يتضح من خلال الاتصال الذي جرى بين ملك البلاد والأمين العام للأمم المتحدة، أن المغرب متشبث باتفاق إطلاق النار، وتأمين سلامة العبور عبر الكركرات. كما يتضح أنه متشبث بالمسار السياسي السلمي. والموقف واضح، لا غبار عليه، سلس، يدافع عن وضع قائم عاد وطبيعي، بمقتضى بنود الاتفاق والشرعية الدولية. ويتشبث المغرب بوقف إطلاق النار، لسبب بسيط وعادي، ألا وهو حسمه للخيار العسكري، نهائيا على الأرض وفي الميدان منذ إقامة الجدار الأمني. وبذلك لا بد من أن يبقى على موقفه ثابتا، خاصة وهو يتحكم في الأرض، ويحقق مكتسبات ومنجزات ديبلوماسية، من فتح القنصليات، إلى تغيير منظومة الحل جدريا في ما له علاقة بالقرارات الأممية. فالمنظومة الجديدة للحل.، تطورت بالاتجاه الذي يريده هو، مما جعل الطرف الآخر، المزدوج في وضع الضيق والحرج. ولهم في ذلك ألف سبب، حيث إن تركيبة القضية تغير ت رأسا على عقب. كما سبق القول هنا في هذا المكان، لم يعد الاستفتاء مطروحا، وصارت الموائد المستدية هي أسلوب تدبير الحل .... ولم يعد تقرير المصير ولا بِناء دولة هو الأفق من الموائد المستديرة بل الحل السياسي المتوافق عليه بمواصفات الحكم الذاتي. ولهذا، فإن الطريقة التي يدبر بها المغرب ملفه، تقتضي البقاء في منطق الشرعية الدولية ..وليس هناك ما يدعوه إلى تكسير الجسر الذي يعبر منه إلى الحل. المغرب أيضا يتشبث، لأنه قادر، إذا استدعت الضرورة، أن يترجم ميدانيا قرارات مجلس الأمن بالحفاظ على الوضع الهادئ، وانسيابية العبور، وتحرك البشر، والسلع، والتجاوب مع نداءات الأممالمتحدة، كما حصل في فبراير 2017، عندما انسحب من الكركرات.. والمغرب، شريك للأمم المتحدة في السلام، في قضايا حارقة، كما هي قضية ليبيا. وصار معلوما أن خارطة الطريق التي احتضنها المغرب، هي أفق الحل في ليبيا، وفوق أرضه اجتمع الفرقاء الليبيون. والمغرب شريك، في السلام في العديد من النزاعات، حيث يشارك في القوى الزرقاء لحفظ السلام في بقاع عديدة من القارة،.. وهو منطق دولة كبيرة ومحترمة وذات مصداقية ، لها حضور غير الحضور الذي يكون للطرف الآخر المزدوج. بالنسبة للبوليزاريو، التي تلوح بالحرب، فهي فيما يبدو كانت كما لو أنها تستعد لذلك، بالافتعال الذي ذهبت إليه ومحاولة فرض واقع جديد. بالسرعة التي صعدت بها، والتجييش الذي قامت به، فهي تريد الضغط على الأممالمتحدة، بتقديم المغرب كما لو أنه مسؤول عن خرق وقف إطلاق النار. وهو أمر غير صحيح،لكن البوليزاريو، وضعت نفسها في طريق مسدود، قد ينقذها منه تعيين الأمين العام لمبعوث خاص، خلفا للألماني كوهلر، والذي كانت قد جعلت منه، هي والجزائرحصان طروادة في المعركة التي رافقت اجتماع مجلس الأمن.. كما لا شيئ يمكن أن يسمح لها بالخروج من الموائد المستديرة للبحث عن الحل، فهي لن تستطيع إعلان الحرب، لأنها ليست مسؤوليتها في البدء وفي المنتهى.. الجزائر التي تريد من الأزمة أن تظهر بأنها نزاع بين البوليزاريو والمغرب فقط، صارت في مفترق الطرق: لا يمكنها أن تتنكر للقرارات الأممية ولا يمكنها أن تغيرها، إذا نحن نظرنا إلى إصدار القرارات بأغلبية ساحقة لمجلس الأمن... وهي رهينة تطوراتها الداخلية، وتناقضات الهرم فيها.. الأفق هو للسلام، وللبناء المغرب في صحرائه ، وهذه الحقيقة لا يمكن نزعها من الدم المغربي. والجدران الشاملة، الأمنية، والتنموية والديبلوماسية تتحرك بدون توقف وبدون تردد.. وهو خلق أفق مغاير تماما.... يشيد بالسلام، ويؤَمَّن بالجيش!