الناتو به إلى عدم تفاقم الأزمة»! ودق المسؤول الصيني المسمار أكثر عندما اتهم الغرب باللعب بالدول كقطع شطرنج… بقوله خلال منتدى أمني في بكين:«إنه لا ينبغي استخدام الدول الصغيرة كبيادق»!!! بالسنة لبيكين كانت الفرصة مناسبة للكشف عن تفكيرها في التوازنات العالمية الكبرى التي تعنيها عندما قال نفس المصدر إن عدم الالتزام الغربي كان سببا في الحرب… * حلف شمال الأطلسي لا ينبغي له أن يتنكر لوعوده بينما يستمر في الدفع شرقا. * السعي لتحقيق الأمن المطلق يؤدي في الواقع إلى انعدام الأمن المطلق. * محاصرة دولة كبرى، لا سيما قوة نووية في زاوية، سيترتب عنه تداعيات مروعة للغاية، بحيث لا يمكن التفكير فيها. * معارضة الصين دائما العقوبات أحادية الجانب التي لا أساس لها في القانون الدولي. بهذه الطريقة تكون الصين قد أجابت عن معادلتين في نفس الوقت: الأولى تهم نقط جدول الأعمال الممكن أن تكون موضوع وساطة صينية غربية مع روسيا. والمعادلة الثانية تشمل ما تراه بيكين نقطا تتجاوز الأزمة الحالية إلى ما هو أبعد منها، ويتعلق الأمر بالعقوبات وبعدم التفكير في الحدود الآمنة للقوى النووية! ترى الصين أن التحول الأعمق يكمن في «استخدام العولمة كسلاح» مما يستشف منه أن بيكين فهمت أن واشنطن ستتجه لفرض عقوبات ضد الصين بسبب هذا الموقف. ولم تغفل بيكين موقف واشنطن ومحاولات إفشال دورها في حل الأزمة، وحاولت تجاوز هذا المطب بالدعوة إلى توسيع دائرة الحوار.. وفي هذا السياق، كان وانغ يي قد أجرى مباحثات هاتفية مع نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، دعا خلالها «الولاياتالمتحدة وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي وروسيا إلى الانخراط في حوار على قدم المساواة ومواجهة الخلافات التي تراكمت على مدى سنوات عديدة». هل سيكون الجواب إيجابيا من خلال القمم الغربية التي تدور في فلك واشنطن؟ سنرى…. لكن في فهم الفلسفة الصينية الحالية، لا بد من السفر في جذور النظرية الحربية الصينية، التي ترى«أن السيطرة هي الهدف من الحرب، وليس التدمير». كما يستشف من موقفها من الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا أن المسؤولية مزدوجة بين روسيا والغرب، فروسيا مسؤولة لأنها بدأت بالحرب، والغرب مسؤول لأنه جعلها ضرورية.. والحل يتطلب أعصابا هادئة …!