وصلت يوم 14 مارس 2021، إلى ميناء مدينة أكادير المغربية، بدون أية متابعة إعلامية خاصة (أي بدون أية بهرجة أو فرقعة إعلامية)، أول سفينة علمية مغربية للبحار من الطراز العالمي الرفيع، متخصصة في رسم الحدود البحرية بدقة وفي مراقبة علمية متقدمة للثروات السمكية، وكذا إمكانيات علمية لتتبع الثروات البحرية المختلفة على عمق ألف متر. السفينة العلمية التي اختار العاهل المغربي محمد السادس تسميتها ب «السفينة العلمية الحسن المراكشي»، تكريما لذكرى عالم الرياضيات والفلك المغربي أبو علي الحسن المراكشي، الذي يعتبر أول من وضع خطوط الطول وخطوط العرض على الخريطة، مثلما أنه أول من اكتشف العلاقة في علم الرياضيات بين «جيب الزاوية» و«السينكوان 90»، باعتراف مؤرخ العلوم الأشهر جورج ألفريد سارتون الأمريكي الجنسية والبلجيكي الأصل، في كتابه «مقدمة في تاريخ العلوم» الصادر سنة 1927. مثلما أنه من أول العلماء الذين وضعوا خريطة مدققة في زمنه للمغرب في العهد الموحدي حوالي سنة 1255 ميلادية (توفي هو سنة 1262 ميلادية). السفينة العلمية الأولى من نوعها بالمغرب، ستغير تماما من معادلات التوازن البحري بين المغرب وإسبانيا، خاصة على مستوى الحدود البحرية بين البلدين، سواء على مستوى مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين بالمتوسط، أو على مستوى جزر الكناري بالمحيط الأطلسي. وهي من أهم الآليات العلمية الحاسمة التي أصبح يتوفر عليها المغرب لتحديد عمق ومساحة جبل المعادن النفيسة جدا المكتشف في المياه البحرية الجنوبية المغربية شمال جزر الكناري قبالة سواحل طرفاية المغربية، الذي أصبح شهيرا باسم «جبل تروبيك»، الذي يضم قرابة نصف ثروات العالم من مواد معدنية نفيسة حاسمة في تطوير صناعة السيارات الكهربائية وفي صناعة ذاكرة الهواتف الذكية والحواسيب (هنا نفهم بعضا من قلق ألمانيا على المغرب). السفينة التي شرع في بنائها منذ سنة 2017، هي صناعة يابانية خالصة، أنجزت بالشراكة والتعاون بين الشركتين اليابانيتين «تويوتا تسوشو» و «ميتسوي شيب بولدينغ». يصل طولها 48 مترا وعرضها 22 مترا. بكلفة بلغت 480 مليون دولار أمريكي (حوالي 4.3 ملايير درهم مغربي). هذا واحد من العناوين الهادئة على معنى أن يتحول المغرب إلى قوة إقليمية.