من الظواهر المألوفة، التي بدأت تظهر خلال السنوات الأخيرة والتي أصبح المرء يتأسف لها في مجال التربية والتعليم الذي ما زال الجميع يكن له الاحترام والاعتزاز ببلادنا، ظاهرة انقطاع تلاميذ مؤسسات التعليم الخصوصي عن الدراسة قبل المواعيد المحددة لأية عطلة دراسية وكذا تمديد أو زيادة بعض الأيام في مدة العطلة المقررة من طرف وزارة التربية الوطنية . ويتساءل المرء عن أسباب بروز هذه الظاهرة وما يترتب عنها من انعكاسات عامة على المنظومة التعليمية والمسار الدراسي للتلاميذ . نحن نعلم أن المدارس الخاصة، منذ تأسيسها قبل الاستقلال وبعده، تمكنت من المساهمة إلى جانب منظومة التعليم العمومي، في تحقيق عدة نتائج مرضية وسارة على المستوى الوطني، وبالتالي لا أحد ينكر أن الكثير من الأطر التربوية تخرجت من مؤسسات التعليم الخصوصي، والكل كان يأمل في أن تستمر النتائج الطيبة للتعليم الخصوصي إلى المراحل الآنية، لكن الجري وراء الربح والكسب المالي السريع والرفع من رقم المعاملات لأصحاب بعض المؤسسات الخاصة حال دون تحقيق هذه النتائج المرجوة. لقد تحولت بعض المدارس الخصوصية إلى أسواق تجارية تتنافس في ما بينها حول كيفية كسب الأرباح، وهو ما أدى إلى غياب أهم الشروط التربوية التعليمية اللازم توفرها في هذه المدارس، ويسجل المرء تراجع مستوى التتبع اللازم والمستمر للجهات المعينة لما يجري داخل البعض منها والغياب الدائم للتلاميذ، كل هذا وغيره لا يمكن إلا أن يسهم في إفشال العملية التعليمية داخل المدارس التجارية، إضافة إلى لجوء بعض المؤسسات التعليمية الخصوصية في تنظيم امتحانات الدورة الأولى وتخصيص الأسبوع الأول خلال شهر يناير لانصراف التلاميذ إلى حال سبيلهم ابتداء من الأسبوع الثاني من نفس الشهر، بل هناك بعض المدارس الخصوصية التي تبرمج أربعة أيام عطلة للتلاميذ تحت مبرر منحهم فرصة للمراجعة بينما الدافع الرئيس هو كسب الاموال بطريقة غير قانونية وغير أخلاقية. هذا السلوك المشين يساهم في ضياع فرص الدراسة طيلة الشهر المذكور ونفس السيناريو يتكرر خلال الدورة الثانية . ومثل هذه الأمور تجعل المرء يتساءل عن حجم الدروس التي يتلقاها التلاميذ في هذا النوع من المدارس الخاصة، وهو ما تؤكده نتائج ملموسة لظاهرة الرسوب في البكالوريا بالنسبة لأغلبية هذه المدارس. فالعملية تطرح تساؤلا: أين يكمن دور المراقبة الصارمة للسير العادي للدروس ؟ ولماذا تصر مؤسسات التعليم الخصوصي على عدم تطبيق المذكرات الرسمية للوزارة المعنية بتنظيم الدراسة وأيام العطل المدرسية ؟ وللتذكير كذلك، فإلى جانب العطل المدرسية قبل الأوان تقوم بعض مؤسسات التعليم الخصوصي بتمديد مدة العطلة ( من يومين إلى ثلاثة ) دون احترام المذكرات، ويظل الهدف الأساسي منها هو الكسب المادي لا أقل ولا أكثر، مما يستدعي من الجميع، وخاصة المسؤولين على قطاع التربية الوطنية، التدخل الفوري نظرا لخطورة ظاهرة العطل المدرسية قبل الأوان وكذا التمديد فيها، فحين يتم إرسال التلاميذ إلى هذه المؤسسات الخصوصية فذلك يتم على أساس أن يكون لهم تكوين مواز لما هو عليه الأمر بالمدارس العمومية. من هنا نطرح التساؤل: هل من آذان صاغية تعيد للتعليم الخصوصي مكانته التي فقدها، وذلك على الأقل بمراقبة الدروس منذ بداية كل موسم دراسي إلى آخر يوم من أية عطلة دراسية قصد استفادة التلاميذ من التحصيل الدراسي وضمان تعليم سليم ومتكامل لهم، وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من المؤسسات الخصوصية لاتزال تحتفظ بمكانتها ومصداقيتها في الوسط التعليمي وتحترم مضامين المذكرات النيابية والوزارية وتتوفر على الشروط الكافية لضمان مردودية أحسن، وتحترم مواعيد الامتحانات الموحدة وكذا العطل المدرسية لكن عددها قليل. وفي الأخير نتمنى صادقين أن تحذو باقي المدارس الخصوصية حذو نظيرتها في القطاع العام خدمة لقطاع التربية والتعليم والنهوض به من جهة وتجنبا للسقوط في المقولة الشهيرة: المغرب النافع والمغرب غير النافع. (*) باحث تربوي