هذه رسالة إلى رشيدي الوطن: أجهز التيار الثالث على حزب القوات الشعبية شمالا وجاء الدور على الجنوب، فمن المستفيد من الحرب الاستباقية انتخابيا ؟ من فضل عدلكم الوطني، واحترامنا وتقديرنا المبدئي لأرواح شهداء ومناضلي هذا البلد، وكل من ضحى واستشهد واعتقل ونفي وانسحب، ومن تعب ومن رحل، من خانته صحته، ومن ترك عياله وخلفه لمكر الأيام وقساوة الحال، تعالوا إلى حد نتوافق إليه وعليه، دون مزايدات عابرة؛ ولا عناد محدود الأفق والمدى، فالوطن أهيب وأهم، ودعونا نقر نحن أولا كحركة اتحادية، أننا أخطأنا القرار المناسب، والتقدير الملائم مرارا، ولا يضيرنا ذلك في اعتبار التاريخ، والحسابات السياسية والانتخابية، نحن نملك جرأة الاعتراف بالخطأ، وشجاعة قول ذلك ! ولنبدأ منذ ما حصل في بدايات خروج العسكر النابليوني إلى حد ما، بعد تفاوضات إيكس لايبان من مناطق نفوذ الحماية الفرنسية بالمغرب، والتي لا داعي الآن لتذكير كل من يهمه الأمر بموقف الحركة الاتحادية من بنودها. التاريخ يحفظ أن الحركة الاتحادية ( تيار المقاومة والتيار المدني) في أغلبه المؤثر، دعم سيادة الدولة، بالرغم عن قوته الضاربة والمتجذرة في النسيج الاجتماعي المحلي الإجمالي دوليا، على عكس ما وقع في كثير من دول ما سمي آنذاك بدول العالم الثالث. نعم حدثت تفاصيل عابرة، كانت استثناء أفراد أو محطات، بسبب القمع الدموي، وتجبر بعض المقربين إلى حد لا يطاق، لكن حينما اقتضت الضرورة كانت الحركة الاتحادية تضع دوما الوطن ورموزه فوق كل اعتبار، قبل الحزب وقبل أعضائه و إن لقوا من الحاكمين أصنافا من التنكيل والتشريد والتقتيل والاعتقال ما لم يلاقه تنظيم في تاريخ هذا البلد. – دعمنا عودة محمد الخامس إلى عرشه حينما تآمر عليه المقربون منه. – دعمنا المسلسل الديمقراطي وتمتين الجبهة الداخلية والوحدة الوطنية، حينما انقلب أقرب المقربين على الحسن الثاني. – دعمنا التناوب التوافقي عندما تعرض الوطن لسكتة قلبية، وكان بعض المقربين يتربص ويناور . – دعمنا وأطرنا الانتقال السلس للعرش من المرحوم الملك الحسن الثاني للملك محمد السادس . لنا أخطاء مثل كل من يمارس، لكن تاريخ هذا الحزب وهذه الحركة زاهر بواجب علينا لا نعتبره جميلا، خدمة هذا الوطن والدفاع عن رموز استقراره، والنضال من أجل حقوق كل قواته الشعبية . لكن بالمقابل، ماذا كان رد فعل الدولة عبر ستين عاما؟ من جهة: – الثقة في بعض المقربين الذين كانوا هم أشد خصوم الوطن والدولة والقصر ( التاريخ شاهد على ما نقول )، قاموا بمحاولات اغتيال الملوك والأمراء، قاموا بمحاولات الانقلابات العسكرية… – من جهة أخرى: إجهاز متواصل وتصفية ممنهجة وإلى حدود اللحظة على الحركة الاتحادية وعلى رموزها ومناضليها، خطفا وقتلا واعتقالا ونفيا واقصاء وتهميشا، وانتقامات متوالية، وإضعافا وإنهاكا للقوة الشعبية والانتخابية لحزب الاتحاد الاشتراكي… ولكن، مع ملاحظة أولى أن الذين يقومون وقاموا بمحاولات إخراج الحركة الاتحادية من المشهد السياسي والانتخابي المغربي، هم من ثبت في حقهم خيانة الوطن والدولة ومحاولة تصفية الملوك . وثانيا، دائما يكتشف القصر متأخرا هذه الحقيقة، فيتم التنسيق من جديد مع الحركة الاتحادية من أجل إنقاذ الوطن والدولة، وبعد أن تتم المهمة، تبدأ رحلة سيزيف مرة أخرى ويظهر من يشوش على العلاقة، ويكيل الاتهامات لرموز الحركة الاتحادية، فيما قبل كانت الاتهامات الجاهزة هي : الخيانة والتنسيق مع جهات خارجية لقلب النظام أما الآن فمحاولة تصفية الحزب وعمقه الفكري فإنه يتم عبر سبل أخرى وعلى رأسها : استقطاب قواه الانتخابية إلى حزب معلوم، والابتزاز والتهديد والوعيد بالاعتقال والحرمان من الترشيح وفبركة الملفات القضائية، والكيل بمكيالين، حيث يتم شيطنة أعضاء الحزب واتهامهم لوحدهم بالفساد المالي وخصوصا في مناطق الصحراء المغربية، وهنا نطرح سؤالا مباشرا وصريحا: – لماذا بالضبط وبعد أن تم الإجهاز على القوة الانتخابية الضاربة لحزب الاتحاد الاشتراكي في شمال البلاد، يتم الآن تصفية الاتحاديين في جهات الجنوب دون غيرهم ؟ وهم من علامات تنظيم سير الدفاع عن مغربية الصحراء داخل المغرب -و أخص هنا جهات الصحراء الثلاث- وخارجه. – هل النظام السياسي والقانوني يبرئ كل منتسبي الأحزاب الأخرى، ويحصر الفساد فقط في حزب القوات الشعبية ؟!! – كم هو عدد الملفات القضائية المفتوحة ضد أقوياء الأحزاب السياسية في صحراء الجنوب المغربي من غير حزب القوات الشعبية ؟ – لماذا بالضبط تفتح أو تفبرك الملفات القضائية ضد أقوياء الاتحاد الاشتراكي والحركة الاتحادية عموما ؟ نضع هنا بكامل المسؤولية الوطنية يدنا على فداحة جرح العملية الانتخابية الانتقامية ضد حزب الاتحاد الاشتراكي ! ببساطة سنقول إن المؤامرة بدأت شمالا لتنتهي الآن جنوبا، تم تصفية الحزب القوي في جهات المملكة الشريفة شمالا، وجاء الدور الآن على جهات الجنوب، لقد نجحت العملية أولا في جهة سوس- ماسة، والخطوة التالية ستكون جهة كلميم -واد نون، وبعدها سيأتي الدور على جهتي العيون والداخلة بعد انتهاء مرحلة حمدي ولد الرشيد الذي لم يترك خلفا قويا في الحزب، وسيرث انتخابيا وسياسيا نفس الحزب الانتخابي والحركة الدعوية سياسيا الجنوب كله كما ورث شمال البلاد … وأنا أتوجه إلى حكماء هذه الدولة ورشدائها: ماذا وقع كل مرة حينما أطلقتم يد التيار الثالث ضد حزب القوات الشعبية، هل لمرة واحدة نجح حزبه المعلوم في الفوز بالانتخابات ؟ أبدا والتاريخ حكم بيننا . يقوم التيار الثالث بتصفية ممنهجة لكل المنافسين الانتخابيين الأقوياء للحزب المعلوم، وخصوصا الاتحاديين، ويفوز من ؟ حزب العدالة والتنمية ( برافو عليه لأنه يعرف جيدا كيف يقتنص فرصا تهديها بلادة التيار الثالث، كي لا أقول…..) إن ما قام به التيار الثالث سابقا كان مفهوما، لأنه كان يجد دوما الحركة الاتحادية في صف الدولة في اللحظات المفصلية، عندما كان يريد إسقاط النظام ومحاولة اغتيال ملك ما … و كان على التيار الثالث قبل أن يحاول ذلك، أن يصفي أولا أقوى تيار وطني يدافع عن ( وحدة الوطن وعن الملكية كنظام سياسي يضمن هذه الوحدة ). لكن ما يقوم به التيار الثالث منذ ثلاثة عقود وأكثر هذه الأيام، غير مفهوم وغير مبرر ! سواء ضد حزب القوات الشعبية أو ضد كل نزهاء الوطن في باقي الأحزاب الوطنية والديمقراطية، هو يقينا خدمة مقدمة لحزب العدالة و التنمية( الذي يتوافر أصلا على قاعدة وفية تتجاوز المليون ونصف مصوت + التصويت العقابي وطنيا ضد الحزب المعلوم لأنه هو المتحكم في الحكومة حقيقة+ التصويت العقابي لساكنة الشمال عموما بسبب أحداث الريف التي يحمل فيها الحزب المعلوم المسؤولية كاملة…. ) على طبق من ذهب من طرف التيار الثالث وحزبه الذي لن يفوز بأي جهة . ببساطة لأن جماهير الشعب المسحوقة لن تصوت عليه، أما الطبقة الوسطى وما يدور في فلكها من فئات فقد أعطت موقفها منه منذ المقاطعة المشهورة . هذا دون أن ننسى أن الوجوه التي رفضها المصوتون والتي تمتطي صهوة أحزاب التيار الثالث عند كل موعد انتخابي، وتترشح في « الحزب المختار « هي من تجمعت مرة أخرى في حزب التجمع، إذن من ( الخيمة خرج مايل ). أضف إلى ذلك كله أن مثل هذه الممارسات ترفع من نسبة العزوف عن المشاركة في العملية السياسية والانتخابية، وهذا ما سيستفيد منه حزب العدالة والتنمية لأن له قاعدة جماهيرية وتنظيمية وفية ومنضبطة. وليس لي إلا أن أقول: إذا لم يتدخل رشيد في هذه المهزلة لوقف غباء التيار الثالث: هنيئا منذ الآن لعبد الإله بنكيران ومريديه الصقور، والعثماني ومريديه الحمائم، وكل توزيع للأدوار بينكما، ضمنيا أو صراحة، وأنتم على كراسي الصدارة !