دبت الحياة مجددا في ليل مراكش بعد قرار الحكومة تأخير توقيت الإغلاق وحظر التجول إلى الساعة الحادية عشرة ليلا، وعادت الشوارع والساحات العمومية والمقاهي إلى حيويتها بعد فترة طويلة من الإغلاق الليلي الشيء الذي فتح نافذة للأمل لتجاوز المدينة نكستها الاقتصادية جراء الظرف الصعب الذي فرضته الجائحة. جامع الفنا استعادت تنفسها الليلي كفضاء حي بعدما خيم عليها ليل حزين تحولت فيه من ساحة تفيض بالحياة إلى فضاء يخيم عليه الظلام والسكون، حيث توافد عليها الآلاف من الزوار في الأيام الأخيرة مُضفين رواجا نسبيا على فضاءاتها وهو ما شجع أرباب المطاعم المتنقلة على تقديم خدماتهم من جديد، لكن هذه الحيوية ظلت منقوصة بسبب استمرار منع « الحلاقي» من الانعقاد، مما حرم الساحة من روحها الفرجوية التي شكلت الرصيد الأساسي من شخصيتها ورمزيتها التاريخية مثلما عقّد معاناة روادها الذين يجتازون محنة اجتماعية قاسية بعدما توقف مصدر رزقهم منذ اعتماد الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي الفيروس التاجي. المقاهي بدورها تمكنت من تعويض جزء من خساراتها الضخمة خلال شهر رمضان حيث فرض عليها الإغلاق الذي تسبب في أضرار اجتماعية للعاملين فيها الذين أجبروا على قضاء شهر بكامله في عطالة مطلقة، وكان من النتائج الإيجابية لتأخير توقيت حظر التجول إلى الحادية عشرة ليلا الإقبال الكثيف على المقاهي التي امتلأت أسطحها بالزوار. وكذلك الأمر بالنسبة للمطاعم والحانات التي استعادت جزءا من عافيتها. وتدفق عدد كبير من سكان المدينة ليلا على الفضاءت الخضراء والساحات المفتوحة في عدد من أرجاء المدينة، وهي الفضاءات التي تشكل عادة متنفسا لهم مع ارتفاع الحرارة، مستعيدين إيقاعا ليليا حرموا منه لمدة طويلة في مدينة ليلية كما هي مراكش التي يستبق فيه الصيف موعده الطبيعي. الانتعاش الاقتصادي الذي عرفته المدينة وما صاحبه من ابتهاج لدى التجار، ظل مشوبا بنوع من التردد، حيث أن الأمل بالنسبة للتجار والفاعلين السياحيين وباقي القطاعات المرتبطة بها في انتعاش حقيقي لدورة الاقتصاد بمراكش لن يكتمل إلا بفتح الحدود واستعادة الرحلات الجوية بين المدينة وباقي الأسواق المصدرة للسياح لبعث الحياة في القطاعات المتضررة وخاصة قطاع الصناعة التقليدية، الذي يعيش منذ أزيد من سنة أسوأ انتكاسة مست التوازن الاجتماعي للعاملين فيه وأسرهم بعدما عرف شللا مطلقا بسبب الإغلاق وتراجع السياحة وتقييد الحركة بين المدن. ورغم جرعة الأمل التي ضخها القرار الحكومي الأخير بتأخير موعد الإغلاق الليلي بمنح ثلاث ساعات إضافية للنشاط التجاري والحركة، والذي سمح للتجار وأرباب المقاهي والمطاعم بمراكش بترميم جزء من خسائرهم، إلا أن هناك قطاعات أخرى مازالت تنتظر قرارات مماثلة للخروج من موت معلن دام لأزيد من سنة، وفي مقدمتها قطاع تنظيم الحفلات الذي ترتبط به سلسلة من الأنشطة التي فرض على العاملين فيها عطالة طويلة .