لم يبق على الانتخابات المقبلة سوى شهور معدودة، وهي محطة حاسمة في تحديد آفاق المغرب على المستوى السياسي والتنموي من خلال النتائج التي ستسفر عنها الانتخابات التي ستتشكل على أساسها الحكومة ومجالس الجهات والأقاليم والجماعات المحلية. وكيف ما كان موقف المغاربة من الأحزاب ومن المؤسسات المنتخبة ومن العمل السياسي برمته فإن ذلك لن يحول دون أداء هذه المؤسسات دورا فعليا في تدبير الشأن العام الوطني والجهوي والمحلي وفق توجهات هذا الحزب أو ذاك. وعليه فإن قيم المواطنة تفرض على كل مواطن ومواطنة الإسهام في رسم ملامح المؤسسات المنتخبة من خلال التسجيل في اللوائح الانتخابية والترشح والتصويت. وإذا كنا ملزمين أخلاقيا باحترام مواقف مختلف الأطياف السياسية والفكرية والثقافية التي تتبنى رأيا مخالفا وموقفا آخر غير الذي نراه وندعو إليه، فإننا في الاتحاد الاشتراكي، الذي خبر كل المواقف، نعتبر بكل وضوح ومسؤولية أن التغيير في اتجاه استكمال مقومات الديموقراطية الكاملة وتحقيق التنمية العادلة والمنصفة يتطلب اليوم انخراط الديمقراطيين والتقدميين على اختلاف مشاربهم في المعركة الانتخابية المقبلة. إننا على يقين أن هذا الانخراط هو الاختيار الأمثل لقطع الطريق على القوى الرجعية والمحافظة وعلى مفسدي الانتخابات من أصحاب المال الحرام. لقد أبانت التجارب الحية أن إحجام كثير من حاملي قيم التقدم والحرية والديمقراطية عن المشاركة الإيجابية في العملية الانتخابية يسهم، من حيث لا يدركون، في تكريس موازين القوى لصالح اليمين بكل أطيافه، ويضعف بالتالي الصف الوطني الديموقراطي، كما أبانت بعض التجارب القريبة أن دعم القوى الديموقراطية من قبل ذوي الوعي الديموقراطي أدى إلى تحقيق مكاسب انتخابية وسياسية ثمينة لصالح أحزاب اليسار، وفي مقدمتها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. في زاكورة وتنغير والراشدية كان انخراط الشباب اليساري والجمعيات الثقافية الأمازيغية إضافة نوعية وقيمة مضافة للعمل الجاد لحزبنا في منطقة سئم أهلها هيمنة قوى تقليدية متعفنة عطلت لعقود قطار التنمية وزرعت من خلال ممارساتها المتخلفة اليأس في نفوس الساكنة عامة والشباب خاصة تجاه العمل السياسي. التجربة إياها أبانت بالملموس أن الاتحاد، خلافا لما يدعيه دعاة اليأس، حزب منفتح على الشباب، ومستعد الاستعداد كله لإدماج كل الطاقات في بنياته التنظيمية. وإننا إذ نعتز بالتحاق مئات الشباب بحزبنا في تلك الربوع، وفي غيرها من جهات الوطن، فإن الاتحاد، كما جاء على لسان الكاتب الأول في اللقاءات الأخيرة بجهة درعة تافيلالت، يعتبر نفسه حزب كل المغاربة، وأن مشروعه الديمقراطي الحداثي لن يكتب له التوفيق دون الانخراط الواعي والمسؤول للطاقات الشابة وللمجتمع المدني ذي النفس الديمقراطي في معركة البناء الديمقراطي. والحقيقة أن المصالحة الداخلية التي دعت إليها القيادة الاتحادية لن تحقق غاياتها البعيدة دون مصالحة مع الشعب ومع المجتمع المدني المؤمن بقيم الحرية والحداثة التي تعتبر القاسم المشترك بين أطياف اليسار الديمقراطي.