ضمن لقاءاته التي دأب «ملتقي الثقافات والفنون» على عقدها، خلال السنة الثقافية الحالية، قام الملتقى بتكريم الفنان والناقد التشكيلي شفيق الزكاري، بمناسبة صدور كتابيه »التشكيل المغربي بين الهوية والحداثة« و »مصداقية التشكيل المغربي بين الثقافة والتسويق«، وقد تم إدراج هذا اللقاء ضمن »ملتقى القراءة«، الذي يدخل في سياق تقديم وتوقيع الأعمال الصادرة حديثاً، سواء لكتاب مغاربة، أو لغيرهم من الكتاب العرب، غير العرب. شارك في اللقاء كلّ من صلاح بوسريف، وسعيد عاهد، وعبد الدين حمروش، وبنيونس عميروش، ومصطفى غزلاني، وعمر العسري، وقد أدار اللقاء عبد العزيز كوكاس. في مداخلته، توقف سعيد عاهد، بأسلوب ساخر، عند مشكلة العلاقة بين أصحاب القاعات، والفنانين التشكيليين، ليفضح طبيعة العلاقة التي جمعت بين هؤلاء، ومنهم جُمَّاع اللوحات، وبين الرسامين، ممن يَفْتَرِضون فيهم أن يكونوا ناطقين بالفرنسية، وأن تكون الفرنسية هي لغتهم »الرسمية«، أو لغة التعامل، ولغة الكلام، والحوار، ولا تكون لهم علاقة بالثقافة والمعرفة، وأيضاً أن يستجيبوا لطلبات السوق في أعمالهم، إذا كانوا يرغبون في تسويق هذه الأعمال، وترويجها، وهذا ما يجعل من كثير من الفنانين يبقون خارج دائرة هؤلاء الأشخاص والمؤسسات، التي تُتاجر بالفن، الذي حولوه إلى بضاعة، وسوق للبيع الشراء، دون أي اهتمام بالقيمة الفنية للعمل. وقد تطرق عمر العسري لنفس الموضوع، من خلال قراءته لكتاب »مصداقية التشكيل المغربي بين الثقافة والتسويق«. ففي نفس السياق، وانطلاقاً من موضوع الكتاب، ٍقدم العسري جرداً بمجموع المشكلات التي تطرق لها شفيق، في هذا الكتاب، لأنه وضع يده على نقطة ذات أهمية خاصة، في علاقة الفنان، بمروجي أعماله، وبالصالات، وجُمَّاع اللوحات. أما صلاح بوسريف، فقد وقف عند مفهوم الحداثة عند شفيق الزكاري، واعتبر بوسريف أن شفيق الزكاري هو أحد الفنانين القلائل الذين يجمعون بين الرسم، وبين الكتابة النقدية في التشكيل، وهو فنان وناقد، لم يتمركز حول ذاته، بل إنه اختار إن يتقاسم مع الآخرين مساحة العمل الفني، وأن يعترف بما يقوم به هؤلاء، مهما كان جيلهم، وهو بذلك كان بين الرواد في هذا المجال. فهو حين يكتب عن غيره فهو يعترف بقيمة العمل، ولا يهمه الشخص، وهذه من الأمور التي لا تتوفر في كل الفنانين، بالأسف. أما بنيونس عميروش، فقد توقف عند سيرة شفيق الزكاري الفنية، وعند أهم المراحل التي قطعها في حياته، باعتباره فناناً كرس حياته ووقته للفن والكتابة في الفن، وما قطعه من مسافات بين المغرب وأوربا ليتمكن من أدواته، وليكون بين الفنانين المغاربة الذين يعملون في حقل التشكيل، في أكثر من مجال، وفي أكثر من حقل، وهو بذلك استطاع أن يكون فناناً متميزاً في مساره الفني والنقدي. عبد الدين حمروش، اختار نقد بعض جوانب تجربة شفيق الزكاري، في كتابه »التشكيل المغربي بين الهوية والحداثة«، واعتبر أن مفهوم الهوية في الكتاب، غير مناسب، وكان ينبغي بمفهوم الخصوصية، كما اعتبر المقالات النقدية قصيرة، وتخلو من المراجع، وأبدى مجموعة من الملاحظات حول الجوانب »الأكاديمية« للعمل، رغم أن العمل ليس أكاديمياً، فهو كتابات في تقديم أعمال، والتعريف بتجارب لفنانين وفنانات لهم خصوصياتهم في الرسم، وفي الرقص وفي التصوير. أما مصطفي غزلاني فتوقف عند تجربة شفيق، بنوع من الكتابة الحميمية التي عبرت عن طبيعة فهم غزلاني لطبيعة عمل شفيق، وما يشتغل عليه في سياق الفن، والاشتغال الجمالي إجمالاً. وحاول متابة مداخلته بأسلوب شعري، أكثر مما هو تشكيلي صرف. في ختام اللقاء الذي عرف توقيع كتابيْ شفيق الزكاري، قدم ملتقى الثقافات والفنون درع الصداقة لشفيق الزكاري، تقديراً لعلاقته بملتقى الثقافات والفنون بالمحمدية، ولما قدمه من خدمات في مجالي الرسم والكتابة النقدية في التشكيل.