بعد أيام قليلة سيتم إصدار قرار جديد لمجلس الأمن حول الصحراء، وذلك بعد مناقشة مسودته التي ستعرضها الإدارة الأمريكية على المجلس للنقاش والتصويت، وهو القرار الذي يأتي في إطار عدة متغيرات نذكر البعض منها: مسودة القرار التي ستُعدها الولاياتالمتحدةالأمريكية ستكون أول مسودة تقوم بإعدادها الإدارة الأمريكيةالجديدة في ظل الموقف الأمريكي المعترف بمغربية الصحراء، بحيث سيكون مناسبة للتعبير بشكل جلي وواضح عن هذا الموقف الداعم للمغرب، الذي جاء في إطار الإعلان الثلاثي الذي وقعه المغرب، إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية، إعلان أفضى لاعتراف أمريكي بمغربية الأقاليم الصحراوية الجنوبية، وعليه فالمسودة ستكون تعبيرا عن هذا الإعلان، وعن حجم الشراكة السياسية التي تجمع المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية، المسودة ستكون مناسبة للحسم النهائي لكل الجدل الذي رافق الإعلان الرئاسي الأمريكي، ومناسبة للتأكيد على وجهة نظر الإدارة الأمريكية للخروج من هذا النزاع الذي لن يكون سوى من خلال الحكم الذاتي. القرار يأتي في ظل أوضاع تعيشها المنطقة على المغرب أن يدفع أعضاء المجلس للانتباه إليها لأخذها بعين الاعتبار وهو يناقش مشروع القرار والتصويت عليه، خاصة وأنه سيتم في ذات الجلسة الإعلان عن دعم تعيين ستيفان دي ميستورا والعمل الذي سيقوم به لمحاولة إحياء العملية السياسية رغم الصعوبات الجدية التي فرضها الواقع الجديد المرتبط بالمواقف العدائية والمستفزة التي أعلنتها الدولة الجزائرية تجاه المغرب، وهو واقع سيجعل من مهمة ستيفان دي ميستورا صعبة جدا لأن الطرف الذي يُنتظر منه أن ينخرط بإيجابية لحلحلة الملف يتخذ مواقف ديبلوماسية لا تجد أي سند لها غير الرغبة في التصعيد لعرقلة الوصول لحل سياسي، متوافق بشأنه، على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي. مجلس الأمن، وهو يتجه لمناقشة مشروع القرار الذي ستعرضه الولاياتالمتحدةالأمريكية، سيكون أمام مناسبة إعادة التذكير بالدعم الأممي للعمل الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال لجانه الجهوية في الأقاليم الصحراوية الجنوبية في النهوض وحماية حقوق الإنسان بالمنطقة، وهو عمل يحتاج لدعم مجلس الأمن لإغلاق أي نقاش محتمل قد يكون تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير قد حاول فتحه في هذا الباب، خاصة وأنه لا يمكن الاستناد لحالة فردية تتعلق ب(سلطانة خيا) وتقديمها كحالة عامة، وهي التي رفض البرلمان الأوروبي قبول ترشيحها لجائزة «ساخاروف» لحرية الفكر، وهو الرفض الناتج عن وعي البرلمان الأوروبي بكون ما تقوم به هذه المرأة لا يدخل في مجال النضال الحقوقي، ولا السياسي، بالمقابل فإن مجلس الأمن مطالب بطرح الوضع الحقوقي في مخيمات تندوف خاصة منه استغلال الأطفال في أعمال مسلحة وتجنيدهم قسرا، وهي كلها ممارسات ترفضها الأممالمتحدة وتتعارض مع الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. مجلس الأمن وهو يتجه لمناقشة تطورات الوضع الميداني سيكون مطالبا أيضا بطرح ارتباطات البوليساريو بالتنظيمات الإرهابية، خاصة في شمال مالي، وما الأحداث الأخيرة التي تعرض لها السائقون المغاربة بمالي إلا واحدة من هذه التجليات الواضحة لهذا الترابط العضوي بين مليشيات الجبهة والحركات الإرهابية، مع ما أصبحت تشكله مخيمات تندوف في ظل تزايد حجم اليأس والإحباط من أرض خصبة لهذه التنظيمات لاستقطاب شباب المخيمات، هذا الترابط أصبح اليوم يهدد المنطقة ككل ويطرح على مجلس الأمن مسؤولية ضمان الأمن والسلم في المنطقة وعدم الاستخفاف بمثل هذه الوقائع والأحداث، التي راح ضحيتها مدنيون أبرياء من سائقي الشاحنات، وهي نفس الخطة التي كان يريد تنظيم البوليساريو ومليشياته تنفيذها بالكركرات لكن بفضل سرعة دقة التحرك الأمني المغربي تم تأمين المنطقة ومعها تأمين تحرك المركبات، العربات والسائقين لتنتقل هذه العناصر المليشياتية بتنسيق مع التنظيمات الإرهابية للقيام بأعمال قرصنة في شمال مالي لاعتراض السائقين. مجلس الأمن، وهو يتجه لاستصدار قراره، ينطلق من التراكم السياسي الذي أقرته قراراته السابقة الصادرة منذ سنة 2007 وصولا لقرار 2548 الصادر في أكتوبر الماضي، وهي قرارات شهدت تطورات نوعية في التعاطي مع الحل السياسي الذي قد يُفضي لحل هذا النزاع، بحيث تم إقبار طرح استفتاء تقرير المصير وتم تعويضه بالحكم الذاتي كواحد من التعبيرات السياسية الديموقراطية لفكرة تقرير المصير، وارتباط الحل ككل بتطور الوضع الميداني خاصة منه داخل الأقاليم الصحراوية الجنوبية التي تشهد قفزة وثورة نوعية في مختلف المجالات المرتبطة بالتنمية والديموقراطية المحليتين، في انتخابات كانت محط أنظار المراقبين الدوليين، الذين أكدوا على نزاهتها، وعلى حرية اختيار الناخبين لممثليهم ليس في المؤسسات المنتخبة فحسب بل هم ممثلوهم اليوم في المسار السياسي باعتبارهم معبرين عن مصالحهم المحلية، وممثليهم الشرعيين، لذلك فمجلس الأمن وهو يتجه للإعلان عن دعم سياسي لستيفان دي ميستورا، سيكون داعما لعملية سياسية تجعل من الحكم الذاتي المخرج الوحيد لإنهاء هذا النزاع المفتعل حول الصحراء. في الختام، من المؤكد أن دبلوماسية المغرب تتحرك من أجل تحصين مختلف المكاسب التي حققتها بلادنا، وهو تحرك يجب أن يتم تفاديا لأي مفاجأة وضمانا للاستمرار في نفس المسار الأممي الداعم للحكم الذاتي، أما الإدارة الأمريكية فستكون أمام امتحان المطالبة بترجمة موقفها الداعم لمغربية الصحراء في مسودة قرارها الذي ستعرضه على مجلس الأمن.