منذ سنين غير قليلة، وأنا أهتم بدراسة جماعات الإسلام السياسي في المغرب فكرا وممارسة. وخلال هذه المدة، ظلت تساورني شكوك في علاقات المخابرات التركية بهذه الجماعات وعلاقات العشق والدعم المتبادل بينهما. وبناء على تحرياتي الخاصة القديمة والحديثة جدا، قررت أن أكتب هذه الورقة القصيرة لتوضيح انخراط تركيا بمعية جنرالات الجزائر في مؤامرة ضد المغرب ووحدته الترابية… لقد اكتشف المغرب مخططا جزائريا تركيا يكشف عن اتفاق بينهما يرمي إلى إقامة قاعدة عسكرية تركية في الكويرة جنوب المغرب. ونظرا لحرص الدولة المغربية على أمن الوطن وسلامته، فقد تمكنت الأجهزة المغربية المختصة من إجهاض هذا المخطط السري الذي يهدد أمن المغرب وموريتانيا واستقرار المنطقة في آن واحد. هكذا، تم انخراط كل من المخابرات التركية والجزائرية ومسؤولين سياسيين وعسكريين من كلا البلدين في الإعداد لهذا المخطط خلال السنوات القليلة الماضية. وكان الهدف الأساس من وراء هذا المخطط هو البدء بالتوغل في شمال أفريقيا وصولا إلى القرن الأفريقي…. ولحسن الحظ، ونتيجة للمجهودات الجبارة التي تبذلها الدولة المغربية، فقد شكل اعتراف الولاياتالمتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ضربة قاضية لهذا المشروع ومخططاته الذي انطلق بالتدخل العسكري التركي في ليبيا بتحالف سري مع جنرالات الجزائر، ومع مرتزقة البوليساريو الذين تم دفعهم لاحتلال معبر الكركرات لفتح الطريق أمام تنظيمات إرهابية ترعاها المخابرات الجزائرية والتركية معا، ما يمكن أن نستنتج منه أن المخابرات الجزائرية أيضا ترعى الإرهاب وتوجهه وتموله… وقد سلكت تركيا هذا النهج، لأنها مهووسة بحلم إقامة الخلافة العثمانية في القرن الواحد والعشرين، ما يفيد أنها تخطط صحبة جنرالات الجزائر، الذين صاروا دمية في يدها، حيث يحاول الأتراك بمشاركة عسكر الجزائر محاصرة المغرب من حدوده الجنوبية خدمة لأطماعهما التوسعية. ومنذ تولي رجب أردوغان السلطة في تركيا وهو يسعى إلى غزو أفريقيا عبر إنفاق أموال طائلة بهدف خلق فتن ونزاعات قبلية وطائفية داخل بلدان أفريقيا لخلق بؤر توتر فيها بهدف بسط السيطرة التركية عليها لاحقا. ويتوهم جنرالات الجزائر أن تقوية سيدهم التركي، ستمكنهم من بسط سيطرتهم على شمال أفريقيا، ثم أفريقيا. وقد ينقلب ذلك ضدهم. لقد كان هم المخابرات التركية دائما هو التخلص من عقدتها التاريخية تجاه المغرب ومقاومته لها، لأن الخلافة العثمانية لم تتمكن أبدا من احتلاله. لهذا، فقد حاولت هذه المخابرات ضرب الاقتصاد الوطني المغربي عبر إغراق السوق المغربية بالسلع والبضائع التركية، لكنها فشلت في ذلك. وبعد ذلك، قررت الانتقال إلى استهدافه عسكريا باحتلال أراضيه عبر التواجد في المناطق العازلة، أو القريبة منها، أو في معبر الكركارات، أو احتلال مدينة الكويرة وإقامة قاعدة عسكرية فيها. يعلم كل المتتبعين والمهتمين أن السلطة التركية أقامت في السنوات الأخيرة العديد من القواعد العسكرية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وذلك إضافة إلى التواجد العسكري في ليبيا، كما أنها تسعى إلى إقامة قاعدة عسكرية في السودان. ومن المعلوم أيضا أن لتركيا قاعدة عسكرية في كل من الصومال ودجيبوتي والنيجير. ولن يتوقف طموحها عند هذا الحد، بل إنها ستنقلب في نهاية المطاف على ضباط الجزائر، حيث إنها تعتقد أن إعادة احتلالها للجزائر هو حق شرعي تاريخي. وستعمل على ارتكاب تلك الجريمة عبر إحداث القلاقل داخل الجزائر موظفة في ذلك كل الجماعات المتطرفة الإرهابية التي تمولها وتؤطرها، بما في ذلك مرتزقة البوليساريو. هكذا، فمن المحتمل جدا أن ينقلب سحر جنرالات الجزائر عليهم، حيث ستسعى المخابرات التركية إلى العصف بهم، وإلى محاولة احتلال وطنهم، لأنها لا تتوقف عن أن تستمر في الحلم، أو تتوهم أنها قادرة على استرجاع أمجاد الخلافة العثمانية، بل أكثر من ذلك. وهذا هو العماء عينه!! عندما نعود إلى العهدة الحكومية السابقة، نجد أن كل القرارات الجائرة، التي ضربت المكتسبات الاجتماعية للشعب المغربي، لم يكن الهدف منها هو استرجاع الاقتصاد المغربي لعافيته، بل كان الهدف منها هو خلق الشروط التي يمكن أن تحدث زلزالا اجتماعيا يقود إلى فتنة كبرى بهدف زعزعة الاستقرار في البلاد، ما يوفر الظروف لاختراق البلاد من قبل المخابرات التركية التي كانت دوما تستهدف المغرب. لقد كان رئيس الحكومة السابق يقدم نفسه على أنه قادر على تمرير القرارات الجائرة التي تعمق تفقير الشعب المغربي وتجويعه وتجهيله. وبذلك، فقد كان يقدم نفسه على أنه يقوم بمهام صعبة، لكن ذلك كان مجرد ذر للرماد في العيون بهدف التضليل من أجل إخفاء حقيقة خدمته للمصالح التركية التي تبحث عن محاصرة المغرب وتفتيته بهدف الهيمنة عليه. كما أنه ساهم في محاولة ضرب الاقتصاد المغربي عبر تسهيل إغراق الأسواق المغربية بالسلع التركية. هكذا، فإن رئيس السابق كان متواطئا مع المخابرات التركية… ونظرا للدعم المالي والسياسي الذي كان يحظى به هذا الرجل، فقد كان يطلق لسانه الشعبوي مستهترا بالدولة المغربية ومؤسساتها… فضلا عن ذلك، لقد قامت كل من الحكومة السابقة والحالية بإدخال المغرب وتكبيله بما لا طاقة له به من القروض الخارجية. ونظرا للوطنية الصادقة لوالي بنك المغرب، فقد قام مؤخرا بالدعوة إلى حسن تدبير قروض المغرب من الخارج، كما نبه إلى سوء تدبيرها وعواقبه… وعندما انهمكت الدولة المغربية في الكفاح من أجل حماية وحدته الترابية وكسب اعتراف الولاياتالمتحدةالأمريكية بشرعية سيادة المغرب على صحرائه، انخرطت جماعات الإسلام السياسي في المغرب في التعبير عن حقدها على الشعب المغربي ودولته عبر توجيه سهام نقدها إلى ارتباط المغرب دولة وشعبا بوحدته الترابية، حيث وجهت اتهامات كاذبة للمغرب بغية الإساءة إلى صورته. ونظرا لكون جنرالات الجزائر الذين، هم مجرد دمى في يد المخابرات التركية، قد قاموا بتحريف الدين ووظفوا أئمة المساجد في الجزائر، عبر تدبيج خطبة يوم الجمعة، لمحاولة الإساءة إلى المغرب. وسيرا على نهج ضباط الجزائر، فقد قامت جماعات الإسلام السياسي في المغرب بالعمل إعلاميا بنفس المنطق للنيل من الوحدة الترابية المغربية والساهرين على حمايتها… هكذا، يغدو جليا أن هذه الجماعات كانت دوما منخرطة مع المخابرات التركية في مؤامراتها ضد المغرب ووحدته الترابية.