الفكر الإنساني شعر الشاعر ذكي. يهيئ صعوبة الفكر. الفكر مخنوق، يابس ودبق، الشاعر يمسده، يلينه، يستثيره. والشاعر، مرة أخرى، يجذب الذكاء من سباته، يحرض على الخروج رأسه، أعضاء مخيخه، قفاه وأصابعه العشرة. يزيل الرواسب عن نفسه. يقشر الفم ويكبل الذراع الأيمن لسيده. ويتمرن على تحريك الرأس داخل الفكر. الشاعر يهيئ فكره الذكاء لا ينبثق من نفسه. يرطب الجمجمة، يجرف رؤيته نحو النظر في ما وراء، منزوفا، لزقا، ناشفا، في طيات الفكر، يمزق بطنه. لا يندفع دون استعداد، الشاعر ذكي، يلج صعوبة الفكر. الشاعر برتحل في الحيز، يتمرن على الكينونة، وهو يفكر، يهيئ نقل الصور. الشاعر يتهيأ كي يفكر يستسلم إلى السقوط في الدرج، يتخلى عن شبكة أرز رشيق، عن شبكة كعكة سحقها الدبوس، يفاجأ، يترك كيلوغرامات من الجوارب هباء، يسقط من الكراسي، من الموائد، من الأشجار، يسترسل في السقوط. الشعر في حقيقة الأمر ذكاء، إنه يولد. الشاعر يصرخ الشاعر يمتطي في هيئة ثعلب مصراد ومحتال سفوح الجبل المشجرة، من الفوق، وبسرعة ينزل مهابط مثلوجة، يزلق، يتدحرج، الشاعر ليس مهما، لا يستطيع التحفظ، يزدرد الأرض، يضطرب في الرواسب، ينزوي في كتلة النهار، يتخبط، لا يرى النهار إطلاقا، هامته طأطأة، يغطس، يباشر الغوص في قلب الفكر، الشاعر يمزج. الشاعر يهيئ رأسه من الصعب استخلاص الفكر من الفكر. يشد رأسه بين يديه، يجسه، يعاضده، يجحظ عينيه، يستخلص اللسان، يغير عظام جمجمته ويحفر فيها ثقوبا، يقتطع في الشكل، يضغط، يشتم النصب، يقلع ضرسا، يرسم أخاديد بعرض وجهه، يضحي بنفسه، يقص قطعا، يغير شكل رأسه، حيث يأخذ أجزاء، يطويها، ينقلها إلى موضع آخر، ثم يخيطها، ويشبكها، بشريط السكوتش الشفاف يضع نفس الأجزاء على الرأس. الشاعر يتمرن على التفكير يداعب تمثل الأشياء. الشاعر مرة أخرى يدجن الذكاء الذي يمكث في الفظاظة. يلعق الحجر، إنه يتقدم في درب الفكر. *(من ديوان: لساني شاعري Ma langue est poétique، دار النشر: Al Dante )