حل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بملف الصحراء، كريستوفر روس، أمس بالمغرب، المحطة الأخيرة في جولته بالمنطقة، بعد زيارته لكل من الجزائر العاصمة ومخيمات تيندوف والعاصمة الموريتانية نواكشوط. وتمهد زيارة روس للمنطقة لاستئناف المفاوضات حول ملف الصحراء المغربية التي توقفت منذ نحو عامين، على أساس مقترح جديد يتمثل في إبعاد الدولتين الملاحظتين عن المفاوضات، والاكتفاء بعقد لقاءات بين المغرب وجبهة البوليساريو. ووصل روس إلى المغرب قادما إليها من الجارة الجنوبية، موريتانيا، في محاولة أخرى لإحياء المسلسل التفاوضي الرامي إلى التوصل لحل سياسي مقبول من كل الأطراف للنزاع في الصحراء. حيث أجرى لقاء في نواكشوط مع الوزير الأول الموريتاني، مولاي ولد محمد لغظف، بحضور المنتدب المكلف بالمغرب العربي، وعدد من المسؤولين الموريتانيين بينهم القائم بأعمال البعثة الدائمة لموريتانيابالأممالمتحدة. وينتظر أن يعقد المبعوث الأممي لقاءات مع كبار المسؤولين المغاربة حول آخر التطورات في ملف الصحراء المغربية، ونتائج لقاءاته مع الأطراف الأخرى المعنية بالنزاع. في وقت لم يتأكد بعد ما إذا كان كريستوفر روس سيزور الأقاليم الجنوبية، كما فعل خلال زيارتيه الأخيرتين. وتشير كل المؤشرات إلى أن كريستوفر روس يحمل معه اقتراح عقد الجولة المقبلة من المفاوضات بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، وهو ما يعني عمليا استبعاد دعوة الجزائر والجمهورية الإسلامية الموريتانية، باعتبارهما عضوين ملاحظين، لحضور الجولة المقبلة. هذا الاقتراح لقي معارضة شديدة من طرف البوليساريو وصنيعتها الجزائر، على اعتبار أن الأخيرة هي الوصية عن الانفصاليين، بزعامة محمد ولد عبد العزيز الذي لا يملك حرية القرار في غياب نظام الجنرالات الذي يحرك عبد العزيز بوتفليقة. وكان من تداعيات تسريب هذا الاقتراح تهديد البوليساريو بعدم حضور أي مفاوضات مقبلة حول الصحراء، حيث تعمد زعيم البوليساريو الإعلان عن هذا الموقف، وهو ما أثار انقساما داخل قيادة الجبهة، قبل أسابيع قليلة، تنذر بتصدع في صفوفها. واتهم قياديون بالرابوني محمد عبد العزيز بالولاء الكامل للجزائر والمخابرات العسكرية التي تفرض عليه إملاءاتها، وعدم قدرته على اتخاذ مواقف سواء التي تخدم مصلحة المحتجزين بمخيمات تيندوف أو التي تتعلق بالمفاوضات حول الصحراء. واعتبر المعارضون لموقف الزعيم الأبدي للبوليساريو، بأن المفاوضات التي تشرف عليها الأممالمتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي للنزاع في الصحراء «مكسب كبير»، وأن الانسحاب منها «يعد بمثابة انتحار». التهديد بالانسحاب من المفاوضات لم يكن في الواقع سوى جعجعة بلا طحين من طرف قيادة البوليساريو، حيث تفادى زعيمهم إثارة الموضوع مع كريستوفر روس خلال لقائه به نهاية الأسبوع الماضي، خصوصا بعد ردود الفعل القوية من طرف معارضي الموقف، الذين باتوا يشكلون تكتلا قويا داخل القيادة، وانضمام قياديين آخرين إلى التعبير عن رفضهم لهذا الموقف. ولم يصدر عن جبهة البوليساريو أي موقف بخصوص ما تم تداوله حول مقترح المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، واكتفت بترديد نفس الأسطوانة التي لم تعد تثير اهتمام أحد، والتي تتعلق بتوسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، بينما اكتفت موريتانيا بالقول إن المبعوث الشخصي للأمين العام بحث معها التطورات الأخيرة حول ملف الصحراء. وكان روس قد استهل جولته إلى المنطقة الاثنين ما قبل الماضي من العاصمة الجزائرية، قبل أن يتوجه، السبت الماضي، إلى مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، حيث مخيمات اللاجئين، وبعدها إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، قبل أن يحل بالرباط آخر محطة في جولته الحالية. وكانت آخر جولة للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كريستوفر روس في أكتوبر الماضي قادته إلى كل من المغرب والجزائروموريتانيا ومخيمات تندوف، وللمرة الثانية على التوالي قام روس بزيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة حيث التقى مع العديد من الفعاليات الصحراوية من سلطات ومنتخبين وممثلي المنظمات الحقوقية، وأيضا الموالين للبوليساريو، وعقب هذه الجولة قدم روس إفادة شفوية أمام مجلس الأمن شهر نونبر 2013.