هل سيكون القرار 2351، الصادر مساء يوم الجمعة الماضية عن مجلس الأمن، حول صحرائنا المغربية، بداية لانعطافة جديدة في حل هذا الملف الحيوي للمغرب والمغاربة وكل منطقتنا المغاربية والغرب متوسطية؟ إنه السؤال المحوري الذي يطرحه، بأمل، كل ملاحظ متتبع للملف، خاصة وأن حيثيات القرار، وما صاحبه من نقاشات دفعت إلى تأجيل التصويت 24 ساعة من الخميس إلى الجمعة، قد ركزت على أهمية استعادة المنتظم الدولي لأدواره كاملة في حماية تطبيق قرار وقف إطلاق النار بالمنطقة، الساري منذ 1991، وأن خرافة «الأراضي المحررة»، التي هي المناطق معزولة السلاح بين الجدار الأمني المغربي والحدود الدولية مع موريتانياوالجزائر، هي مجرد دعاية إعلامية لا أساس لها على أرض الواقع ميدانيا، وهو ما يعتبر انتصارا جديدا للقضية المغربية. لقد تأجل صدور القرار 2351، حتى تمتثل البوليزاريو، ومن ورائها الجزائر، لقرار سحب آلياتها العسكرية من منطقة الكركرات، وعودة انسيابية الحركة التجارية والسياحية بين المغرب وموريتانيا. وهو الانسحاب الذي يعتبر هزيمة سياسية لخصوم المغرب، كون النقطة تلك قد استعادت طبيعتها، بما يخدم الاستراتيجية المغربية، التي تأكد الجميع أنها منتصرة لتعزيز أسباب التنمية (من خلال تعبيد الطرق وتسهيل عبور الآليات والبشر)، ومنتصرة أيضا للأمن في معناه الشامل، من خلال مواجهة مافيات تهريب السيارات وكل أشكال التجارة غير المهيكلة وغير القانونية، التي ظلت جبهة البوليزاريو تستغلها كواجهة من واجهات الاغتناء غير المشروع لقادتها العسكريين من مختلف المستويات، وضمنها تهريب والمتاجرة في المساعدات الدولية لسكان المخيمات المحتجزين بتيندوف. مثلما أن القرار، رسم مجددا، الأفق التفاوضي لإيجاد حل سياسي سلمي متفق عليه من قبل كل الأطراف، تأسيسا على ما تراكم منذ 2007، أي منذ مرحلة تقديم المغرب لمقترح الحكم الذاتي الموسع، الذي وصفته بأنه ممتلك للمصداقية والجدية، مما ينهي مع كل المقترحات والطروحات والمشاريع التي كانت قبل ذلك التاريخ. إننا هنا، بإزاء ترجمة لروح ما سبق وصرح به المبعوث الأممي الأسبق، فان فالسوم، من استحالة تنظيم الاستفتاء في الصحراء ولا جدواه الإجرائية. دون إغفال الانتباه إلى لغة البلاغ، التي تسجل بارتياح وتقدير تجاوب المغرب مع مبادرات الأمين العام، المعززة للأمن والسلام، والمشجعة على فتح صفحة تفاوض جديدة بمنهجية جديدة وآفاق تفاوضية أكثر جدية، خاصة وأن القرار نص لأول مرة على إلزامية مشاركة دول الجوار (الجزائروموريتانيا) بجدية في تسهيل ذلك. نقطة أخرى مهمة، هي أن القرار الجديد، من حيث إنه جدد مهمة المينورسو لسنة إضافية، حرص على عدم تغيير مهامها كما تم تحديدها بدون أي تعديل يغير من هويتها كجهة أممية مكلفة بمراقبة تطبيق قرار وقف إطلاق النار، وتيسير أسباب اللقاءات الإنسانية بين العائلات من أبناء الصحراء المغربية، المحتجزين في تيندوف وأهلهم في مدن الصحراء الذين ينعمون بكل أسباب الأمن والتنمية والكرامة، بل إن تقرير الأمين العام الجديد السيد غوتيريس (الذي تبنى القرار الجديد كل ما جاء فيه) قد سجل بإيجابية ما قام به المغرب من منجزات تنموية بالجنوب، وكذا ما راكمه من ترسيم مؤسساتي لاحترام حقوق الإنسان، في مقابل تنصيصه على إلحاحية إحصاء سكان مخيمات تيندوف، الذي ترفضه كل من الجزائر وجبهة البوليزاريو إلى اليوم. إن الخلاصات الكبرى، التي أطلقها القرار الأممي الجديد، هي أن الحل السياسي أصبحت له إمكانيات جدية أكبر، وأن كل القوى المؤثرة والوازنة عالميا وضمن مجلس الأمن، قد توافقت أخيرا على استعجالية الانخراط في أفق جديد للتفاوض أكثر جدية وفعالية، لتسريع إيجاد حل نهائي سياسيا للملف، بسبب مخاطر التهديدات الإرهابية بالمنطقة كلها. وهذا هو نفسه ما ظل ينادي به المغرب والمغاربة منذ تاريخ افتعال هذه الأزمة التي تعطل ممكنات مغربية ومغاربية وغرب إفريقية عدة، تشكل حجر الزاوية في تسريع حقوق شعوب المنطقة في الاستقرار والأمن والتنمية والكرامة. ومن هنا يكتسب معنى الأمل، في صدور هذا القرار الجديد، كل قوته وجديته، لأنه يؤكد أن عدالة القضية المغربية في استكمال وحدته الترابية هي المنتصرة، بروح التعاون وحماية المصالح الاستراتيجية للمنطقة وشعوبها.