كثيرة هي المجازر التي تم ارتكابها في بلدات وقرى فلسطين من قِبل الاحتلال الإسرائيلي الغاشم سواء كان ذلك على يد جيشه المزعوم أو عصاباته المسلحة الموجودة على أرض فلسطينالمحتلة، فمنذ العام 1947 حتى يومنا الحاضر والشعب الفلسطيني يعاني الكثير من المذابح والمجازر المختلفة، ابتداء من مذبحة قريتي بلد الشيخ في نهاية عام 1947 مرورا بمذابح قرى سعسع، كفر حسينية، دير ياسين، بيت داراس، والعديد من المجازر، ووصولا إلى مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1996 وتلك المجازر التي خلفها العدوان والحروب على قطاع غزةوالضفة الغربية، وأن تلك الصورة الدموية والإرهابية لطبيعة الاحتلال ستبقى هي الماثلة أمام العالم أجمع ولا يمكن أن ينسى الشعب الفلسطيني ما ارتكبه الاحتلال في قرية دير ياسين والمجزرة التي تم ارتكابها بحق مواطنيها. وقعت مذبحة دير ياسين في القرية الفلسطينية المعروفة باسم دير ياسين، الواقعة غربي القدس بتاريخ 9 أبريل عام 1948 على يد العصابات الصهيونية الآرغون (التي كان يتزعمها مناحيم بيجين، رئيس وزراء إسرائيل في ما بعد) وشتيرن ليحي (التي كان يترأسها إسحق شامير الذي خلف بيجين في رئاسة الوزارة)، وتم تنفيذ المجزرة في خداع الجانب العربي حيث وبعد أسبوعين من توقيع معاهدة سلام طلبها رؤساء المستوطنات اليهودية المجاورة ووافق عليها أهالي قرية دير ياسين تم ارتكاب المجزرة بحقهم وراح ضحيتها أعداد كبيرة من السكان معظمهم من الأطفال، وكبار السن والنساء والشباب والتي كان لها تأثير إعلامي كبير مما ترك آثارا كبيرة لتزداد الهجرة الفلسطينية إلى البلدان العربية المجاورة نتيجة الرعب الذي دب في نفوس الفلسطينيين من أحداث تلك المذابح البشعة، وفي ما بعد عملت سلطات الاحتلال عام 1980 على البناء فوق أنقاض المباني الأصلية في القرية وأسموا الشوارع بأسماء مقاتلين الآرغون الذين نفذوا تلك المذبحة. وقد لخصت الوقائع وما آلت اليه نتائج تلك المجزرة حيث كانت نتائجها خلق حالة من الرعب في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني مما أدى إلى الهجرة الفلسطينية لمناطق أُخرى في فلسطين والبلدان العربية المجاورة ولتستمر حالة الضياع الفلسطيني وما تلاها من عدوان شامل خلال عام 1948، مما أدى إلى احتلال فلسطين التاريخية نتيجة ما آلت إليه هذه المجازر من عوامل ساعدت على ترسيخ الوجود الاسرائيلي في فلسطين . وفي ذكرى مجزرة دير ياسين تتكرر المأساة ويستمر العدوان والتصعيد الاسرائيلي المتعمد ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومنازله ومقدساته، سواء من خلال عمليات الاقتحام التي تقوم بها قوات الاحتلال لمراكز المدن والبلدات والقرى والمخيمات الفلسطينية كما حصل في اقتحام مخيم جنين، وما يتصل بالتصعيد الحاصل من اعتداءات ميليشيات المستوطنين الإرهابية على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في عموم الضفة الغربيةالمحتلة، وعمليات أسرلة وتهويد القدس وقمع مواطنيها وتحويلها إلى ثكنة عسكرية خلال شهر رمضان وفرض الحصار والملاحقة للشعب الفلسطيني للنيل من إراداته وتركعيه ومحاربة قيام دولته الفلسطينية المستقلة . مهما تواصلت آليات القمع والعدوان وتصاعدت وتيرة الاحتلال الاسرائيلي الهمجي فإن إرادة التاريخ لا يمكن أن تزور ولن ينالوا من شعب يطالب بحقه مهما تعالت صيحات الاحتلال الغاصب ومهما اشتدت المؤامرة ومهما يحاولون النيل من شعب فلسطين ووحدته وتكالب عملائه فلن ينالوا من الهوية الوطنية والصمود والإصرار الفلسطيني على مواصلة الكفاح العادل لنيل الحرية والاستقلال وتقرير المصير . (*) سفير الاعلام العربي في فلسطين رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية [email protected]