تعاني عدة «وكالات أسفار»، الصغيرة منها والمتوسطة، على المستوى الوطني، من أزمة خارجة عن الإرادة ومفتوحة على جميع الاحتمالات الكارثية، ذلك بعد وقوع هذه الوكالات في معضلة تتعلق بتعثر توفير «تذاكر رحلات عمرة رمضان»، وقد أضحى الوضع يتأزم أمام عجز هذه الوكالات عن إيجاد حل لمشكل ينذر بانقلاب مقراتها إلى نقط لاحتجاجات الزبناء ممن سددوا مصاريف العمرة ليجدوا أنفسهم معلقين لأسباب تضاربت حولها المبررات إذا لم تكن غامضة، حسب بعض المشرفين على وكالات الأسفار المعنية بالأمر. ويؤكد بعض مسؤولي الوكالات المذكورة أنه بمجرد إعلان السلطات السعودية عن جاهزية الأراضي المقدسة لاستقبال المعتمرين، انضافت حشود من المغاربة إلى لائحة المسجلين، قبل سنتين، ممن أدوا ثمن الرحلة كاملا دونما استرجاع أموالهم، باستثناء البعض القليل منهم، حيث ارتفع العدد بآلاف المواطنين من مختلف المدن، تقدموا للتسجيل وإيداع المبالغ المطلوبة والقيام بتسوية الإجراءات الضرورية بأمل زيارة الأراضي المقدسة، رغم ارتفاع أسعار رحلات العمرة، بما فيها واجبات الطيران والفندقة، والتنقل بالحافلات داخل الأراضي السعودية. وارتباطا بالموضوع، أبرزت مصادرنا أن المعضلة زادت فتعمقت أكثر من حيث أن عددا من «وكالات الأسفار»، فوجئت، بعد تسجيل زبنائها الكثر، بأن شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية غير آبهة بالشكل المطلوب، بينما غيرها من الشركات فضلت الاكتفاء بحصص قليلة من المقاعد، فيما لم تخصص أخرى أي مقعد، أما بقية الشركات، مثل الخطوط السعودية، فكل مقاعدها تقريبا محجوزة خلال فترة عمرة رمضان، حسب مصادرنا التي أشارت أيضا إلى أن «الخطوط غير المباشرة» شبه منعدمة، أو لم تقم بتوفير رحلات كافية كالمعتاد. وفي ذات السياق، أكد فاعل في المجال أن عددا كبيرا من الزبناء جرى تسجيلهم لرحلة «عمرة رمضان»، منذ تفشي جائحة وباء كورونا، علاوة على المسجلين الجدد، وهناك من الوكالات التي قامت بالحجز الفندقي، ولم يتبق سوى التوفر على التذاكر، لكن الوضع ظل عالقا دونما أية مآل أو آمال، ورغم إعلان السلطات السعودية عن فتح الباب للعمرة، لم تعثر بعض الوكالات على أدنى جواب من هذه السلطات حول ما إذ حُددت لكل دولة العدد الممكن من «حصص عمرة رمضان» على غرار موسم الحج؟، ولا كيف أضحت تكلفة العمرة بقدر تكلفة الحج؟. وأمام كل ذلك، لم يتوقع أصحاب الوكالات «السقوط الإجباري» في مواجهة زبنائهم الذين ينتظرون أداء مناسك العمرة خلال رمضان، وجل الوكالات صرفت أقساطا من أموالهم في الحجوزات الفندقية، وفي باقي الاجراءات والشروط، ومن الصعب عليها إعادة هذه الأموال للزبناء، في حين أن الفنادق السعودية ترفض إرجاع المبالغ إلى وكالات الأسفار في حالة إلغاء الحجز، وهي التي ما تزال تحتفظ بحجوزات سنة 2020، الأمر الذي زاد من تضييق الخناق على عنق هذه الوكالات. وليس من المستبعد الآن أن يؤدي الوضع إلى اندلاع الاحتجاجات أمام الوكالات كما حدث خلال مارس 2020، عند مفاجأة الجميع بإلغاء رحلات العمرة، حيث نتج عن ذلك الكثير من الاحتقان بين الوكالات والزبناء، وقد أخذ المشكل يلوح مع انطلاق عمرة رمضان، دون استبعاد ارتقاء احتجاجات الزبناء إلى متابعات قضائية لن يكون ضحاياها سوى تلك أرباب ومسؤولي الوكالات التي تعيش أصلا على ما خلفته الظروف الوبائية من ركود وخسائر، والجميع على علم بأن هذا القطاع لم يستفد من أي دعم على غرار غيره من القطاعات المتضررة.