لم يكن أي من المتابعين لحفل افتتاح «الشان» أن يتوقع بأن تصل صفاقة الجماهير الجزائرية للحد التي وصلت إليه، وهي تردد هتافات كلها عنصرية وعنف، هذه الجماهير التي استطاع العسكر الجزائري أن يبث فيها كل حقده وعقده ليجعل منها نسخة طبق الأصل عن الجماهير النازية التي كانت قد اجتاحت ملاعب أوروبا قبل أن يتم القضاء عليها بعد معركة طويلة خاضتها كل القارة الأوروبية، من فرض للعقوبات والمتابعات القضائية والاستهجان الإعلامي والرفض الشعبي...نحن الآن أمام وضع قام فيه جنرالات قصر المرادية باستنساخ تجربة النازيين في ملاعب الجزائر لتطل برأسها على عموم المشاهدين الذين تابعوا حفل الافتتاح بشعارات عنصرية بذيئة حاطة من الكرامة الإنسانية، تتعارض مع كل المواثيق والصكوك الحقوقية الدولية. إن ما شهدناه يتجاوز حالة معزولة، بل هو نتاج لسياسة انتهجها النظام الجزائري لسنوات فأفرزت لنا هذه الكائنات التي سبق لها أن مارست شتى أنواع العنف في البطولة السابقة، والتي قامت الجماهير الجزائرية فيها باجتياح الملعب والاعتداء على لاعبينا الأقل من 18 سنة، في مشهد بئيس لا علاقة له بالرياضة بل ينتمي لنوعية الأنظمة الاستبدادية الشمولية التي تربي عاهات نفسية. افتتاح «الشان» يعكس حجم الانحطاط الذي وصل إليه هذا النظام، إذ لم يكتف باستقدام حفيد نيلسون مانديلا الذي يتاجر بتاريخ جده ويسترزق به ليقدم كلمة كلها تحريض على العنف في المنطقة ودعم تنظيم مليشياتي مسلح إرهابي، بل عمد هذا النظام داخل الملعب إلى التسامح مع تلك العناصر النازية التي رددت، تحت مرأى ومسمع من العالم، هتافات عنصرية مقيتة، تعاقب عليها لوائح «الكاف» و»الفيفا»، وتستهجنها كل المواثيق الحقوقية الدولية والإقليمية والإفريقية، إننا أمام حالة فريدة لم نشهدها إلا في ملاعب الكرة عهد بينوشي، أمام حالة تعكس عطبا نفسيا وإنسانياً من جماهير يُفترض فيها أنها تشجع لعبة تحكمها قيم إنسانية تشجع على التقارب والتعايش، وتعتبر رمزاً للسلام. «الكاف» ليس عليه أن يظل في موقع المتفرج، لقد عمد النظام الجزائري العسكري إلى حرمان المغرب من المشاركة في «الشان» بسبب استحضاره السياسة في الكرة، وإسقاطه لكل عقده التاريخية على بطولة قارية... ومع ذلك لم يقم «الكاف» بأي تحرك جدي لثني هذا النظام عن عدم إقحام السياسة في الكرة، لتنضاف إلى هذا المشهد، صور أخرى من الصور التي غادرت الملاعب الكروية في العالم، ولم نعد نشاهدها إلا في الملاعب الجزائرية، أن تصدح عناصر في افتتاح «الشان» وتحت أنظار «الكاف» بشعارات وهتافات عنصرية ضد المغرب، يطرح أكثر من سؤال على «الكاف» في حال تغاضيه عن الأمر، وفي حال تصرف بعجز أمام العسكر وجماهيره كما تصرف عندما حُرم المنتخب المغربي من المشاركة في هذه البطولة دفاعاً عن ألقابه. البطولات الكروية تقام من أجل تسييد ثقافة التعايش، السلام والتضامن بين الشعوب والدول، لكن مع هذا النظام الجزائري تحولت هذه البطولات إلى مناسبة لزرع وبث الأحقاد وممارسة العنف ورفع هتافات عنصرية تحط من الكرامة الإنسانية، مما يفرض على كل الجهات التي ستنظم مستقبلا أي بطولة في هذا البلد «الجار» أن تعيد ترتيب حساباتها، وإلى حين تحقيق ذلك على الجامعة الملكية لكرة القدم أن تتحرك قضائيا أمام المحاكم الكروية لمعاقبة «الفاف» الجزائري بسبب هذه الممارسات المسيئة والمهينة، التي تمارس في كل بطولة تنظم على الأرض الجزائرية.