نظمت مؤسسة «المدى»، بشراكة مع «الرابطة المغربية للصحافة الثقافية» توقيع الكتاب الأخير للفنان والناقد المغربي شفيق الزكاري والموسوم ب «سرديات تشكيلية»، وذلك يوم الأربعاء المنصرم 6 أكتوبر 2021 بفيلا الفنون بالدار البيضاء. اللقاء عرف حضور عدد من الفعاليات الفكرية والثقافية والفنية، واستهل بكلمة افتتاحية للرابطة المغربية للصحافة الثقافية على لسان الشاعرة والإعلامية ليلى بارع، حيث نوهت بالحضور وبالمساهمين في تقديم هذا اللقاء (الناقد الفني عز الدين بووركة، الدكتور والباحث الجمالي عبد الله الشيخ، الناقد الفني بنيونس عميروش والمحتفى به الفنان التشكيلي والناقد والإعلامي شفيق الزكاري)، معتبرة أنه مناسبة لافتتاحية ودخول ثقافي لاستئناف طرح الأسئلة المحورية الخاصة بالمشهد الثقافي المغربي رغم الظروف العصيبة المتعلقة بالجائحة، كما اعتبرته فرصة ومناسبة للقاء والنقاش لضمان استمرارية الحوار في مجال حيوي يحتاج إلى عدة لقاءات متتالية، مع التأكيد على رغبة الرابطة المغربية للصحافة الثقافية في السير على هذا المنوال لتحقيق كل ما يعيد للمشهد الثقافي المغربي حضوره وبهاءه. بعدها تناول الكلمة التقديمية الناقد الفني عز الدين بوركة، ليضع الحاضرين في قلب محور اللقاء، بالحديث عن حيثيات اختيار توقيع هذا الكتاب، مع جرد متسلسل لمحتواه وما جاء به من أفكار مجددة للكتابة النقدية الفنية بمنأى عن الكتابات الأكاديمية الغارقة في الخطابات المنهجية المتصلبة، مع ربط كل ما جاء به هذا الكتاب من أفكار بممارسة الفنان التشكيلي شفيق الزكاري الذي اعتبره جزءا من تفاصيله التطبيقية والنظرية. الدكتور والباحث الجمالي عبد الله الشيخ، في تناوله للكتاب، قدم ورقة نقدية تفكيكية بمرجعية عالمة بحيثيات المجال الفني من جانبه التاريخي والفلسفي، مؤكدا على ضرورة قراءة التشكيل من زاوية تحليلية تعتمد على كتابات الفنانين أنفسهم، بما أنهم الأقرب فهما وتحليلا وتنظيرا للأيقونات الفنية، مع إحالة الحاضرين على أسماء عالمية وأخرى عربية ومغربية أمثال (كاندانسكي، وبول كلي وسالفادور دالي وضياء العزاوي ومحمد القاسمي وغيرهم) دون إغفال قراءة الكتابات الانطباعية والأدبية للعمل التشكيلي، مستشهدا بما أسداه هذا الجنس التعبيري الأدبي من خدمات للإبداع الفني ككتابة موازية استطاعت أن تخلق نصوصا إبداعية على أنقاض التحف الفنية، مع سرد عدد من أسماء الأدباء المغاربة الذين ساهموا في إثراء هذه العلاقة الوطيدة ومن بينهم (مصطفى النيسابوري ومحمد الأشعري، وادريس الخوري وحسن نجمي وغيرهم). ولم يكتف عبد الله الشيخ بهذا القدر من الأمثلة، بل عمل على معاتبة وانتقاد الدور الأكاديمي الذي لا يقوم بالاهتمام بهذا المجال الجمالي باعتباره مركزا رئيسا يصب في المعنى الحقيقي لمفهوم الحداثة، ليشيد في الأخير بمحتوى كتاب المحتفى به شفيق الزكاري، لما راكمه من أمثلة نهلت من التجارب الحداثية والمعاصرة بمختلف أجيالها، والوقوف على تلك العلاقة الدفينة التي تربط الفن بالأدب في إطار ما أشار إليه عنوان كتاب «سرديات تشكيلية» الذي انطلق فيه الباحث شفيق الزكاري من الموضوع لينفذ إلى أغوار تفكيك التحف الفنية، تقنيا ومرئيا وتطبيقيا. وفي الأخير قدم التشكيلي والناقد بنيونس عميروش في هذا اللقاء، قراءة متمحصة حاولت الوقوف على أهم الجوانب المضيئة في طيات هذا الكتاب، إذ قال في خلاصة ورقته ما يلي: «ففي تجميعه لهذه السلسلة من كتاباته الصادرة بجريدة «المساء» التي ساهم من خلالها بقدر وافر في تطوير الصحافة الفنية المتخصصة، يضعنا الفنان والناقد الفني شفيق الزكاري على مقربة من نهجه في صيغة كتاب مكتمل يُشْرك بين مَرْوِية القطعة الفنية وصانعها، الكتاب الذي انتصر فيه إلى أدبية حكائية قائمة على تفكيك خَلْفِيات سياقية يحتكم إليها الأسلوب والتعبير التشكيلي، مدفوعا – بقصد أو دون قصد – بحس بيداغوجي يخص المهتم بقدر ما يمس الجمهور العريض، عن طريق تصريف نقد الفن وتاريخ الفن ضمن لغة المَحْكي الفني كبنية تاريخية ونقدية شاملة بما تحمله من خلفيات معرفية متعددة، يمكن تأطيرها داخل منظومة الثقافة البصرية بخاصة والثقافة الفنية بعامة. ليختتم اللقاء بقصيدة شعرية كانت مدخلا ومقدمة وإهداء لروح الراحل الجمعوي والإنسان النبيل بوعزة مقلاشي، للزجال عبد الرحيم لقلع من ديوانه الأخير «سلطان لحروف» تحت عنوان «سلطان الما».