دعا المشاركون في أشغال المؤتمر الدولي حول «الأمن السيبراني في تشريعات الدول العربية»، يومي 16 و17 يوليوز الجاري بمراكش، إلى إنشاء وتحديث منظومة شاملة للتشريعات السيبرانية بالعالم العربي تتلاءم مع احتياجات البيئة الرقمية وتطبيقاتها، وتسمح بحماية المستخدم وتمكن من بناء الثقة باستخدام الفضاء السيبراني وخدماته. واعتبروا، في توصيات توجت أشغال هذا المؤتمر، أن المدخل الرئيسي لإيجاد بنية تشريعية وتنظيمية فاعلة للفضاء السيبراني في العالم العربي هو إيجاد الإطار الإشرافي الشامل والمتخصص الذي ينطلق في عمله من استراتيجية واضحة الأهداف والآليات لمواجهة التحديات على الصعيد الوطني لكل بلد. ودعوا إلى قيام الجهات التشريعية بتقييم المقتضيات السيبرانية القائمة على الصعيد الوطني عبر دراسات بحثية معمقة لتحديد مواضع النقض والآليات المثلى لإيجاد الحلول وتطبيقها، ويحتاج ذلك إلى فريق عمل متخصص، وإلى إشراك الوزارات والهيئات المعنية للمراجعة والموافقة على هذه الدراسات. وشددت التوصيات على ضرورة إنشاء لجان متخصصة لوضع مسودة القانون تتضمن خبراء في المجال القانوني ومجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما يفضل أن تتضمن ممثلين عن الهيئات المتخصصة من المجتمع المدني والقطاع الخاص. وحثت على الاستعانة بالاتفاقيات الإقليمية والدولية المرتبطة بتشريعات الفضاء السيبراني وذلك لضمان تناسق التشريعات الوطنية معها، مع الأخذ بعين الاعتبار للخصوصيات الثقافية المحلية في أفق وضع قانون نموذجي عربي للأمن السيبراني. وأكدت على أهمية طرح النصوص الأولية لتشريعات الفضاء السيبراني للاستشارات العامة، وذلك من خلال تشجيع النقاشات العمومية حولها، عبر الوسائل الإلكترونية المتعددة التي تتيح تبادل الملاحظات والمشاركات حول نص القانون، أو من خلال الدعوة لورش عمل أو ندوات وطنية بمشاركة كافة الأطراف المعنية لضمان نقاش عام متوازن وفعال. ودعا المشاركون إلى تحديث أكبر للمنظومة القانونية المتعلقة بالجرائم والجنح والجنايات وتكييفها مع مستجدات الوقع التكنولوجي الجديد والمتجدد باستمرار، والإسراع بإصدار النصوص التطبيقية والمراسيم المرتبطة بتنزيل المقتضيات التشريعية المتعلقة بالأمن السيبراني. كما دعوا إلى إصدار تشريع موحد بمثابة إعلان لحقوق المستهلك الإلكتروني، تلتزم بمقتضاه كل الدول الأعضاء بتزويد المستهلكين والبائعين بآليات صالحة لتسوية المنازعات بطريقة مستحدثة مثل التقاضي الإلكتروني أو التحكيم الإلكتروني. وتضمنت التوصيات تحديث الترسانة القانونية، ولاسيما مدونات وتشريعات الشغل والقوانين المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية، وتوفير مقتضيات قانونية تعترف بالبيانات الشخصية ذات الطابع المهني، وإعمال وتفعيل العقوبات التبعية أو التكميلية كإغلاق حسابات التواصل الاجتماعي، وجمع شتات القوانين المتعلقة بالمجال الالكتروني في مدونة واحدة. وبخصوص التنفيذ الجيد للتشريعات، اعتبر المؤتمرون أنه «مهما بلغت التشريعات من الكمال من حيث صياغتها ومضامينها، فإن الأمر يحتاج فوق ذلك لوجود جهات مكلفة بإنفاذ وتطبيق هذه النصوص بشكل يحقق الغايات المرجوة منها، وفي مقدمة هذه الجهات، السلطات القضائية». وفي هذا الصدد، أوصى المؤتمر بوضع لوائح وإجراءات تنفيذية للتشريعات السيبرانية، والاهتمام بالاجتهادات القضائية، وإنشاء محاكم متخصصة في الجرائم السيبرانية، وتشجيع التعاون بين الدول خاصة في مجال المساعدات والإنابة القضائية للكشف عن هذه الجرائم، وجمع الأدلة لإثباتها، وتسليم المجرمين المقترفين لها، وتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة بالإدانة والعقوبة ضد مواطني الدولة المقترفة بالخارج. من جهة أخرى، تضمنت التوصيات أيضا، تشجيع المهنيين والطلبة على الانخراط في مجال الأمن السيبراني، ودعم الأبحاث في المؤسسات الأكاديمية، وإقامة دورات خاصة لربات البيوت والسيدات وخاصة الفئة التي تقيم بالمنزل أطول فترة لارتباطها بالفضاء السيبراني لتبصيرها بمخاطر الإفراط في استخدام الفضاء السيبراني. كما حثت التوصيات على وضع استراتيجيات وبرامج وطنية متكاملة، وسن سياسات عمومية مندمجة قادرة على الاستثمار بشكل فعال في الموارد البشرية بشكل ييسر التطبيق الجيد للنصوص التشريعية، وامتصاص الضغوطات المتسارعة للعوالم المعلوماتية، بإعطاء الأولوية لبرامج التأهيل والإدماج، لتخفيف العبء على المقاربات العقابية.